أوضح المركز المالي الكويتي "المركز" في تقريره الشهري عن أداء الأسواق الخليجية لشهر مارس 2024 أن أداء بورصة الكويت تراجع خلال الشهر بعد أن شهدت الأسهم القيادية موجة بيع من قبل المستثمرين لجني الأرباح. ويبدو أن حالة عدم اليقين الجيوسياسية والوضع العسكري في منطقة بحر العرب وباب المندب قد أثرا في مناخ السوق خلال هذه الفترة، مما أدى إلى تراجع الشراء. كما أثرت البيانات الاقتصادية الرئيسية، مثل معدل التضخم والعجز المالي في الأشهر التسعة الأولى من السنة المالية 2023/2024 في أداء السوق. وارتفع معدل التضخم في الكويت بنسبة 3.4 % على أساس سنوي في فبراير مقارنة بـ 3.3 % في الشهر السابق، مما يغير اتجاه التباطؤ المستمر للتضخم منذ ثلاثة أشهر. وكان التضخم مدفوعًا بأسعار المواد الغذائية والمشروبات التي ارتفعت بنسبة 5.0 % على أساس سنوي خلال الشهر. كما انخفض المؤشر العام بنسبة 1.5 % في مارس متأثراً بأداء القطاع المصرفي. وانخفض مؤشر القطاع المصرفي بنسبة 2.1 % خلال الشهر، وكان سهمي بنك بوبيان وبنك الكويت الوطني الأكثر تراجعا بنسبتي 3.9 % و3.1 % على التوالي. وتراجع سهم بيت التمويل الكويتي بنسبة 1.7 % خلال الشهر. ومن بين أسهم السوق الأول، حققت ميزان القابضة أكبر مكاسب بنسبة 9.7 % خلال الشهر بعد زخم إيجابي على خلفية نتائج أعمال قوية لعام 2023. وحققت ميزان القابضة أرباحاً صافية بلغت 11.5 مليون دينار كويتي في العام المالي 2023 مقارنة بصافي خسارة قدره 2 مليون دينار كويتي في العام المالي 2022.
وأشار "المركز" في تقريره إلى أن وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني ثبتت تصنيفها للكويت عند "-AA" مع نظرة مستقبلية مستقرة مما يعكس قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها المالية. وسجلت الكويت عجزاً مالياً قدره 1.7 مليار دينار كويتي أو ما يعادل 4.5 % من الناتج المحلي الإجمالي المقدر بالتناسب في الأشهر التسعة الأولى (أبريل-ديسمبر) من السنة المالية 2023/2024، بعد أن سجلت فائض قدره 10.1 مليار دينار كويتي في نفس الفترة من السنة المالية 2022/2023. وتسبب انخفاض الإيرادات المرتبط بانخفاض أسعار النفط وخفض إنتاج أوبك+ وارتفاع الإنفاق بما يتجاوز الاتجاهات التاريخية في العجز المالي. وسجلت قيمة المشاريع التي تمت ترسيتها في فبراير نحو 43 مليون دينار كويتي (-54 % على أساس سنوي)، ليصل المجموع التراكمي منذ بداية العام حتى تاريخه إلى 81 مليون دينار كويتي (-72 % على أساس سنوي) وفقًا لـمشاريع ميد. إلا أنه من المتوقع أن يظل نشاط المشاريع قوياً في عام 2024، حيث تتوقع مشاريع ميد أن تصل قيمة الترسيات إلى نحو 5 مليارات دينار كويتي (باستثناء مشروع الزور).
وذكر التقرير أن أداء معظم الأسواق الخليجية جاء سلبياً خلال الشهر على الرغم من ارتفاع أسعار النفط. وسجل مؤشر ستاندرد آند بورز المركب لدول مجلس التعاون الخليجي تراجعاً بنسبة 2.6 % خلال الشهر. وساهم تمديد خفض إنتاج النفط من جانب أوبك+ حتى نهاية الربع الثاني من عام 2024 والتوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط بشكل رئيسي في تراجع مؤشرات الأسواق الخليجية.
وتراجع مؤشر السوق السعودي بنسبة 1.8 % خلال مارس. إلا أن تأكيد وكالة ستاندرد آند بورز لتصنيفها السيادي عند A مع نظرة مستقبلية مستقرة يشير إلى أن الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية تواصل تحسين المرونة الاقتصادية، مما عزز ثقة المستثمرين وقلص خسائر سوق الأسهم. وانخفض سهم أرامكو السعودية بنسبة 2.7 % خلال الشهر بعد تسجيل صافي دخل قدره 121.3 مليار دولار في 2023، أي أقل من 161.1 مليار دولار في 2022. وتراجع مصرف الراجحي والبنك الأهلي السعودي بنسبة 7.5 % و5.1 % على التوالي خلال الشهر. وشهد مؤشر سوق دبي تراجعاً بنسبة 1.5 % خلال الشهر على الرغم من ارتفاع أسعار الأسهم العقارية. وارتفع سهما إعمار للتطوير وإعمار العقارية 5.4 % و0.6 % على التوالي، بدعم من رفع دولة الإمارات من القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي. ومن المتوقع أن تؤدي العودة إلى الوضع التقليدي إلى تعزيز ثقة المستثمرين في دولة الإمارات كمركز تجاري ومالي بالمنطقة، مما يؤدي إلى زيادة في رأس المال وتدفق الاستثمار الأجنبي المباشر ونقل التكنولوجيا وارتفاع تدفقات المحافظ الاستثمارية. وسجل مؤشر سوق أبوظبي تراجعا هامشيا بنسبة 0.3 % خلال الشهر. وانخفض سهم بنك أبوظبي الأول بنسبة 3.1 % خلال الشهر. وارتفع سهم أدنوك للحفر بنسبة 7.3 % خلال الشهر، حيث أعلنت الشركة الأم أنها حققت قيمة قدرها 500 مليون دولار من خلال الاستعانة بالذكاء الاصطناعي في مراقبة العمليات عن بعد وتقليل وقت التعطل عن العمل ورسم خرائط لحقول النفط والغاز ودعم خدمات الحفر. وانخفض مؤشر السوق القطري بنسبة 6 % مدفوعاً بالتراجع الكبير في أسعار الغاز الطبيعي وتراجع مؤشر القطاع المصرفي.
وحافظت موديز على توقعاتها الإيجابية للقطاع المصرفي السعودي لاستقرار بيئة التشغيل المدفوعة بنشاط غير نفطي قوي وبرامج التنويع الاقتصادي. ووفقاً لوزارة المالية الإماراتية، فمن المتوقع أن ينمو الاقتصاد بنسبة 5 % في عام 2024، مقارنة بنسبة 3.4 % التي تحققت في العام الماضي.
ولفت "المركز" في تقريره إلى أن الأسواق العالمية والأمريكية اختتمت الشهر بأداء إيجابي على الرغم من ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يلتزم الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بتنفيذ ثلاثة تخفيضات في أسعار الفائدة هذا العام مع تأكيد على استمرار النمو الاقتصادي. وارتفع مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي بنسبة 3.2 % على أساس سنوي مقارنة بـ 3.1 % على أساس سنوي في الشهر السابق، متقدمًا بنسبة بسيطة عن توقعات 3.1 % من إجماع داو جونز. وارتفع مؤشر مورغان ستانلي كابيتال إنتليجنس العالمي ومؤشر ستاندرد أند بورز 500 بنسبة 3 % و3.1 % على التوالي في مارس. وارتفعت أسهم قطاع التكنولوجيا خلال الشهر كما يتضح من ارتفاع مؤشر ناسداك بنسبة 1.2 % خلال الشهر. وأفادت تقارير أن شركة أبل قد تتعاون مع شركة ألفابيت، وهي الشركة الأم لشركة جوجل، في تقديم أدوات الذكاء الاصطناعي، وهو ما ساهم في المكاسب التي حققتها أسهم التكنولوجيا. وارتفع مؤشر مورغان ستانلي العالمي للأسواق الناشئة بنسبة 2.2 % خلال الشهر. كما ارتفع مؤشر السوق الصيني بنسبة 0.9 % خلال الشهر، حيث أدت الإجراءات الحكومية الأخيرة لتحقيق استقرار السوق وزيادة ثقة المستثمرين على الرغم من عدم اليقين حول التوقعات الاقتصادية.
ورفعت فيتش توقعاتها للناتج المحلي الإجمالي العالمي لعام 2024 بنسبة 0.3 % إلى 2.4 % في ضوء تغير توقعات النمو في الولايات المتحدة الأمريكية إلى 2.1 % من 1.2 % في تقرير ديسمبر 2023. وتفوق المراجعة الخاصة بالولايات المتحدة الأمريكية الخفض الهامشي لتوقعات النمو في الصين لعام 2024 إلى 4.5 % من 4.6 %.
وظل العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات متفاوتاً خلال الشهر وأغلق عند 4.20 %. كما ارتفعت العائدات في وقت سابق من الشهر وبلغت ذروتها عند 4.34 %، حيث قام المستثمرون بتقييم بيانات التضخم الثابتة وتوقعوا تخفيضات أقل في أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي. إلا أن العائدات قد انخفضت بعد أن توقع الاحتياطي الفيدرالي تنفيذ ثلاثة تخفيضات في أسعار الفائدة هذا العام.
وفي تغطيته لأسواق النفط، ذكر تقرير "المركز" أن سعر النفط استقر عند مستوى 87.48 دولاراً للبرميل، مسجلاً مكاسب شهرية بنسبة 4.6 %. وتعتزم أوبك+ تمديد العمل بسياسة الخفض الطوعي التي تعهدت بها في نوفمبر الماضي حتى نهاية الربع الثاني من عام 2024. وتعهد العراق بخفض صادرات النفط الخام إلى 3.3 مليون برميل يوميا في الأشهر المقبلة للتعويض عن تجاوز حصته في أوبك + منذ يناير، وهو قرار تخفيض بمقدار 130 ألف برميل يوميا عن الشهر الماضي. وأدت الهجمات على منشآت الطاقة الروسية والبنية التحتية للطاقة الأوكرانية والسفن التي تعبر البحر الأحمر إلى إثارة المخاوف بشأن الإمدادات وارتفاع أسعار النفط. وسجلت أسعار الذهب ارتفاعاً بنسبة 9.3 % لتغلق عند 2,232.4 دولار أمريكي للأونصة نتيجة تصاعد الصراعات الجيوسياسية وتوقعات خفض أسعار الفائدة في عام 2024. وانخفضت أسعار الغاز الطبيعي بنسبة 5.2 % من 1.86 دولار أمريكي إلى 1.76 دولار أمريكي لكل مليون وحدة حرارية خلال الشهر بسبب حجم الإنتاج القوي ودفء الشتاء هذا العام، مما أدى إلى تراجع الطلب. وعلى جانب آخر، ارتفعت أسعار بيتكوين بنسبة 16.6 % إلى 71,285 دولار أمريكي خلال الشهر بسبب الخفض المتوقع في أسعار الفائدة والإقبال على صناديق بيتكوين المتداولة وتوقع تراجع عائدات تعدين بيتكوين إلى النصف في أبريل.
وتوقع تقرير "المركز" الشهري أن يتتبع المشاركون في السوق البيانات الاقتصادية الرئيسية الأمريكية وتقييم تأثيرها في حجم وتوقيت التخفيضات المتوقعة في أسعار الفائدة. وبالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يؤدي تصاعد التوترات الجيوسياسية إلى استمرار ارتفاع أسعار النفط والتأثير في أداء الأسواق الخليجية.