ذات ليلٍ إلا حلم....استقلّت بدموعها طريق الوحدة الى وطنٍ يشبهها، لا ينجح الا في قتل الوقت و قتلها.... و كأنما الفراغ إعاقة لن تتجرّد منها ،..ككلّ عام ....ودّعته بصوتٍ يلملم القوة من رياح صيفٍ ينكسر كالمرايا و يحتجب في رداء الفقر كالوطن...
فهمست له :( ها أنا ...راحلة خلف أقاصي المنفى كما أمرت... ،فانتظرني قليلا...أو كثيراً !! لأسمع صوت دمي و أنجو فيك ..فما زلت أعلّم حياتي المشي..و ان مالت عليك ...فاحتملها !! فأنا كباقي العاشقات أجمع الدموع عن الليل ....و أجمع الصدى و أخفيه خلف حكايات لا تبوح بسرّي...)
لكن أسْلَمها الرحيل الى الرحيل ..و تركته خلفها منحنيا ، مكسور الأضلاع الأخيرة ...حتى ثار جرحه بالانتظار قائلاً: ( يا من تنكثين الوعد بالوعد....ما شأني أنا !!! كي يغرقني الفراق الى الأبد ...فكل الأمكنة في غيابك تطفو كزبد البحر ...و كل الأزمنة أصبحت لحظة للقتل ...
أوَ تذكرين ..!؟ أغنية : أنا أعشق البحر ...و قبلتي العابرة التي احتلّها الظلّ على جبينك و غنّى لها ذاك الطائر العابر الذي وعدتك بمكاتيبه أن لا يشدو الا لعينيك ...
ها هي الأرض بما فيها ...و من عليها ...تائهة كأنتِ ... بين الكرّ و الفرّ، حين تسرقين روحي دون أن تطلبي الغفران ، كغيرك من العاشقات ، فكمْ مرة استطعتِ أن تقتليني لأصرخ : إنّي أحبك بملء الأحجيات ، كوطنٍ شهم لم يمتثل لامرأة ...!!
و كم مرّة استطعتِ أن تخبّئي في الشهوات انتحار الخيول على عتبة الكبرياء...!!
فصاحت بأطراف صمتها ، عاصفةً : ( يا من يخلق الذكريات و يقتلها قبل أن تكتمل في مخيّلتي...أحبّك اذ أشتهيك بكلّ عاطفتي ، فأي لعنةٍ بهذه العاطفة ...
يا من شرّدني من البرّ و البحر ..لتُبقي لي جسمك مرفأ في السماء ...و جسميَ أرضك في الأرض !!
فأنا من شعبٍ لا يحبّ الظلّ..و البحر ، بعدما حفر في الهواء تحيّة القلب الأخيرة ...
أأسأت اليك يا وطني...كما أساء إليّ بنو آدم ؟؟؟!!
طبعا لا....
إنهم يستدرجونك فقط ،فكوني كبيرة !!
،هياااا اذن ،......افتح النوافذ للتي ستأتي من بعدي ،كي تطلّ علينا و يصيبها الوهج ...مادمنا على مشهدٍ لا يكرّر غير حضور الفراق ..
يا من كسرتَ نفسي كي أراك..ها قد وضعت الكلام على الرّصيف و انصرفت !!
فلم يبق لي شي كي أخسره هنااا ...غير الغبار و ما مات منّي
و لم يبق شيء فيك كيْ أراه ....فربما نعود يوما الى حضن الغيم ، لكن حلمي إياه أن يأتي عكس حلمي ....أو يعود عند أوّل الحكاية...فكم مرّة ستعيد للأشياء أولها و للأوهام فكرتها البسيطة !!