
على ملعب فاس الكبير، يستعد المنتخب المغربي لكرة القدم لخوض مباراتين وديتين مهمتين أمام منتخبي تونس اليوم الجمعة، وبنين يوم الإثنين المقبل، في إطار استعداداته المتواصلة لنهائيات كأس أمم أفريقيا 2025، التي سوف تحتضنها المغرب، والتصفيات المؤهلة لكأس العالم 2026.
وفضل وليد الركراكي هذه المرة الابتعاد عن الوديات الأوروبية، بعدما رفض مواجهة السويد بملعبها، ووجه اهتمامه نحو منافسين إفريقيين، انطلاقاً من قناعة شخصية تعتبر المنتخبات الأفريقية الاختبار الأصعب الذي واجه أسود الأطلس طيلة عقود، لا سيما على المستوى الذهني.
وهذا الحاجز النفسي، الذي اختبره الركراكي شخصياً خلال النسخة الأخيرة من كأس أمم أفريقيا في كوت ديفوار، لا يمكن تجاوزه إلا بمزيد من الاحتكاك القاري.
وتأخذ المباراة الأولى أمام تونس، الجار والمنافس التاريخي، طابعاً خاصاً. العلاقة الكروية بين المنتخبين اتسمت دوما بندية عالية، وتعود لعقود من التنافس في المحافل القارية والدولية.
ولم تمر تصريحات زياد الجزيري، مساعد مدرب «نسور قرطاج»، والتي قال فيها :»المغرب سيحاول الانتصار علينا لأننا دائماً نفوز عليه.. المغرب يذكرني بهدف نهائي 2004»، مرور الكرام على الإعلام المغربي، وأضفت بعض التوتر الإيجابي على أجواء المواجهة.
وتترقب الجماهير المغربية، التي اقتنت جميع تذاكر المباراتين، رداً فوق المستطيل الأخضر، وترغب في رؤية منتخبها يستعيد الهيبة لاسيما بعد الانتقادات التي طالت اختيارات الركراكي البشرية والتكتيكية في الشهور الماضية.
وتمثل الوديتان فرصة مهمة للمنتخب المغربي من أجل تجربة توليفات جديدة، ومنح الفرصة لعدد من اللاعبين البدلاء أو العائدين، لتقييم جاهزيتهم البدنية والذهنية، خاصة في ظل الغيابات البارزة في خط الدفاع، حيث يغيب نصير مزراوي، ورومان سايس، وشادي رياض بسبب الإصابة، فيما تم إعفاء آدم أزنو لمنحه للتحضير في أجواء أفضل لمونديال الأندية مع بايرن ميونخ.
وتنتظر الجماهير مشاركة أسماء واعدة، أبرزها أسامة العزوزي، الذي أظهر قدرات مهمة في الضغط المتقدم وبناء اللعب من الخلف، إلى جانب زكرياء الواحدي، نجم المنتخب الأولمبي المتوج في باريس صيف 2024، وأمير ريتشاردسون العائد بقوة بعد فترة تنافس صعبة في وسط الميدان.
الغيابات في الخط الدفاع ستدفع وليد هذه المرة لتجربة لاعبين جدد طالما طالبت الجماهير بمنحها الفرصة للانسجام مع زملائهم.
ورغم حضور أسماء أخرى، سيكون هاجس الإرهاق عاملاً وجب وضعه في الحسبان كما هو الحال بالنسبة لأشرف حكيمي المتوج قبل أيام بلقب دوري أبطال أوروبا مع باريس سان جرمان.
ومن بين أبرز المستجدات، استدعاء أمين زحزوح، صانع ألعاب الجيش الملكي وأحد ألمع نجوم الدوري المغربي في الموسمين الماضيين، ليحل مكان المصاب إبراهيم دياز، استجابة لرغبة جماهيرية طالما طالبت بإعطاء فرصة للنجوم المحليين.
وفي اللقاء الثاني، يواجه الأسود منتخب البنين، المعروف بانضباطه التكتيكي وصلابته الدفاعية. وهي مواجهة من المتوقع أن تختلف في طابعها، حيث سيسعى المنتخب الوطني لاختبار حلول هجومية بديلة، والرفع من النسق التنافسي الجماعي قبل دخول المعسكرات النهائية.
وسيركز الجهاز الفني على تحقيق أكبر استفادة ممكنة من المباراتين دون الإخلال بتوازن الفريق، وذلك بمنح دقائق لعب لأكبر عدد ممكن من العناصر الجديدة، وتثبيت بعض المفاتيح الأساسية، خاصة في وسط الميدان والهجوم.
واختيار مدينة فاس لخوض المباراتين لم يكن عبثياً، فبعد أن اضطر الأسود للهبوط الاضطراري بمدينة وجدة في فترة سابقة، جاء الدور على العاصمة العلمية للمغرب لتحتضن الأسود في ملعبها الذي جرى تحديثه بالكامل ليطابق أعلى معايير الاتحادين الأفريقي والدولي لكرة القدم.
وتعكس هذه الخطوة رغبة الاتحاد المغربي للعبة والطاقم الفني في ترسيخ سياسة الانفتاح على الجماهير في مختلف ربوع المغرب، وبناء دعم شعبي شامل يعزز معنويات المنتخب الوطني قبل التحدي القاري الكبير.