قال وزير الشؤون الاجتماعية وشؤون الأسرة والطفولة الشيخ فراس الصباح أمس الأول الإثنين إن دولة الكويت تحتفل مع الأوساط الدولية باليوم العالمي للتوعية بمرض التوحد الذي يصادف الثاني من أبريل سنويا مؤكدا الحرص على "تطوير الخدمات المقدمة لهم لتحسين ظروفهم الحياتية".
وأضاف وزير الشؤون في تصريح صحفي بهذه المناسبة أن اليوم العالمي للتوعية بمرض التوحد هو يوم أعلنته الأمم المتحدة بالإجماع منذ عام 2007 لتسليط الضوء على مصابي التوحد وحاجتهم للمساعدة من أجل تحسين حياتهم وتقليل معاناتهم حتى يتمكنوا من العيش حياة أسهل كاملة كجزء لا يتجزأ من المجتمع.
وأوضح أن دولة الكويت ممثلة في الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة كانت ولا زالت سباقة ورائدة في رعاية وتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة وتحرص دائما على تطوير الخدمات المقدمة لهم لتحسين ظروفهم الحياتية من خلال توفير الرعاية الصحية والنفسية والتأهيلية وتوفير الدعم التعليمي والمدارس الخاصة بهم.
وذكر أن من شأن تقديم الدعم المناسب لمرضى التوحد والتكيف مع هذا المرض وقبوله أن يتيح للمصابين به التمتع بتكافؤ الفرص والمشاركة الكاملة والفعالة في المجتمع حتى ننتقل من مجرد رفع مستوى الوعي إلى تعزيز قبول وتقدير الأشخاص المصابين بالتوحد ومساهماتهم في المجتمع.
وأفاد بأن مشاركة دولة الكويت في الاحتفالية الدولية يمثل إيمانا منها بالاهتمام بذوي الإعاقة عامة والمصابين بـ"التوحد" خاصة من خلال الاهتمام بتعليمهم وتأهيلهم وتشغيلهم كبقية أفراد المجتمع.
وشدد على أهمية الأخذ بعين الاعتبار هذه الفئة من خلال التعريف بماهية التوحد ليكون لكل فرد دوره في تقديم العون لمصابي اضطرابات التوحد وأسرهم فضلا عن دمج مصابي التوحد في المجتمع وتعزيز ثقتهم في أنفسهم وتحسين جودة حياتهم وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم والتوعية بحقوقهم ونشر الوعي بضرورة الاهتمام بهم ونشر معلومات عن البرامج التأهيلية والتربوية المناسبة لهم.
وأوضح وزير الشؤون أن المصابين بمرض التوحد لديهم القدرات الكاملة ويتمتعون بجوانب القوة والضعف مثل بقية أفراد المجتمع مبينا أن الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة تبذل جهودا حثيثة لتذليل كل العقبات والحواجز التي تعترض طريق اندماجهم في المجتمع.
وأشار إلى أن الهيئة تولي أهمية كبيرة بالرعاية الصحية لمرضى التوحد وكذلك بتوعية الجمهور في تحقيق نوعية حياة مثلى من خلال الرعاية الأبوية والدعم والتوجيه الطبي بالرعاية الصحية والنفسية والتأهيلية لمرضى التوحد حتى يتمكنوا من تحقيق النجاح المستدام والدمج في سوق العمل وتعزيز التعليم الجيد الشامل وإبراز إسهاماتهم في جميع مناحي الحياة.
على صعيد متصل شاركت الكويت العالم أمس احتفاله باليوم العالمي للتوعية بمرض التوحد الذي يتضمن رسائل إرشادية وتوعوية تسلط الضوء على ما يعانيه الأفراد المصابون بالمرض وكيفية التعامل معهم وفهم متطلباتهم ودعم ذويهم.
ويهدف الاحتفال السنوي الذي أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2007 وبدأ تطبيقه في الثاني من ابريل عام 2008 إلى التحفيز على نشر الوعي بمرض التوحد ودعم برامج التعليم للمرضى وتسليط الضوء على ما أبرزته الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي تؤكد أن الأشخاص المصابين بمرض التوحد هم مواطنون متساوون ينبغي أن يتمتعوا بجميع حقوق الانسان والحريات الأساسية.
وعن الاحتفال بذلك اليوم قالت رئيسة مجلس إدارة جمعية التوحد الكويتية ومؤسس مركز الكويت للتوحد ورئيسة منظمة التوحد العالمية الدكتورة سميرة السعد إن فكرة هذا اليوم العالمي انطلقت من دول الخليج العربي عام 2002 مع إنشاء الرابطة الخليجية للتوحد حيث اتفق أعضاء الرابطة على إقامة احتفال خليجي في الثاني من ابريل كل عام.
وأضافت السعد في لقاء مع "كونا" أمس الأول الاثنين انه بعد عرض موضوع الاحتفال بيوم عالمي للتوحد على منظمة الأمم المتحدة وافقت المنظمة على الاحتفال بذلك اليوم بدءا من عام 2008 ليكون يوما عالميا.
وأوضحت انه تم تقديم برنامج مركز الكويت للتوحد منذ 1994 كنموذج ناجح لتعليم وتدريب المصابين بالتوحد يمكن تكراره داخل الكويت وخارجها مشيرة إلى تحقيق المركز نتائج جيدة وملموسة في تقدم المصابين بالتوحد بالتعاون مع الأسر والمجتمع.
وأفادت ان المركز افتتح في عام 2011 مبنى الخدمات المتكامل ليكون قبلة للزوار من داخل الكويت وخارجها ولنقل التجربة الكويتية الناجحة في هذا المجال وبيان ما يحتاجه المصاب بالتوحد من فريق متكامل محب لتعليمه وتدريبه.
وقالت السعد انه على مدار السنوات الماضية حرص المركز على نشر الوعي بالتوحد وإشعار أسرة المصاب به بأنها ليست وحيدة وأن ابنها يمكنه التعلم والتدرب وسيبدع ويتطور بفضل الله ثم بالتعليم المتخصص اضافة الى توعية المجتمع باحتياجات هذا المصاب وضرورة التعرف عليه وتشجيعه ومصادقته.
وذكرت ان المركز أصدر أكثر من 20 كتابا وقصة في مجال التوحد وزع الآلاف منها مجانا ونظم دورات تدريبية للمختصين كما كانت الكويت رائدة في تنظيم أول مؤتمر عن التوحد في الشرق الأوسط عام 2000 ثم تنظيم مؤتمر عالمي للتوحد عام 2014 لمنظمة التوحد العالمية الذي يعقد كل أربع سنوات في احدى دول العالم.
وفي السياق نفسه اشاد عدد من الاكاديميين والمتخصصين في لقاءات متفرقة مع "كونا" بالاهتمام الكبير الذي توليه الجهات المعنية في الكويت بفئة المصابين بالتوحد ورعايتهم من خلال جوانب عديدة كإنشاء المراكز المتخصصة وتنظيم الفعاليات التي تسهم في توعية المجتمع بهذا المرض وتسليط الضوء على معاناتهم ودمجهم في المجتمع من خلال برامج علاجية فعالة.
من جهتها قالت استاذة علم النفس في جامعة الكويت الدكتورة فاطمة عياد ان الكويت تعتبر من افضل الدول العربية التي تهتم بشؤون ذوي الاحتياجات الخاصة ومنهم مرضى التوحد من خلال الهيئات المتخصصة والمراكز المتطورة.
واشارت الى وجود عدد كبير من الخبراء والمتخصصين الكويتيين المعنيين بمتابعة مرض التوحد داعية الى تعزيز قدرات العاملين في الجهات والمراكز المعنية من خلال الدورات التدريبية المتميزة والمشاركة في الفعاليات العالمية المتخصصة.
ولفتت الى وجود دراسات تشير إلى احتمالات عدة للاصابة بمرض التوحد مبينة ان من تلك الاحتمالات تأثير البيئة وكذلك الأم التي يطلق عليها "الام الثلاجة" لعدم اظهارها أي نوع من العاطفة او الشفقة لطفلها المصاب بهذا المرض.
وشددت على أهمية اكتشاف مرض التوحد في أسابيعه أو أشهره الأولى والتأكد من التشخيص الصحيح له مبينة أن مرض التوحد ينقسم إلى عدة فئات "فهناك من يعاني من التوحد الا انه على درجة عالية من الذكاء وهناك من يعاني من التوحد ولديه تخلف عقلي ويعجز عن التواصل مع الاخرين ويكون متمركزا حول ذاته و منعزلا عن الاخرين".
من جانبها قالت عضو هيئة التدريس في قسم علم النفس بجامعة الكويت الدكتورة أمثال الحويلة ان لدى الكويت ما بين 20 و30 مركزا حكوميا وخاصا لتنمية المهارات وتعديل السلوك والعلاج الوظيفي لمرضى التوحد كما توفر الكويت مدارس خاصة للمصابين به.
وأوضحت أن التوحد هو اضطراب تنموي منتشر يختص بالتحديات في التواصل الاجتماعي والتفاعل إلى جانب أنماط السلوك أو الاهتمامات أو الأنشطة المقيدة والمتكررة مبينة أن أسباب مرض التوحد متنوعة ومعقدة إذ لا يوجد حتى الآن سبب مؤكد ومحدد له.
وذكرت انه اعتبارا من عام 2009 مثلت المتلازمات الجينية والطفرات والأمراض الايضية ما يصل إلى 20 في المئة من حالات التوحد مضيفة انه غالبا ما تكون هناك سمة من سمات المتلازمات الجينية التي تتضمن علامات وأعراضا تؤثر على أجزاء مختلفة من الجسم مترافقة مع مرض التوحد.
وافادت الحويلة ان هناك اعتقادا بأن العديد من الاختلافات الجينية الشائعة تؤثر في الإصابة باضطراب طيف التوحد لكن ربما لا يتأثر جميع الأشخاص الذين لديهم واحد أو أكثر من هذه الاختلافات الجينية.
ودعت إلى انشاء مكتبة تضم مختلف المؤلفات والبحوث المتخصصة بالتوحد والتنسيق بين المراكز المتخصصة وإنشاء خط ساخن للآباء والقائمين على رعاية مرضى التوحد لتوفير الدعم الدائم لهم إضافة الى إصدار "بطاقة طفل توحدي" لغرض تسهيل إجراءات الطفل سواء في المستشفيات أو المطارات أو المؤسسات الخدمية العامة.
وأكدت أهمية دعم هذه الفئة لنسهم في تعايشهم ودمجهم مع المجتمع بشكل يوفر لهم التكيف المناسب مع كل ظروف الحياة ويساعدهم على تحدي الخصائص المختلفة التي يشعرون بها بطرق فعالة.
بدورها قالت عضو هيئة التدريس في قسم علم النفس بجامعة الكويت الدكتورة نادية الحمدان إن هناك نحو 20 ألف شخص مصابين بمرض التوحد في الكويت مبينة أن احصائيات منظمة الصحة العالمية تظهر أن هناك طفلا واحدا من بين 160 طفلا يصاب بالتوحد في العالم في حين ترتفع نسبة الإصابة به في الوطن العربي.
وأشارت الحمدان إلى وجود عدة مراكز معتمدة في علاج التوحد في الكويت داعية إلى دعم هذه المراكز من الجهات المعنية وتعزيزها بالخبرات المتخصصة من الأطباء والفنيين والمعالجين النفسيين والاجتماعيين.
وأشادت بدور مركز الكويت للتوحد الذي أصبح بؤرة استقطاب على المستوى العالمي للعديد من الأبحاث والفعاليات منوهة بدور جمعية التوحد الكويتية في تنظيم الفعاليات التي تسهم في التعريف بمرض التوحد وتسليط الضوء على معاناتهم ومتطلباتهم.
ونوهت بدور الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة في دعم الأفراد الذين يعانون من التوحد وذوي الإعاقة وما يحتاجونه وذلك من خلال أمور عدة منها تنظيم الفعاليات العلمية التي تعزز مهارات المتخصصين بهذه الفئة وتوفير الدعم والتوعية لأسر مرضى التوحد.
ويعتبر التوحد اضطرابا في الجهاز العصبي للإنسان يؤثر على جميع جوانب النمو الممثلة متجليا في صورة قصور في جوانب عديدة كالتواصل والسلوك والتعلم والتفاعل دون أن يكون هناك سبب محدد للإصابة به فضلا عن عدم وجود علاج نهائي له حتى الآن.