مع حلول موسم الحج كل عام يتبادر إلى الذهن شيء من تلك القوافي الدينية العذبة التي ارتبطت بالحج تلك الرحلة المباركة التي يتوق لها كل من أنعم الله عليه بنعمة الإسلام والاستطاعة البدنية والمادية ولاأخفيكم يا أحبتي القراء أنني كنتُ قد عقدت العزم على الحج العام لولا تقليص الدولة لعدد حجاج الداخل بسبب مشاريع توسعة الطواف فساهم ذلك التقليص للأسف في ارتفاع أسعار الحملات بشكل مبالغ فيه كما أنه في المقابل ساهمت مشاريع التوسعة التي لم تكتمل بعد في تضييق الخناق والزحام بشكل غير طبيعي وغير مسبوق فكان قرار التأجيل بالنسبة لي هو الأنسب في ظل هذه الظروف ولعل المولى عز وجل لم يكتب لي الحج هذا العام غير أنني على يقين بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم «مَن هم بِحَسَنةٍ فَلَم يَعمَلهَا كَتَبَهَا اللهُ عِندَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً».
لذا كنت ما ولازلت أردد هذه الأبيات التي نظمتها منذ أعوام لتعبر عن شوقي لأداء هذه الفريضة :
ذروني نحو بيت الله أمضي
فما في العُمر مُتسعُ لديّ
إذا ماهللَ الحاجُّ ولبّى
جرى دمع الحنين بوجنتيّ
على أي حال أبارك لضيوف الرحمن الذين كتب الله لهم الحج هذا العام وأرحب بهم هنا في المملكة العربية السعودية في بلاد الحرمين الشريفين وأسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن ييسر لهم أداء المناسك على أكمل وجه
وان يجعل حجهم مبرورا وذنبهم مغفورا وسعيهم مشكورا إنه ولي ذلك والقادر عليه
ختاماُ هذه قصيدة مما ورد في ديواني « الجرح إذا تنفس » أرحب من خلالها بضيوف الرحمن كما أصور من خلالها بعض المعاني والصور السامية التي تتجلّى في هذا المنسك العظيم وهذه الشعيرة العظيمة
والقصيدة تحت عنوان « هذا هو الإسلام » وهي طويلة نوعا ما لكنني اخترت لكم منها الأبيات التي أقول فيها
واليومَ ضيفُ الله يمم بيتَهُ
لبّى نداء الواحد العلاّمِ
وتعانقَ القاصي مع الداني به
وعلى الوجوه بشاشةٌ بوئامِ
صور التلاحم قد تجلّت هاهنا
لِتُحرِض الأحبار في الأقلامِ
صورٌ بها عبرٌ لكل موحِدٍ
فتأملوا يا سائر الأقوامِ
الحب يسكن في الجوانح هانئاً
كالنهر جُدِد ماؤهُ بغمامِ
الله أكبر والعقيدة زادنا
الله أكبر فوق كل كلام
هذي الجموع وما أتت من فارغٍ
جاءت تُبينُ سماحة الإسلام
جاءت تلبي الأمر أمر وليها
قطعت بطون البيدِ والآكامِ
جاءت إليه وفي حناياها جرى
وجلٌ من الزلاّتِ والآثامِ
خلعت لباس الغيِّ واتزرت لهُ
بالخوف والتقوى وبالإحرامِ
وتجردت من كُل بهرجةِ الدُنى
وقصورهن غدت جلود خيامِ
وتكحلت بالدمع خوف إلهها
وتعطرت بتلاوةٍ وقيامِ
لله كم في الحج من صور الهدى
ولكم أضاءَ مسيرةَ الأيام