من النهر الذي لم يعط غير الحب ...جاءت إليه مع الكلمات التي لم تقلها قبل....طفلةً تتوهّج في الذاكرة ، يعاتبها الممكن المستحيل...حتى تسرد حكايتها و الشّك يصلّي في جلال الصمت هدرًا...بعدما كانت لا تتوقف عن الثرثرة ، أصبحت الكلمات تختنق في ثغر حقيقتها ...و إن كانت صوفيّة هيَ ...أم غاوية تستفزّ غيابه كلّما اعتذر عن اللقاء...!!
قائلة : يا نابضاً فيّ كل آن ، ها أنا رجعت، لكن في عودتي لم أعد أنا انا...بداخلي روح محزونة حتّى الموت..و الخوف يعرّيني بعدما بعتني مع الفجر ...كيف لي أن أجهضها ؟! و الأحشاء صارت ثلج و العزّة سقطت في الوحل ،،يا هذا إني أتيتك من تلاقح الخوف مع الخوف و من تثاؤب العدم ...أرتجيك فوق الخطيئة ستراً ، فإنه يا موتُ...عارنا سوية، فمزّقه بحقّ التربة التّي شكّلتني ...
و من ليلٍ..الى جرح، لملم رجولته كأرملة تنتحب انتحار الحظ على شرفة الأتي...و جمع ما في الغرفة من انتصارات قديمة و اعتزم الهجر للمرة الألف...ليس جبناً و لكن خوفاً من زئير امرأة قد تمخر ذاك البيت البديل...
« إنني يا هذه...رجل من قيدٍ و انكسار ، خذي دراهمي و اختصريني ما استطعتِ ،فمن يحترف الرجولة هناك- مشيرا الى سرير احتضر فيه حلمها يوماً - يقتل الحب هنا...« فاتحا الباب»....كل شيءٍ كان تمثيلا بعيدا عن مواويل الامتلاك و ذراعي كانت مروحة تعصف بكلّ النساء مثلك.... و لهذا أستقيل !!
كل شيء كان بدائيا بينهما ...حتى لحظة الهروب المؤقت ..من نظرة عارية ،تستفزها اللهفة الى اخر قبلة تختصر مسافات الجسد ،التي تفصلهما عن ادراك ما سيحدث ....كما الحياة التي تسبقها صرخة طفل يعتصره الندم لقدومه مجبرا ...فقط لقدرية الميلاد!!
هنالك ...حيث يستقرّ آخر ظل للعشق،و يستريح أملهما في أن يعيشا معاً على ضفاف امرأة أخرى...كانت الأذكى في لعبة المكر ...على طاولة الغياب و الحضور التي تديرها بالأمر و النهي ،حيث كان هو فيها كالنرد ...مرة يصيب بإيمانه لحتمية الأشياء و مرة يخيب بتهوره في إقرارها..و الكل في فلكها عائم ..يستغيث ،حتى في عشقه الذي أوجده قسرا لأجل المقامرة فقط ليمتحن لذة الكسب...ويتباهى به في أعين الرفاق
«إنه المطلق ...حيث تدفعني بلا وعي ....و أدفعك بمنطقي الى الجنون »..هكذا صرخت في وجهه الذي تدلّى بالتردد ...
« ...قل لي بربّك !!! ألا تخجل ....حين تختبئ في عباءة قوّتها و تتقمّص بطولة المواقف معي...و تدّعي الاختلاف
لكنّي لا أريدك بطلاً ...ينتزع الأوسمة من صدري المتعب ليعلّقه على شمّاعة الأقدار
لا أريدك ...حلما يبقيني لمتعة ليلٍ يستأصل اللون الأحمر من وريد الأيتام
كن رجلاً....فقط ... أوهبته عشقي المغفّل ...و مضيت أرتجيه البقاء!!
فما أقسى اليتم حين روّضته بفقر اهتمامك.... يا نابضاً فيّ كل آن....!!»
لكنّ الصمت تنهّد منه و تذمّر بسخرية الموقف ...لعلّه يقول : لا .....كلاّ
و لكن.....ماااا ملاّاااا
بقي جاثيا على ركبته ينتظر موعد القطار الذي سيحتمل صوته المنهك بتأفف المسافرين، و رائحة البيض المسلوق ....لمسافات طويلة ،شارد الذهن ....يبحث عن وجهٍ آخر للحلم ،قد ضاق به أملا في كل مرّة يأتي إليه....، و بصوت خافتٍ، يرتجف ندماً..همست له،بعدما هزّها صفير قطارٍ قادمٍ يئن بعدما استبكر الوصول ....
«كما تريد ....لكن !!!! ان رحلت....تذكرني فحسب ، امرأة خلقت من طين العتاب على حساب رغبتي، و انت كالنور ...أينما يرحل... أسعى إليه »