ويتواصل الحديث عن خير الشهور فيما ورد في دواوين أهل الشعر والبيان إذ لم يكن الشعر وحده المستأثر بالبوح الرمضاني حيث شارك التراث الشعبي كذلك في الكتابة عن الشهر الفضيل ، خاصة في الزجل وفي هذا يحضرني الزجل الشهير الذي هجا به أحد الزجالين رفيق لهكان مفطراًلرمضان قائلاُ :
يا فاطر رمضان
يا خاسر دينك
كلبتنا السوده
تقطع مصارينك
وقد انتشر هذان البيتانوسارت بهما الركبان في كل مكان فكسب هذا الفاطر بذلك الزجل مذمة على مدى الدهر .
وليس ذلك فحسب بل ثمة زجل آخر ذاع صيته على مدى الأزمان وأعني به تلك الأهزوجة الرمضانية الشهيرة «وحوي يا وحوي» والتي كنا نشدو بها ونحن صغار ومازلنا وتقول كلماتها :
أحويأحويإياها
بنت السلطانإياها
لابسه قفطان إياها
بجلابيبه إياها
ياللا نجيب له
إيــاهــا
وقد يتساءل البعض عن المقصود بهذه الأبيات وعن ذلك تخبرنا كتب التراث أن المقصود بها أن الطفل يتمنى أن يحوي عنده بنت السلطان ذات الثياب الفاخرة المحلاة بالجلاجل الذهبية ، وقد أعاد بعض المؤرخين نشأة هذه الأغنية إلى العهد الفاطمي ثم تحرفت بعد ذلك إلى لفظها الشهير ، ومع مرور الزمن اصبحت أنشودة «وحوي» أنشودة رمضانية تذاع في الاذاعات في كل رمضان من كل عام حيث كتب كلماتها « حسين حلمي « وغناها « أحمد عبد القادر .
وقد كان للسحور كذلك أهازيج بديعة يشدو بها المسحراتي في الشوارع والطرقات لتذكير الناس بتناول وجبة السحور قبل أن يحين موعد الإمساك ولعل أبرز ما يحضرني الآن تلك الأهزوجة المميزة التي كانت ولازالت حاضرة في الوجدان والأذهان وتقول كلماتها :
اصحى يا نايم
وحد الدايم
وقول نويت
بكرة ان حييت
الشهر صايم
والفجر قايم
إصحى يا نايم
والحديث عن رمضان في دواوين الشعر والبيان حديث ذو شجون يتجدد الشوق إليه وإلى تقليب صفحات ذكرياته وأبياته وأغنياته في مثل هذا الشهر من كل عام وسأكتفي بما أوردته هنا ليتسنى للقارئ الكريم الاستزادة في هذا الباب إما بالاستماع إلى قصص الذكريات من الآباء والأجداد في هذا الصدد أو بالبحث والتقصي في بطون كتب ألأدب والتراث الرمضاني