أدري ، أنّي غريبة كالبحر ، في كلّ يوم لي موعد مع السفر ، وأنّي متّهمة بجرمِ الضياع بين هذا الوطن و ذاك ..و كأنّ الهجر مرايا تعكسني و الوطن طفلا سقط في الوحل و تمرّغ...شغفاً و لهفة
ما أكذبني حين أصدّقني ) ولم يبق من العمر الكثير...كي تُسرج الأمنيات على ظهر القدر لتمضي و ما تبّت يداك، يا أيها العابر فوق تفاصيلي المبعثرة أملاً في موسم الذكريات...أَ فلا تُدرك أن للذكرى عزّة نفسٍ و كبرياء !؟ بإسم ذاك المكان الذي احتضرت فيه رجولتك و تماهى غرورك في الرحيل ... ، بإسم ذاك العشق البديل الذي كان عليه أن يستبكِر الوصول قبلك ...ليحيي وجعك و أقايضه بخوفي ...
أتذكر دموع هاجر ، أوّل امرأة بكتْ في هجرةٍ لا تنتهي ، تصاهر العطش و الصبر...منها قد تعلّمتُ البقاء، كي أُصاهر كلّ الظلم و أختبئ في علّةٍ ترتوي من أوردتي الدم،..فقط لأنني أيْنعتُ فيك الحياة !
للعشق ...أنا يا هذا ، حتّى و ان سحبوا من جثّتي ذاك العناق الكبير الذي يلفّني بك كآلام العراق، و للخوفِ أنتَ...اذ غفر الله لك...
أدري ، أنّي فطرت على انبثاق الفراق بالفراق، كي أعود كلّ حين و أدخل ثانية في جذورك ، و أحتلّ الأسئلة... كهذا الزمان طويل اللسان، فلاَ تسألني بعد كلّ هذا: ما شأن أولادنا بسلالة الجنون ؟! كي ينتفض صوتي:و ما شأننا نحن !! ما دامت المعجزات تفتح أبوابها للجميع...!؟ ،فلترتدي اذن غير قلبي قبراً لأحلامك و تدفنني في أرضٍ تلبس رداء البدء ..كي أستريح طويلاً و أصرخ في وجه التّيه : حبة فرح يالله !! لعلّ البحر بداخلي يبصر ما بداخله و يكتفي بخيره و شرّه...و أنتَ تحمل عنّي عبء السلام ...فسلاماً...سلاماً!!
لكنه سرق عمره ليحيا دقائق أخرى من أجلها ،و يكفّر عن خطيئته ، كيْ يرى البحر من داخلها ....باحثاً عن مرافئ للبرّ، لكن من يوقف البحر كي يجد البدء في ساحلها ؟ و من يريد الرجوع الى صوت أغادير كي يكتب فصلا جديدا عن ذاك اللقاء و عن قاتلها...؟؟
عاد إليها قائلا: ها أنذا أستطيع الحياة الى آخر العشق مولاتي...لأكتب ما يقنع القلب بالنبض ..و في وُسعك يا امرأة أن تحدّدي لَحْدي..
لم يكن الذهاب الى آخر العشق سهلاً في اثنين : وحده وَ وحدها ..فبين حصار اللقاء و جحيم الفراق كان هناك من يشتهي التحدّي عمّن يصمد أكثر بمعنى الاكتفاء ..و كلّ شيء يدل على عبث الريح و الشوق يهبّ بينهما في هباء.
ارحلي ...ارحلي ،كي أضمّد النسيان من بعدِك،ففي غيابك أرى بقلبي ما لا يُرى و أدرك علّة نفسي...فيا سيدتي ، أنا رجل مرصود بحُكم امرأة أخرى ، لا تصدّق حدسي ...وأقصى الوضوح تراه عَيْن الغموض ..فكيف لي إذن أن أحرّر نفسي من أسر هذا القيد و أمتثل لعِشقك الذي قطّعني وتراً..وتراً ،هيا عانقيني قبل أن تأتي ساعة الهجر لأولد ثانية فيكِ...و أصيح مثلك بملء دمي : حبة فرحٍ يا الله !!!