«وكالات» : باشر الخبراء الروس فحص الرأس الحربي لصاروخ «هيمارس» أسقطته وسائط الحرب الإلكترونية الروسية بمنطقة العملية العسكرية بأوكرانيا، لكشف آخر ما توصلت إليه ماكينة واشنطن الصاروخية.
وقال خبير روسي في حديث للإعلام المحلي: «في الوقت الحالي ندرس الرأس الحربي لصاروخ «هيمارس» بعناية، ماذا وكيف يعمل... الجزء المسؤول عن تشغيل الصاروخ نفسه بالكامل، بدأنا في تفكيكه ونقوم بدراسته». وأضاف: «بين أيدينا الآن نظام التحكم لمثبتات ذروة الرأس والدارات الدقيقة ومنظومته الإلكترونية. سنحلل مكوناته كافة».
وأكد أنه «ما يهمنا كشف أسرار ومواصفات الجزء المسؤول عن تشغيل الصاروخ بالكامل».
وتم تطوير صواريخ «هيمارس» في مختبرات «لوكهيد مارتن» الأمريكية، بين أعوام 1996 و2000، وبدأ إنتاجه عام 2003، وكلّف ابتكاره وإنتاجه الخزينة الأمريكية مليارات الدولارات.
أكدت وزارة الدفاع الروسية، في بداية شهر سبتمبر الحالي أنها «أسقطت أنظمة الدفاع الجوي ثلاث قنابل جوية من طراز «هامر» فرنسية الصنع، وستة صواريخ «هيمارس» أميركية الصنع، و»فامبير» تشيكية الصنع، بالإضافة إلى 171 مركبة جوية من دون طيار».
وفي أغسطس أقر الجيش الأوكراني بأن قواته تستخدم أنظمة صواريخ هيمارس أميركية الصنع في تدمير جسور عائمة ومعدات هندسية في منطقة كورسك الروسية وتستهدف الخدمات اللوجستية في توغلها الكبير عبر الحدود.
وكان البنتاغون قد أعلن في 23 أغسطس الماضي، عن حزمة مساعدات أخرى بقيمة 125 مليون دولار لكييف، تشمل ذخائر لراجمات «هيمارس» وقذائف مدفعية.
من ناحية أخرى يوم جديد من التصعيد والاقتتال تشهده، الأحد، الجبهات الروسية الأوكرانية، فيما يحاول الجيش الروسي بسط السيطرة على المزيد من الأراضي الأوكرانية، فيما تحاول قوات كييف صد الدب الروسي بالاستعانة بالدعم العسكري الغربي.
وفي آخر التطورات الميدانية، قال مسؤولون محليون إن شخصين قتلا في هجوم صاروخي على مدينة أوديسا الساحلية الأوكرانية على البحر الأسود، فيما تبادلت موسكو وكييف الهجمات بالطائرات المسيرة والصواريخ.
وقالت وزارة الدفاع الروسية، أمس الأحد، إن وحدات الدفاع الجوي دمرت 29 طائرة مسيرة أطلقتها أوكرانيا أثناء الليل مستهدفة 7 مناطق روسية.
وأضافت الوزارة في منشور على موقع «تليغرام» أن 15 طائرة مسيرة أسقطت فوق منطقة بريانسك على الحدود مع أوكرانيا، في حين تم تدمير البقية فوق مناطق سمولينسك وأورلوف وبيلغورود وكالوغا وروستوف.
يأتي ذلك فيما قالت القوات الجوية الأوكرانية، أمس الأحد، إن وحدات الدفاع الجوي دمرت عشرة من أصل 14 طائرة مسيرة أطلقتها روسيا اللية الماضية مستهدفة أراضيها.
وأضافت عبر تطبيق «تليغرام» أن روسيا أطلقت أيضا صاروخين باليستيين من طراز «إسكندر إم» وصاروخا موجها من طراز «كيه.إتش-59» مستهدفة منطقة أوديسا جنوب أوكرانيا.
وأشارت القوات الجوية إلى أن الصاروخ الموجه تم تدميره لكنها لم تفصح عن مصير الصاروخين من طراز «إسكندر» وما إذا كان الهجوم قد أسفر عن أضرار.
هذا وذكرت وكالة «تاس» الروسية للأنباء أمس أن أطقم أسطول بحر قزوين الروسي تدربت على صد هجمات ليلية من قبل زوارق مسيرة في إطار تدريبات «أوشن 24».
وتجري روسيا والصين تدريبات مشتركة ضمن أكبر مناورات بحرية روسية منذ الحقبة السوفييتية.
من جهة أخرى ناقوس الخطر يدق منذ أيام في لندن وواشنطن، مرفقا بقلق بريطاني- أميركي مشترك، من تقييمات استخباراتية تفيد بأن روسيا «تقاسمت أسراراً نووية» مع إيران مقابل حصولها على صواريخ باليستية لقصف أوكرانيا، وفقا لتقرير نشرته السبت صحيفة «الغارديان» البريطانية، استنادا لاجتماع عقده رئيس الوزراء البريطاني، السير كير ستارمر، مع الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الجمعة في واشنطن.
ناقش الزعيمان الظروف المقلقة المتمثلة في تعزيز التعاون العسكري بين موسكو وطهران في وقت تقوم فيه الأخيرة بتخصيب ما يكفي من اليورانيوم لإكمال هدفها الذي طالما سعت إليه لبناء سلاح نووي، بحسب ما نقلت الصحيفة عن مصادر لم تسمها، من أن «المخاوف أثيرت بشأن دور روسيا في سعي إيران لامتلاك القنبلة».
وفي اجتماعه مع نظيره البريطاني في لندن في وقت سابق من الأسبوع الماضي، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن «روسيا من جانبها تتقاسم التكنولوجيا التي تسعى إيران إليها، وهذا طريق ذو اتجاهين، بما في ذلك القضايا النووية، وكذلك بعض المعلومات الفضائية».
وخلال قمتهما في واشنطن يوم الجمعة، أقر كير ستارمر والرئيس بايدن بأن البلدين يعززان التعاون العسكري في وقت تقوم فيه إيران بتخصيب ما يكفي من اليورانيوم لإكمال هدفها الذي طالما تمسكت به لبناء قنبلة نووية. كما وجه بلينكن تحذيرا يوم الثلاثاء الماضي، أثناء زيارة إلى لندن لحضور قمة مع نظيره البريطاني ديفيد لامي، إلا أن التركيز كان على الإعلان الأمريكي عن إمداد إيران لموسكو بالصواريخ.
واتهم بلينكن البلدين بالانخراط في أنشطة مزعزعة للاستقرار «تزرع انعدام الأمن بشكل أكبر» في معظم العالم. كما حذرت بريطانيا وفرنسا وألمانيا بشكل مشترك الأسبوع الماضي من أن مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب «استمر في النمو بشكل كبير، من دون أي مبرر مدني موثوق به»، وأنه تراكم أربع «كميات كبيرة» يمكن استخدام كل منها لصنع قنبلة نووية.
وكانت إيران توصلت في 2015 إلى اتفاق لوقف تصنيع الأسلحة النووية، مقابل تخفيف العقوبات عنها مع الولايات المتحدة ودول غربية أخرى، إلا أنه تم التخلي في 2018 عن الاتفاق من قبل الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب، فردت إيران بانتهاك الحدود المتفق عليها لكمية اليورانيوم المخصب التي يمكنها الاحتفاظ بها.
وكانت إيران، بدأت بعد وقت قصير من غزو روسيا الكامل لأوكرانيا، بتوريد مسيرات مجنحة، طراز شاهد دلتا، إلى موسكو، وساعدتها في بناء منشآت لصنع المزيد لقصف أهداف في جميع أنحاء أوكرانيا. وفي أبريل الماضي، شنت إيران هجوما بالصواريخ والمسيرات على إسرائيل، منعت الولايات المتحدة وبريطانيا معظمه بشكل أساسي.
ومع الوقت أصبحت روسيا وإيران، برغم عدم كونهما حليفتين تاريخيا، متحدتين بشكل متزايد في معارضتهما للغرب، كجزء من «محور الاضطرابات» الأوسع الذي يشمل أيضًا بدرجات متفاوتة الصين وكوريا الشمالية، ما عكس العودة إلى عصر المنافسة بين الدول الذي يذكرنا بالحرب الباردة.
ولخص بلنكين الأسبوع الماضي في لندن، التقارب الإيراني- الروسي، بقوله إن المخابرات الأمريكية خلصت إلى أن الدفعة الأولى من صواريخ «فتح-360» الباليستية الإيرانية عالية السرعة، بمدى يصل إلى 120 كيلومترا، تم تسليمها إلى روسيا، كسلاح قادر على ضرب المدن الأوكرانية التي تعرضت للقصف بالفعل، ودفعت إلى إعادة تقييم دراماتيكية في التفكير الغربي، بالإضافة إلى فرض عقوبات اقتصادية جديدة.
ويوم الخميس الماضي، سافر رئيس الوزراء البريطاني، السير كير ستارمر، إلى واشنطن، لعقد قمة خاصة للسياسة الخارجية مع الرئيس بايدن في البيت الأبيض، فبدأ باجتماع قصير فردي في المكتب البيضاوي مع الرئيس، تلاه اجتماع لمدة 70 دقيقة مع كبار فرق السياسة الخارجية لكلا الجانبين في الغرفة الزرقاء، وناقش الزعمان ومساعدوهما الحرب بأوكرانيا والأزمة في الشرق الأوسط وإيران والمنافسة الناشئة مع الصين.
وقبل الاجتماع، أشارت مصادر بريطانية إلى أن البلدين اتفقا من حيث المبدأ على السماح لأوكرانيا بإطلاق صواريخ Storm Shadow الأنجلو- فرنسية، بعيدة المدى، على روسيا لأول مرة. لكن بايدن بدا وكأنه يشير إلى أن الموضوع كان أحد أسباب اللقاء وجها لوجه، وقال للصحافيين: «سنناقش ذلك الآن» أي في الاجتماع.
من ناحية أخرى قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك ساليفان، السبت، إن الولايات المتحدة تخشى هجمات روسية على محطات نووية أوكرانية، وتسعى لمساعدة أوكرانيا على حمايتها.
وقال في منتدى يالطا للاستراتيجية الأوروبية في كييف، والذي شارك فيه عبر الفيديو، «لقد أظهرت روسيا وحشية كبيرة في هجماتهم على البنى التحتية المدنية للطاقة. لقد أطلقوا النار بالفعل على محطات الطاقة النووية الأوكرانية، وأعتقد أن ذلك قد يحدث مجدداً».
وأشار إلى أن «مسائل لوجستية وليس ضعف الإرادة، هي سبب تأخر المساعدة إلى أوكرانيا»، معترفاً في نفس الوقت بأن على واشنطن بذل المزيد من الجهود لمساعدة كييف في تصديها للغزو الروسي.
وقال إن «المسألة لا تتعلق بالإرادة السياسية، إنما بالتغلب على تلك المسائل اللوجستية الصعبة والمعقدة» في إشارة إلى المساعدة العسكرية.
وأضاف «بالنظر لما تواجهه أوكرانيا، يتعين أن نبذل المزيد من الجهود، ويجب أن نقوم بذلك بشكل أفضل».
من جانبه قال وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، إن الغرب لن يخضع للترهيب بسبب تهديد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بشن حرب شاملة مع حلف شمال الأطلسي (ناتو)، في حال تم إعطاء الإذن لأوكرانيا باستخدام أسلحة غربية لضرب الداخل الروسي.
ونقلت وكالة الانباء البريطانية (بي إيه ميديا)، أمس الأحد، عن لامي القول، إن المحادثات مستمرة مع الولايات المتحدة والحلفاء بشأن إعطاء كييف الإذن باستخدام صواريخ من طراز «ستورم شادو»، من المملكة المتحدة، لضرب القواعد الجوية الروسية والمواقع العسكرية التي تستخدم لشن الهجمات على أوكرانيا.
وكان وزير الخارجية جزءاً من محادثات دبلوماسية مكثفة جرت الأسبوع الماضي بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة في كييف وواشنطن، والتي فشلت حتى الآن في التوصل إلى قرار.
ومن جانبه، ضغط الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مراراً على زعماء الغرب، للحصول على إذن باستخدام الأسلحة، التي زودوه بها لضرب مواقع داخل روسيا.
وحذر بوتين من أن السماح بشن ضربات بعيدة المدى «سيعني أن دول حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة والدول الأوروبية، في حرب مع روسيا».
وقال لامي إن هناك «الكثير من التهويل» من جانب بوتين، ولكن «لا يمكن أن ننحرف عن المسار بسبب فاشي إمبريالي.. يرغب في دخول الدول كيفما شاء».
وأوضح لهيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي)، أن المحادثات ستستمر مع رئيس الوزراء كير ستارمر، والرئيس الأمريكي جو بايدن، وزيلينسكي، في الأمم المتحدة بنيويورك، في وقت لاحق من الشهر الجاري.