
أعلنت اللجنة الأولمبية الدولية واليابان تأجيل الأولمبياد الصيفي إلى أجل لا يتعدى صيف 2021.
القرار غير مسبوق، وسيتسبب بخسائر كبيرة لليابان، لكنه كذلك أدخلها التاريخ من أوسع أبوابه.
يدخل خبر تأجيل دورة الألعاب الأولمبية الصيفية 2020 بسبب فيروس كورونا المستجد التاريخ من أوسع أبوابه.
فرغم أن هذه الألعاب عانت في بعض دوراتها من المقاطعة السياسية لعدد من الدول لأسباب متعددة، إلّا أنه لم يسبق أبدًا أن تأجلت أو ألغيت خارج الحربين العالميتين الأولى والثانية.
وألغيت هذه الألعاب 3 مرات فقط، الأولى ألعاب برلين 1916 خلال سنوات الحرب العالمية الأولى، وطوكيو 1940 ولندن 1944 خلال سنوات الحرب العالمية الثانية.
وتعود أول دورة أولمبية في التاريخ الحديث إلى عام 1896 في العاصمة اليونانية أثينا، ومنذ ذلك التاريخ لم تتأجل الألعاب أو تلغ أبدًا خارج أوقات الحربين العالميتين.
وكانت اللجنة الأولمبية الدولية واليابان قد أعلنا في بيان مشترك (24 مارس 2020)، إرجاء دورة الألعاب الأولمبية الصيفية التي كانت مقررة في طوكيو صيف هذا العام، لكن إلى أجل لا يتجاوز 2021. والدورة مقررة بين 24 يوليو و9 من أغسطس.
ومن غرائب التاريخ، أن أول دورة ألغيت في 1916 بقيت توصف تاريخيًا أنها الدورة السادسة رغم أنها لم تقم أبدًا، وفق مرسوم أصدره مؤسس الألعاب الأولمبية الحديثة البارون الفرنسي بيار دو كوبرتان.
كما أن دورة طوكيو 1940 جاءت للتضامن مع اليابان التي عانت من زلزال كارثي عام 1923، في تشابه مع دورة 2020 التي سميت بـ"ألعاب التعافي" نظرا لأن اليابان عانت بدورها عام 2011 من زلزال مدمر.
وعلاقة بقرار اليابان تأجيل الأولمبياد، قال الاتحاد الدولي لألعاب القوى إن القرار يوّفر "بعض الراحة والوضوح في هذا الوضع الملتبس وغير المسبوق".
كما رحب الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بالقرار، مؤكدًا أن "الأولوية" يجب أن تكون لصحة المشاركين في مواجهة فيروس كورونا المستجد.
وسيتسبب تأجيل الأولمبياد بخسائر كبيرة لليابان، إذ قدّر المنظمون مع نهاية عام 2019 الكلفة الإجمالية للأولمبياد بنحو 1.35 تريليون ين (12.6 مليار دولار).
وينقسم هذا المبلغ بين مدينة طوكيو التي تدفع 596 مليار ين، اللجنة المحلية المنظمة التي تساهم بمبلغ 603 مليارات ين، والحكومة التي تخصص 150 مليار ين، في وقت تقول فيه تقارير إن الكلفة قد تكون أعلى بكثير.
وقال ياسوهيرو ياماشيتا رئيس اللجنة الأولمبية اليابانية إن قرار تأجيل أولمبياد طوكيو بسبب جائحة فيروس كورونا جاء أسرع من المتوقع، لكنه يرغب في ضمان نجاح الحدث بعد تأجيله لمدة عام.
وكان الضغط يزداد على اللجنة الأولمبية الدولية وأبدت هيئات رياضية وبعض الرياضيين غضبهم من استغراق كل هذا الوقت في اتخاذ قرار بدا حتميا لكن ياماشيتا أبلغ الصحفيين بأن الوقت حان للتحلي بالإيجابية والاستعداد.
كما قال ياماشيتا، وهو لاعب جودو سابق يبلغ من العمر 62 عاما وسبق له نيل ميدالية ذهبية في أولمبياد لوس أنجلوس 1984، إن التأجيل لمدة عام أفضل من عامين بسبب عملية التأهل.
وجاء قرار اللجنة الأولمبية الدولية أسرع من المتوقع لكن ياماشيتا أبدى احترامه له من أجل ألعاب "آمنة ومكتملة".
وقال ياماشيتا الذي غاب عن أولمبياد موسكو 1980 بسبب مقاطعة اليابان للألعاب "سأكمل قريبا 63 عاما وهناك العديد من الأشياء غير المتوقعة ولا يمكن تخيلها في الحياة".
على جانب اخر يساند الرعاة الكبار لأولمبياد طوكيو 2020 اللجنة الأولمبية الدولية بعد تأجيل دورة طوكيو، ويقول خبراء إنه من المستبعد أن تطلب الشركات استعادة مليارات الدولارات التي تنص عليها الاتفاقات.
وأنفقت 14 شركة عالمية 500 مليون دولار هذا العام وأبدت التزامها بما يقرب من أربعة مليارات دولار في عقود لعدة سنوات تضعها ضمن الفئة الأولى من الرعاة.
وبعد إعلان التأجيل، أكد أربعة رعاة كبار أبرزهم شركة مياه غازيه شهيرة التزامهم بالقرار.
وقال متحدث باسم شركة المياه الغازية "باعتبارنا أقدم راع للأولمبياد، نحن ملتزمون بالتعاون مع اللجنة الأولمبية الدولية واللجنة المنظمة اليابانية لصناعة حدث آمن وناجح".
ورغم الثمن الباهظ الذي سيتحمله الرعاة، تعتبر الشركات بشكل عام نفسها شريكة على المدى الطويل للجنة الأولمبية الدولية.
وقال جيسون كارلوف الشريك في إحدى مؤسسات المحاماة والذي شارك في صفقات رعاية سابقة للجنة الأولمبية الدولية "بلا شك تتعاون اللجنة الدولية واللجنة المنظمة اليابانية مع هؤلاء الرعاة الأربعة عشر".
وبعيدا عن الأولمبياد، تسببت الجائحة في إلغاء كل حدث رياضي إقليمي ودولي تقريبا في الأشهر القادمة.وقال محامون اشتركوا في هذه الصفقات إن العديد من الرعاة، وفي الأغلب الشركات الصغيرة التي تضررت بشدة من تفشي الفيروس، يحاولون الانسحاب واستعادة أموالهم.
لكن حتى إذا أرادت شركة استعادة أموال الرعاية الأولمبية، فمن المستبعد أن يسمح العقد مع اللجنة الأولمبية الدولية بذلك وفقا لمحامين على صلة بهذه الصفقات.
وتعد عقود الرعاية في غاية الأهمية لعمليات اللجنة الأولمبية الدولية، وهي منظمة لا تهدف للربح يأتي تمويلها في الأساس من عقود البث التلفزيوني والرعاة الكبار.
وبشكل عام تدفع الشركات جزءا من القيمة الإجمالية للعقد مقدما عند التوقيع وتدفع الباقي على أقساط موزعة على مدة التعاقد.
ولم تطلع رويترز على عقود الرعاية، لكن مصادر على صلة بالأمر قالت إن كل عقد يختلف عن الآخر وقد لا يؤدي تأجيل أولمبياد طوكيو بالضرورة إلى أي التزام على اللجنة الأولمبية الدولية.
تعويض الرعاة
ويقول محامون إن بعض عقود الرعاية ربما تتطلب من اللجنة الأولمبية الدولية "تعويض" الرعاة في حالة التأجيل لعام واحد أو أكثر.
ومع ذلك، قال مسؤول إعلامي كبير إن بعض الشركات ربما تجد صعوبة في الالتزام بعقود مكلفة طويلة الأمد بعدما ترك انتشار فيروس كورونا أثرا ضخما على الاقتصاد العالمي.
وانسحبت سلسلة مطاعم شهيرة من رعايتها الطويلة للأولمبياد في 2017 عندما كانت تجري إصلاحات في عملياتها وتقلص النفقات.
وقال جيمس جونسون الشريك في مؤسسة محاماة تمثل أحد رعاة اللجنة الأولمبية الدولية الحاليين "أعتقد أن هناك إمكانية لأن يطلب بعض الرعاة إنهاء عقود الرعاية بشكل كامل في ظل الصعوبات الحالية".
وأكد مايكل لينش الشريك في شركة تسويق رياضي أن اللجنة الأولمبية الدولية ستتعاون على الأرجح مع الرعاة حتى لو لم يكن الأمر يستوجب ذلك.
وقال لينش الذي شارك في إبرام عقود رعاية أولمبية "هناك التزام على اللجنة الأولمبية الدولية باحترام روح الاتفاقات التي تنص على إقامة ألعاب صيفية وشتوية في غضون أربع سنوات".
وأضاف "آخر شيء ستفعله اللجنة الأولمبية الدولية هو الدخول في خلافات مع المنظمات التجارية التي تشاركها من أجل تمويل هذه الألعاب".