
تتجه الأنظار إلى مدينة تورينيو الإيطالية اليوم الخميس، التي ستحتضن قمة مرتقبة في نصف نهائي دوري الأمم الأوروبية، وذلك عندما تصطدم بلجيكا ببطل العالم فرنسا.
وتأهلت بلجيكا إلى نصف النهائي بعد تصدر مجموعتها الثانية والتي ضمت إلى جوارها كل من الدنمارك وإنكلترا وأيسلندا، بينما تصدرت فرنسا المجموعة الثالثة، متفوقة على كل من البرتغال (حاملة اللقب) وكرواتيا إضافة إلى السويد.
وتمني بلجيكا النفس في تخطي العقبة الفرنسية والتأهل إلى النهائي بحثًا عن التتويج بأول لقب في تاريخها، والاستفادة من جيلها الذهبي الحالي، حيث سيواجه الفائز من تلك المباراة في النهائي، الفائز من نصف النهائي الآخر الذي سيجمع بين إيطاليا وإسبانيا.
وتملك بلجيكا طوال تاريخها الكروي تتويجًا وحيدًا، أتي في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية التي استضافتها عام 1920 في أنتويرب، وحينها نجحت في الظفر بالميدالية الذهبية.
أما في منافسات كأس العالم، فلا تملك تاريخًا كبيرًا، بل ودائمًا ما تعاني مع محطة نصف النهائي، ذلك الدور الذي لم تنجح في تخطيه من قبل، وتأمل في تخطيه عند مواجهة فرنسا التي دائمًا ما حرمتها من الإنجاز.
وشاركت بلجيكا في 13 نسخة من كأس العالم، ونجحت في الوصول إلى نصف النهائي مرتين من قبل، أتت الأولى في مونديال المكسيك 1986، وحينها خسرت في قبل النهائي أمام الأرجنتين بهدفين دون رد، لتجد أمامها فرنسا بالذات في مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع، وتسقط أمام الديوك بنتيجة (4-2) بعد اللجوء إلى الأوقات الإضافية.
ووصلت بلجيكا إلى نصف نهائي مونديال روسيا 2018، وحينها خسرت أمام فرنسا أيضًا ولكن بهدف دون رد هذه المرة، ونجحت في الظفر بالمركز الثالث بعد التغلب على إنجلترا بهدفين دون رد.
وبالنظر إلى منافسات اليورو، فحققت بلجيكا أفضل نتائجها بالوصول إلى النهائي في مناسبة واحتلت المركز الثالث في أخرى، ولكن في المناسبتين كان نظام البطولة مختلف عن المعتاد.
ففي يورو 1972 الذي استضافته بلجيكا، لم يشارك في البطولة سوى 4 منتخبات، وبالتالي كانت المحطة الأولى هي نصف النهائي بالفعل، وحينها خسرت أمام ألمانيا الغربية (2-1)، قبل أن تحسم المركز الثالث بالفوز على المجر بنفس النتيجة.
وتمكنت بلجيكا من الوصول إلى نهائي يورو 1980 في إيطاليا، ولكن دون خوض نصف النهائي، حيث شارك في البطولة 8 منتخبات، تم تقسيمهم إلى مجموعتين تضم كل واحدة 4 منتخبات، يتأهل متصدر كل مجموعة إلى النهائي مباشرة.
وحينها نجحت بلجيكا في تصدر مجموعتها التي ضمت كل من إيطاليا وإنجلترا وإسبانيا، وسقطت في النهائي أمام ألمانيا الغربية (2-1).
وبالتالي تملك بلجيكا عقدة مع دور نصف النهائي، تلك العقدة امتدت لتصل إلى منافسات الأولمبياد، حيث سقطت في نصف نهائي أولمبياد بكين 2008 أمام نيجيريا بنتيجة (4-1).
ولم تتخطى بلجيكا هذا الدور سوى في أولمبياد 1920، حينما تفوقت على هولندا بثلاثية نظيفة، في طريقه للفوز بالميدالية الذهبية.
حتى في منافسات كأس العالم للناشئين تحت 17 سنة، لم تصل بلجيكا إلى نصف النهائي سوى مرة واحدة وكان ذلك في نسخة تشيلى 2015، وسقطت حينها أمام مالي بنتيجة (3-1)، فهل ينجح الجيل الذهبي الحالي في إنهاء تلك العقدة التاريخية؟
وستكون الفرصة سانحة أمام إيدين هازارد قائد بلجيكا للتخلص من الانتكاسات التي عانى منها في السنوات الأخيرة بسبب سلسلة من الإصابات عندما يخوض نهائيات دوري الأمم الأوروبية لكرة القدم هذا الأسبوع.
ويظل هازارد (30 عاما) من الركائز الأساسية في بلجيكا منذ فترة طويلة وأحد أفراد "الجيل الذهبي" لكن مسيرته شهدت ركودا في الموسمين الماضيين رغم انتقاله الحالم إلى ريال مدريد.
وتقلصت مشاركاته بسبب سلسلة من الشكاوى خاصة بعد الخضوع لجراحة في الكاحل بجانب مشاكل عضلية متعددة ليعاني في الوفاء بالتزاماته بعد انتقاله من تشيلسي مقابل 100 مليون يورو (115 مليون دولار).
وكان قريبا من الغياب عن بطولة أوروبا منتصف العام الجاري لكنه نال وقتا لاستعادة جزء من لياقته لتستعين به بلجيكا بديلا في البداية قبل دخول التشكيلة الأساسية.
وشارك هناك لأول مرة خلال 18 شهرا مع المنتخب لكنه خاض كل المباريات الثلاث بتصفيات كأس العالم في سبتمبر الماضي ما جعل المدرب روبرتو مارتينيز يعتقد بأنه "في الطريق لاستعادة أفضل مستوياته".
وتمثل نهائيات دوري الأمم هذا الأسبوع فرصة مثالية لإثبات أن مارتينيز على صواب إذ يخوض هازارد البطولة بعد المشاركة في كل مباريات ريال مدريد في دوري الدرجة الأولى الإسباني ودوري أبطال أوروبا باستثناء واحدة وبفرصة لاستعادة بريقه بعد عامين محبطين.
وتلعب بلجيكا ضد جارتها فرنسا في الدور قبل النهائي في تورينو وإذا تمكن هازارد من قيادة بلاده للنجاح في البطولة المصغرة، التي تضم أيضا إيطاليا صاحبة الضيافة وإسبانيا، سيقطع خطوة كبيرة نحو استعادة سمعته.
وتعين على هازارد التعامل مع الضغوط وشكوك وسائل الإعلام في إسبانيا ورغم شخصيته المرحة يقول البعض من زملائه إنه واجه صعوبة في التعامل مع الإحباط لعدم ترك بصمة مع ريال.
وفي وقت سابق قال تيبو كورتوا حارس بلجيكا وزميله في ريال "إيدين محبط قليلا لكن ريال مدريد لا ينتظر أحدا حتى إن كان هازارد".
ويشعر مارتينيز بأن هذا الإحباط بات من الماضي.
وأكد المدرب بعد تحقيق ثلاثة انتصارات الشهر الماضي مع بلجيكا متصدرة تصنيف الفيفا "إيدين مستعد لترك بصمة قوية مجددا".
من جهته أكد لاعب الوسط البلجيكي أكسيل فيتسل، أن المهاجم كريم بنزيما هو اللاعب الأكثر خطورة في المنتخب الفرنسي، منافس الشياطين الحمر، الخميس في نصف نهائي دوري الأمم.وقال فيتسل في مؤتمر صحفي "بنزيمة في مستوى فائق للغاية، إنه قوي حقا، هناك مبابي وغريزمان أيضا، كانتي غير متواجد، أعتقد ذلك، هذا خبر جيد لأن هذا الرجل لديه ست رئات و36 قدما، إنه لاعب وسط كبير".
واعترف لاعب وسط بوروسيا دورتموند أنها ستكون "مباراة جيدة، ومميزة للغاية"، بالنظر إلى أن فرنسا بطلة العالم، وبلجيكا المصنفة الأولى عالميا.
وخسرت بلجيكا في مونديال روسيا 2018 أمام فرنسا في نصف النهائي.
وبسؤاله عن إمكانية تغيير مركزه من خط الوسط إلى الدفاع في ظل غياب مدافعي المنتخب، أبدى اللاعب انفتاحه على ذلك، ولكن من دون حماس.
وقال "مركزي هو وسط الملعب، صحيح أنني لعبت بعض المباريات كمدافع مع دورتموند، ولكنه ليس مركزا أجيد فيه، أقوم بعملي، ولكني لاعب وسط قبل أي شيء".
من جانبه أجاب ديدييه ديشامب، المدير الفني لمنتخب فرنسا على العديد من الأسئلة الشائكة والمثيرة بكلمة واحدة، نعم أو لا.
قال ديشامب "لا.. لم تكن الخسارة أمام سويسرا والخروج من دور الـ16 هي أسوأ يوم في مسيرتي التدريبية".
كما أجاب بالنفي أيضا حين سئل عن تفكيره في الاستقالة من منصبه.
وأضاف "نعم.. أتمنى الفوز ببطولة دوري أمم أوروبا، ولا أؤيد إقامة كأس العالم كل عامين".
وأشار مدرب الديوك إلى أن "أوليفييه جيرو لديه فرصة في الانضمام مجددا لمنتخب فرنسا، أما ديمتري باييه نجم مارسيليا، فلم أفكر في ضمه مجددا".
وتابع "بإمكان هوجو لوريس خوض 10 مباريات أخرى ليتجاوز ليليان تورام، صاحب الرقم القياسي في تمثيل منتخب فرنسا".
واستطرد ديشامب "نعم بإمكان كيليان مبابي الفوز بالكرة الذهبية، كما أن كريم بنزيما يستحق الفوز بهذه الجائزة هذا العام".
واختتم مدرب الديوك إجاباته بقوله "ثلاثي هجوم فرنسا مبابي وغريزمان وبنزيما بنفس جودة ثلاثي الهجوم الباريسي مبابي ونيمار وميسي".
وأثنى ديديه ديشامب، المدير الفني لمنتخب فرنسا على لاعبه كيليان مبابي، مهاجم باريس سان جيرمان.
وقال ديشامب في تصريحات عبر صحيفة لو باريزيان "كيليان ليس لاعبا يصعب إدارته، بل يلتزم دائما بأهداف الفريق، وقادر مع عدد قليل من اللاعبين على إحداث الفارق بمفرده".
وأضاف مدرب الديوك "لكن هذا لا يعني أن مبابي يستبعد نفسه من الأهداف الجماعية، وإذا لزم الأمر، أكون حريصا على توجيهه مثل أي لاعب آخر".
وتابع "بصراحة، أعتقد أن مدربي الدوري الفرنسي، يواجهون الكثير من المشاكل في إدارة اللاعبين الآخرين".
واستطرد ديديه ديشامب "أفضل وجود كيليان في فريقي لأنني أعرف أن المنتخب الفرنسي سيكون أفضل بوجود مبابي عن اللعب بدونه".
وختم تصريحاته في سياق آخر "عشت أسبوعين صعبين للغاية بعد الخروج المبكر من يورو 2020، ومع الوقت بدأت تحليل أسباب الإخفاق والخسارة أمام سويسرا بكل وضوح وموضوعية، ثم عقدت اجتماعا مع رئيس اتحاد الكرة، ولمست دعمه لي، والأهم ما ينتظرنا، فالأفضل لم يأت بعد".