بلغ منتخب الأردن لأول مرة في تاريخه، نهائي بطولة كأس آسيا لكرة القدم، بعد الفوز على كوريا الجنوبية 2-0، في المواجهة المثيرة التي جمعتهما على ستاد أحمد بن علي في العاصمة القطرية الدوحة.
وفرض منتخب الأردن أفضليته في الشوط الأول، لكنه نجح في افتتاح التسجيل في الشوط الثاني عن طريق يزن النعيمات بالدقيقة 52، وأضاف موسى التعمري هدف التعزيز بالدقيقة 67.
وسيواجه منتخب الأردن في الدور النهائي، الفائز من مباراة قطر مع إيران.
وعاشت الجماهير الأردنية قمة الفرح بهذا الفوز التاريخي الأول الذي يتحقق على كوريا الجنوبية، أحد أبرز المنتخبات المرشحة لإحراز اللقب.
لم يمهل المنتخب الأردني منافسه فرصة التقدم، حيث سرعان ما اندفع هو كاشفا عن أطماع هجومية مبكرة دفعت لاعبي كوريا الجنوبية للتراجع.
وكاد منتخب الأردن أن يفتتح باب التسجيل مبكرا بعد تصويبة قوية أطلقها نزار الرشدان وحولها الحارس الكوري جو هيون لركنية.
واعتمد منتخب الأردن على الضغط المتقدم وتخليص الكرة من منتصف الملعب والتمرير صوب التعمري أو مرضي لتشكيل الخطورة وتمويل رأس الحربة النعيمات.
ونوع المنتخب الأردني من خياراته الهجومية قبل أن يطلق حداد كرة صاروخية من مسافة بعيدة مرت بجوار القائم.
وأبعد حارس مرمى كوريا الجنوبية تسديدة الروابدة، فيما اعتمد منتخب الأردن على مصيدة التسلل أكثر من مرة في إحباط مخططات الخصم.
وحاول منتخب كوريا البحث عن المساحات لتهديد مرمى الأردن لتلوح فرصة لكيم يونج من كرة تهادت أمامه داخل منطقة الجزاء لكنه سدد بتسرع.
وتواصلت الأفضلية الأردنية المصحوبة بالفرص الضائعة، حيث كان النعيمات قريبا من التسجيل بعد أن توغل داخل منطقة الجزاء وسدد بقوة تصدى لها الحارس هيون.
وناب القائم الأيسر عن أبو ليلى في التصدي لتسديدة لي كانغ التي أطلقها من بين مدافعي الأردن بمنتهى القوة.
وألغى حكم المباراة ضربة الجزاء التي احتسبها ضد مدافع الأردن يزن العرب وذلك بعد العودة لتقنية الفار.
وتلاعب النعيمات بدفاع كوريا الجنوبية وتوغل داخل منطقة الجزاء قبل أن يسدد بجسد حارس المرمى مهدرا فرصة خطيرة.
وفي الشوط الثاني واصل النشامى جهودهم لدك الشباك الكروية، ونجح التعمري في قطع الكرة من الدفاع ومررها نموذجية للنعيمات فسدد من فوق الحارس معلنا تقدم الأردن في الدقيقة 52.
ولاحت بعدها فرصة ثمينة للتعمري الذي حصل على كرة من بين المدافعين وسدد بشكل مفاجئ استبسل هيون في التصدي لها.
ونجح منتخب الأردن في تعزيز تقدمه بالهدف الثاني عن طريق التعمري الذي تقدم بالكرة وراوغ الدفاع وسدد كرة استقرت على يمين هيون في الدقيقة 67.
واستبسل مدافع الأردن أبو حشيش في إنقاذ المرمى بإبعاد كرة خطيرة لركنية.
وحاول المنتخب الكوري تعديل النتيجة واستبسل مدافعو النشامى في الذوذ عن مرماهم والمحافظة على التقدم.
وقام عموتة مدرب الأردن بسحب يزن النعيمات والدفع بأنس العوضات بهدف إعادة الحيوية للقدرات الهجومية، ثم دفع بالثنائي رجائي عايد وإبراهيم سعادة بدلا من محمود مرضي ونزار الرشدان، لتنتهي المباراة بعدها بفوز تاريخي للنشامى.
ويبقى أمام المنتخب الأردني مباراة واحدة كي يتوج نفسه بطلا، ضاربا كل التوقعات عرض الحائط، في وقت يتوجب فيه على كوريا الجنوبية الانتظار 4 أعوام أخرى من أجل تحقيق حلم جماهيرها بإحراز للقب القاري لأول مرة منذ 1960.
ومرة أخرى، فاز مدرب المنتخب الأردني، المغربي الحسين عموتة، بمعركة تكتيكية في البطولة الآسيوية، رغم غيابين مؤثرين عن التشكيل الأساسي بسبب الإيقاف، هما قلب الدفاع سالم العجالين والجناح السريع علي علوان.
ولجأ عموتة إلى خطته المعتادة 3-4-3، فشارك براء مرعي في خط دفاعي ثلاثي عوضا عن العجالين، إلى جانب يزن العرب وعبدالله نصيب، فيما شغل محمد أبو حشيش مركز الظهير الأيمن، كي ينتقل محمود مرضي إلى مركز الجناح لتعويض غياب علوان في الخط الأمامي.
وفي وسط الملعب، عاد نزار الرشدان إلى التشكيلة الأساسية، بعد غيابه عن موقعة ربع النهائي أمام طاجيكستان بسبب الإيقاف، فوقف إلى جانب نور الدين الروابدة، فشكلا الحماية اللازمة للخط الخلفي، تاركين مهمة تشكيل الهجمات للجناح الأيسر الخطير موسى التعمري، والمهاجم الصريح يزن النعيمات.
وعلى غير المتوقع، استلم المنتخب الأردني زمام المبادرة في الشوط الأول، ممسكا بخيوط الملعب، في ظل حالة توهان غير مبررة لوسط المنتخب الكوري الجنوبية، فكان النشامى أكثر خطورة، وأهدروا مجموعة من الفرص الخطيرة عبر النعيمات والتعمري.
وبذل الرشدان والروابدة جهدا مضاعفا لحماية الخط الخلفي، فيما كان الثلاثي الخلفي متيقظا من الخطورة التي شنها منتخب كوريا الجنوبية، عبر نجم وولفرهامبتون هوانج هي تشان، وقائد توتنهام سون هيونج مين.
وفي الشوط الثاني، تواصلت مشاكسات التعمري والنعيمات، فقطعا الكرة أكثر من مرة أمام دفاع كوريا الجنوبية الذي لم يستوعب سرعة تحركات نجمي الأردن، ما أسفر عن هدف من توقيع النعيمات وصناعة التعمري.
وكعادته في البطولة، ظل المدرب عموتة متمسكا بالتشكيلة التي بدأ بها المباراة، ولم يجر التبديلات إلا في الدقائق الأخيرة من زمن اللقاء، وسط جهد خارق من التعمري في قطع الكرات والانطلاق بهجمات مرتدة، وتماسك في الخط الخلفي مع تراجع منطقي للظهيرين في خط دفاعي خماسي، بذل فيه أبو حشيش تحديدا جهدا واضحا كمدافع إضافي في العمق.
على الجانب الاخر زادت النقمة على المدرب الألماني يورجن كلينسمان وبات أكثر فأكثر في مرمى النيران لدرجة أن وجهه «البشوش» أثار حفيظة الصحافة، بعد خروجه مع كوريا الجنوبية من نصف نهائي آسيا على يد الأردن (0-2).
وتعهّد كلينسمان الذي ينتقل اهتمامه الآن إلى تصفيات مونديال 2026، بعدم الاستقالة بعد المباراة، وحظيَ بدعم القائد هيونج مين سون الذي قال إن المدرب سيصبح «أقوى» بعد فشله في قيادة كوريا الجنوبية لإحراز لقبها الآسيوي الأول منذ 64 عاماً.
لكن نجم توتنهام من الأصوات النادرة الداعمة للمدرب الألماني، الذي تعرض لانتقادات شديدة في كوريا الجنوبية بسبب تكتيكاته واختياراته للفريق وحتى ابتسامته.
وكان موقع «سبورتس هانكوك» من بين منتقدي كلينسمان وتصرفه بعد المباراة، قائلاً «بينما أظهر اللاعبون خيبة أملهم وابتسموا غصباً عنهم، كان الضحك يغطي وجه كلينسمان»، واصفاً الهزيمة بأنها «مهينة» و»مخزية».
وتابع «لقد كان مشهدا (وجهه البشوش) مُحيّراً يصعُبُ فهمه، نظراً لأنه مدرب المنتخب الوطني الكوري».
وبعد الفشل في قيادة الكوريين إلى لقبهم القاري الأول منذ 1960 والثالث في تاريخهم، ينتقل تركيز كلينسمان إلى المشوار في تصفيات مونديال 2026 الذي بدأه فريقه بشكل إيجابي بفوزه بمباراتيه الأوليين في الدور الثاني (5-0 على سنغافورة و3-0 على الصين) ويسعى إلى إضافة انتصارين آخرين حين يواجه تايلاند ذهابا وإيابا الشهر المقبل.
وردا على سؤال لوكالة فرانس برس عما إذا كان سيستقيل قبل هاتين المباراتين المقررتين في 21 و26 مارس ضمن المجموعة الثالثة، قال كلينسمان «لا أخطط لفعل أي شيء، مضيفا أنه سيحلل ما حصل في كأس آسيا وسيتحدث مع مسؤولي كرة القدم الكورية، لكن «عدا ذلك، لا أفكر في أي شيء».
وكان نجم المنتخب وقائده سون متعاطفاً مع كلينسمان الذي استلم المهمة في كانون فبراير 2023 ليعود إلى التدريب لأول مرة منذ رحيله عن فريق العاصمة الألمانية هرتا برلين أوائل 2020.
واعتذر سون للجماهير وساند مدربه الألماني البالغ 59 عاماً، قائلاً «حتى قبل البطولة، كانت النظرة إليه سلبية جداً، وبالتالي أعتقد أن المدرب شعر بقدر هائل من الضغط».
وتابع «على الرغم من الظروف الصعبة، تمكن من التأقلم بشكل جيد، لقد تأثرت جداً بطريقة اعتنائه باللاعبين من دون أن يظهر أي علامة على الإحباط ولم يستسلم أبداً حتى النهاية».
الأردن كالبرازيل
عاشت كوريا الجنوبية على حافة الهاوية طوال البطولة وسجلت في وقت متأخر خلال 4 من مبارياتها الخمس التي خاضتها قبل السقوط في دور الأربعة.
كانت العودة الأولى في النتيجة أمام الأردن بالذات عندما تقدم «النشامى» في الجولة الثانية من الدور الأول 2-1 حتى الوقت بدل الضائع قبل أن يسجل مدافع الأخير يزن العرب خطأ في مرماه منح به التعادل لفريق كلينسمان.
وبعدما كان متخلفا في الجولة الثانية أمام ماليزيا حتى الدقيقة 83، أدرك فريق كلينسمان التعادل التعادل 2-2 بالنيران الصديقة ثم تقدم في الوقت بدل الضائع قبل أن يكتفي في النهاية بالتعادل 3-3 بعدما اهتزت شباكه في الثواني الأخيرة المتبقية.
واستمرت الأهداف المتأخرة في ثمن النهائي ضد السعودية عندما أدرك الكوريون التعادل 1-1 في الدقيقة الخامسة من الوقت بدل الضائع، ليحتكم الفريقان إلى التمديد ثم ركلات الترجيح التي ابتسمت لهم.
وفي ربع النهائي ضد أستراليا، تخلفوا بهدف في نهاية الشوط الاول ثم جاء الرد في الرمق الاخير مجدداً في الدقيقة السابعة من الوقت بدل الضائع، ليخوض المنتخبان وقتاً إضافياً نجحوا خلاله في تسجيل هدف الفوز عبر سون.
وأطلقت وسائل الإعلام المحلية على ما قدمه المنتخب الوطني «كرة قدم الأموات الأحياء» بسبب الطريقة التي استمر فيها بالعودة من بين الأموات، قبل أن يُدفَن نهائياً في نصف النهائي على يد المنتخب الأردني الذي استحق الفوز تماماً.
وقال موقع «ام كاي سبورتس» إن المنتخب قدم «أداء يرثى له»، مضيفاً أن رجال كلينسمان «جعلوا الأردن تبدو كالبرازيل.. لقد خسرت كوريا الجنوبية من دون حتى أن تقاتل».
وتعرض كلينسمان لانتقادات شديدة في كوريا الجنوبية منذ اليوم الأول بسبب رفضه العيش في البلاد، وسجله التدريبي الذي لا يضاهي مسيرته الرائعة كلاعب.
وشكّك الجمهور بإمكانات الألماني التدريبية في قيادة منتخب بلدهم، وهو الذي كان قد غاب عن التدريب منذ عام 2020 حين عمل مدرباً لهيرتا برلين، حيث درّب أيضاً لـ10 أسابيع فقط بعد غياب منذ 2016، وتحديداً منذ الرحيل عن المنتخب الأمريكي الذي أشرف عليه منذ 2011 وقاده الى لقب الكأس الذهبية.
وأثار تفاؤله المستمر غضب الجماهير ووسائل الإعلام في كوريا الجنوبية، وتعرض للسخرية لأنه طلب من الصحفيين قبيل انطلاق النهائيات القارية حجز فنادقهم في قطر حتى 10 فبراير، أي موعد المباراة النهائية.
وبالنسبة لكلينسمان «يجب على المدرب أن يكون إيجابياً»، مضيفاً بتفاؤل «أعتقد أن هناك الكثير من الأشياء الجيدة التي رأيناها، هذا فريق ولا يزال يتعين عليه التطور في الطريق إلى كأس العالم في الولايات المتحدة والمكسيك وكندا».