«وكالات» : تعيش إسرائيل حاليا حالة عزلة دولية، ربما لم تعرفها طيلة تاريخها، وتتعرض لحصار سياسي وقانوني غير مسبوق، بسبب جرائمها المروعة في حرب الإبادة التي تشنها ضد الشعب الفلسطيني، في قطاع غزة، فإضافة إلى إعلان ثلاث دول أوروبية هي النرويج وأيرلندا وإسبانيا، اعترافها الرسمي بالدولة الفلسطينية، فيمل يتوقع أن تحذو دول أوروبية وغير أوروبية حذو تلك الدول الثلاث، خلال الأسابيع المقبلة، أوعز رئيس كولومبيا بفتح سفارة لبلاده في رام الله.
على صعيد الملاحقة القانونية للكيان الصهيوني، أعلنت محكمة العدل الدولية، أمس الخميس، أنها ستصدر قرارها، اليوم الجمعة، بشأن طلب جنوب أفريقيا توجيه أمر لإسرائيل بوقف إطلاق النار في غزة، فيما تشير تقديرات إسرائيلية إلى أن المحكمة ستصدر أوامر لوقف الحرب. ونقلت صحيفة يسرائيل هيوم العبرية أمس، عن مصدر دبلوماسي لم تسمّه، أنه وفقاً لتقديرات الجهات القضائية المهنية "الإسرائيلية"، هناك احتمال كبير بأن تحسم محكمة العدل الدولية الجمعة هذا الأمر وتقرر وقف الحرب.
وأشارت الصحيفة إلى احتمالية اتخاذ محكمة العدل الدولية أحد القرارين: إما إصدار أوامر لوقف العملية العسكرية في رفح، وإما إصدار أوامر لوقف الحرب على قطاع غزة عامة. وكانت المحكمة قد أمرت في جلستها الماضية في يناير الماضي باتخاذ عدة تدابير، منها إصدار أوامر بزيادة المساعدات الإنسانية الداخلة إلى قطاع غزة، ولكن التقديرات الإسرائيلية تشير هذه المرة إلى أنها لن تكتفي بذلك، وقد تتجه إلى وقف الحرب على غزة.
وعقدت محكمة العدل الدولية، يوم الخميس قبل الماضي والجمعة الماضي، جلسات استماع لبحث الطلب الذي تقدمت به جنوب أفريقيا، لإصدار أمر عاجل يقضي باتخاذ تدابير إضافية لحماية الفلسطينيين في غزة في أعقاب اجتياح مدينة رفح. وطلبت دولة جنوب أفريقيا، خلال الجلسة يوم الخميس الماضي، من محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة، أن تأمر إسرائيل بوقف عملياتها العسكرية في قطاع غزة وأن تنسحب انسحاباً كلياً وفورياً من جميع أراضي القطاع، قائلة إنّ الشعب الفلسطيني يواجه "إبادة مستمرة".
في سياق متصل، يعيش الاقتصاد الإسرائيلي على وقع تطورات متلاحقة، فقد طرح إعلان كل من النرويج وأيرلندا وإسبانيا الاعتراف بدولة فلسطين، تساؤلات بشأن مستقبل علاقات إسرائيل الاقتصادية والسياسية مع أوروبا.
وحددت الدول الثلاث، أمس، يوم 28 مايو باعتباره اليوم الذي ستعترف فيه بشكل مشترك بالدولة الفلسطينية، وهذه "الموجة الأولى" من الاعتراف، من المتوقع أن تنضم إليها دول أخرى، وقدرت وسائل الإعلام الأوروبية أن كلاً من مالطا وسلوفينيا ستعلنان الخطوة ذاتها خلال "أسابيع قليلة".
وقاد رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز هذه الخطوة في الأشهر الأخيرة، ويسعى لعقد "مؤتمر سلام" في مدريد قريبًا، وذلك في إطار الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة.
وفيما يدعو المحور الأوروبي الداعم لفلسطين إلى تعليق اتفاقيات الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، لم تُلب المطالب على مستوى الاتحاد، بسبب معارضة ألمانيا ودول أخرى مؤيدة للاحتلال.
وكانت السويد من أولى الدول في أوروبا الغربية التي اعترفت بالدولة الفلسطينية في عام 2014، ما أدى إلى فترة من التوتر السياسي الكبير. كما أن دول أوروبا الشرقية "تحمل معها" الاعتراف بالدولة الفلسطينية منذ ما قبل اتفاقيات أوسلو، منذ نهاية الثمانينيات، عندما كانت جزءًا من الكتلة السوفييتية.
ويشرح موقع "غلوبس الإسرائيلي" حول تأثر الاقتصاد الإسرائيلي بهذا الإعلان أن صندوق الثروة السيادي النرويجي، الذي يملك أسهما وسندات بقيمة 1.5 مليار دولار في إسرائيل، قرر قبل أشهر "إعادة النظر" في الاستثمار في الشركات "المرتبطة بالحرب في إسرائيل".
وكانت الحكومة الأيرلندية قررت قبل خمسة أشهر تحويل كافة استثمارات صندوق الثروة الأيرلندي من إسرائيل. وبلغ إجمالي التجارة بين إسرائيل وأيرلندا نحو 5.9 مليارات دولار العام الماضي، والتجارة بين إسرائيل وإسبانيا نحو 3.5 مليارات دولار، والتجارة مع النرويج نحو 0.6 مليار دولار. وبحسب "غلوبس"، يمكن أن تتجلى التوترات السياسية في الصعوبات التجارية.
وقال الموقع إن مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية هي مسألة رمزية إلى حد كبير، لكنها قد تلعب دورا خلال المناقشات حول مسألة اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، التي قدم مدعيها العام طلبا لإصدار مذكرات اعتقال ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الحرب.
على الصعيد السياسي، أوعز رئيس كولومبيا غوستافو بيترو، إلى وزارة الخارجية بفتح سفارة للبلاد في مدينة رام الله الفلسطينية وسط الضفة الغربية. وقال وزير الخارجية الكولومبي لويس موريلو للصحافيين، أمس الخميس، إن عملية افتتاح السفارة الكولومبية قد بدأت، وإنّ "الرئيس بيترو أصدر تعليماته بإنشاء سفارة كولومبية في رام الله، وستكون خطوتنا التالية في هذا الاتجاه". وأشار موريلو إلى أنّ اتفاقيات الأمم المتحدة وأوسلو نصت على حل الدولتين.
وأضاف: "نحن على يقين من أن المزيد من الدول ستعترف بفلسطين"، مؤكداً أن "هذا ليس قراراً يتم اتخاذه ضد إسرائيل أو اليهود، يجب الاعتراف بفلسطين دولةً كاملةً".