رياضة

على أرض المحبة والسلام حيث تتداخل خيوط الحضارة وتلتقي الثقافات اختتمت في دولة الكويت أمس الأول السبت بطولة كأس الخليج العربي في نسختها السادسة والعشرين والتي أضافت إلى سجلات البطولة الممتدة لعقود أيقونة عابرة للحدود جامعة للقلوب موحدة للشعوب.
ولم تكن تلك النسخة الاستثنائية من البطولة الخليجية العريقة مجرد حدث رياضي عابر بل تركت قصصا تروي تاريخا مشتركا وإرثا حضاريا واجتماعيا وثقافيا في لوحة فريدة امتزجت فيها الرياضة بالأخوة والحماس الجماهيري بلحمة الشعوب.
وجسد الحضور الجماهيري «غير المسبوق» في تاريخ الكأس خصوصية البطولة منذ لحظاتها الأولى حيث اكتظت منافذ بيع التذاكر بالمجمعات التجارية فضلا عن الضغط الهائل على البيع الالكتروني الأمر الذي أدى لاحقا إلى تأجيل فتح بيع تذاكر مباريات الدور نصف النهائي والمباراة النهائية للبطولة.
وبينما سلط الحفل الافتتاحي للبطولة الضوء على الهوية الخليجية والعلاقة الراسخة التي تجمع دول الخليج وشعوبها بطريقة فنية إبداعية شهد الحفل الختامي مبادرة استثنائية بتكريم أساطير كرة القدم الخليجية الذين أسهموا في إثراء تاريخ اللعبة.
وعمدت الكويت إلى توظيف الفعاليات المصاحبة للبطولة في تقريب الشعوب الخليجية وتعميق الإرث المشترك بين دول المنطقة فضلا عن الاحتفاء بإرث كرة القدم الخليجية وتعزيز الروح الرياضية وتسليط الضوء على إنجازات صناع مجد كرة القدم الخليجية.
وتحول سوق المباركية التراثي المفعم بعبق التاريخ عن ماضي الكويت وحاضرها إلى ما يشبه عاصمة للجماهير الخليجية ونقطة تجمع لعشاق كرة القدم الخليجية وسط أجواء مفعمة بالحماس.
ومثلما استقطبت المباركية الجماهير الخليجية بروح الوحدة والمحبة والتآلف اجتذبت كذلك الاهتمام الإعلامي حيث أفردت وسائل الإعلام الخليجية المختلفة مساحات لنقل التجربة الفريدة للجماهير الكروية ما بين متعة الرياضة وعراقة التاريخ.
في المقابل تحولت دواوين الكويت إلى استادات مصغرة إذ فتحت أبوابها لزوار البلاد من الجماهير الخليجية على مدار فترة البطولة الممتدة من 21 ديسمبر 2024 وحتى الرابع من يناير الجاري لتمتزج فيها الروح الرياضية بالأخوة الضاربة في أعماق التاريخ بين الجسد الخليجي الواحد.
ومثل تطبيق (حياكم) الذي أطلقته اللجنة المنظمة بالتزامن مع انطلاق البطولة منصة جامعة لمختلف الخدمات التي يحتاجها عشاق البطولة بداية من حجز تذاكر المباريات إلكترونيا وتذاكر الطيران والفنادق إضافة إلى إمكانية مشاهدة المباريات مباشرة عبر (منصة 51).
كما قدم التطبيق معلومات محدثة أولا بأول عن جميع المنتخبات المشاركة والملاعب ونتائج المباريات فضلا عن دور التطبيق فيما يتعلق بإصدار تأشيرة دخول الجماهير وعرض العديد من الأنشطة والفعاليات المتنوعة للجماهير والتعريف بالأماكن السياحية في البلاد.
وقد أطلقت الكويت (ديوان الخليج) وهو تجمع شبابي خليجي تضمن عدة فعاليات تشمل محاضرات وورش عمل وندوات ثقافية وفنية وفقرات ترفيهية للجمهور الخليجي بمشاركة أكثر من 100 متحدث خليجي.
وفي ظل دعم وتعاون بين جهات الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص شكل (ديوان الخليج) محطة شبابية اجتماعية ثقافية سلطت الضوء على أهم سبل تطوير العمل الشبابي والتنمية المستدامة في الدول الخليجية وذلك تماشيا مع شعار (المستقبل خليجي) الذي حملته البطولة.
وفتح النجاح الكبير الذي حققته بطولة كأس الخليج الباب مشرعا أمام تحول الكويت إلى وجهة رياضية جاذبة على الخريطة العالمية حيث أثبتت قدرتها على احتضان الأحداث الرياضية الكبرى بتنظيم رائع وفعاليات مبهرة.
وعكست الرسائل الخليجية التي تلقتها الكويت على المستويين الرسمي والشعبي الاحتفاء الكبير بحسن تنظيم البطولة والإخراج المبدع لـ(خليجي زين 26) فضلا عن كرم الضيافة الذي استقبلت به البلاد الجماهير المتدفقة لمشاهدة البطولة.
وفي هذا الصدد أشاد عدد من قادة دول الخليج بنجاح دولة الكويت في تنظيم النسخة السادسة والعشرين لبطولة كأس الخليج لكرة القدم التي جمعت الشعوب الخليجية على المحبة والأخوة والروح الرياضية.
كما ثمن رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم النائب الأول لرئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة الرعاية الكريمة من لدن حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه لبطولة كأس الخليج مؤكدا أن الكويت تمتلك إمكانات كبيرة في مجال استضافة البطولات الرياضية.
كما أشاد إعلاميون خليجيون بالجهود الكويتية التي أخرجت نسخة استثنائية مبدعة من بطولة كأس الخليج مؤكدين أن (خليجي زين 26) مثلت النسخة الأبرز والأفضل على مدى التاريخ الممتد للبطولة من حيث التنظيم والخدمات والروح الأخوية في احتضان الجماهير الخليجية.
وشدد الإعلاميون على أن البطولة ستظل حدثا فريدا راسخا في أذهان الخليجيين بداية من التنظيم الرائع والافتتاح المبهر ومرورا بالحفاوة «منقطعة النظير» في استقال الكويت للوفود والمشجعين من مختلف الدول التي حضرت لتؤازر منتخباتها.
وعلى الصعيد الاقتصادي سجلت الأيام المصاحبة لـ(خليجي زين 26) انتعاشا واضحا في محركات الاقتصاد الوطني بنسب نمو قياسية إذ أظهرت المؤشرات قفزة نوعية في نسب الإشغال المسجلة سياحيا وتجاريا بينما جرى رصد نمو في حجم السحوبات المنفذة عبر أجهزة نقاط البيع في الأيام الأخيرة من عام 2024.
وفيما تستعد الكويت إلى التقدم رسميا بطلب استضافة بطولة كأس آسيا 2031 تتطلع البلاد إلى تعزيز مكانتها على الخريطة الرياضية العالمية عبر استضافة 45 بطولة رياضية عالمية في مختلف الألعاب خلال السنوات المقبلة وفقا لأعلى معايير الجودة العالمية.
كما تعمل الكويت بجهد حثيث على تعزيز بنيتها التحتية الرياضية ورفع جاهزيتها لاحتضان البطولات الكبرى إذ تشمل قائمة الملاعب المزمع إنشاءها استاد نادي الفحيحيل واستاد جديد في مدينة جابر الأحمد وآخر في مدينة صباح الأحمد فضلا عن استاد على صباح السالم بنادي النصر الذي يعد جاهزا.
وكان حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه قد ألقى كلمة إيذانا بانطلاق النسخة الـ26 لبطولة كاس الخليج العربي لكرة القدم في 21 ديسمبر الماضي قال فيها «نرحب بكم جميعا في هذا المحفل الرياضي الذي يجمعنا في دولة الكويت أرض المحبة والسلام ويعكس الروح الأخوية الرياضية بين شعوبنا الخليجية».