لكل أدب تاريخه وجذوره التي يستند عليها وفي هذايقول الدكتور عمر الطيب الساسي في كتابه «الموجز في تاريخ الأدب العربي السعودي : منذ أن اطمأن الناس وهدأت النفوس وسعدت بتوحيد أقطار هذه البلاد وتثبيت الأمن في ربوعها، اتجه الجميع إلى العمل المثمر، كل في ميدانه، فوحد مجموعة من الأدباء جهودهم، واشتركوا في تجميع الآثار الشعرية والنثرية، وإصدارها في كتاب، فكان ذلك هو أول إصدار أدبي طبع ونشر بعد توحيد هذه البلاد، وحمل ذلك الكتاب عنوان «أدب الحجاز»، وأصدره محمد سرور الصبان في شهر شوال سنة 1344هـ حاملاً آثاراً شعرية ونثرية لمجموعة مؤلفة من خمسة عشر أديباً شاباً آنذاك، ووصفه ناشره، محمد سرور الصبان «رحمه الله» بأنه: « صفحة فكرية من أدب الناشئة الحجازية» ، كما كتب في تقديم الكتاب يقول: « أقدم بين يدي القارئ الكريم صفحة فكرية من أدب الشبيبة الحجازية، شعرها ونثرها لهذا العهد، ولأول مرة في التاريخ الأدبي لهذه البلاد، بعد فترة طويلة، وقرون كثيرة، قضى بها سوء الطالع، أن يكون علم الأدب فيها غريباً، والأدب مبتذلاً « .
ويذكر محمد علي مغربي في كتاب «أعلام الحجاز»
: إننا نستطيع أن نؤرخ لظهور الأدب الحديث في الحجاز بظهور كتابي «أدب الحجاز» و «المعرض» اللذين أصدرهما المرحوم الشيخ محمد سرور الصبان وهما مجموعة مقالات وقصائد لأدباء الحجاز في ذلك العهد وقد شارك فيهما الأستاذ عواد رحمه الله مشاركة واضحة وكذلك بظهور كتاب«خواطر مصرحة» للأستاذ محمد حسن عواد وهو كتاب مستقل بذاته وجميع هذه الكتب ظهرت في النصف الأول من الأربعينيات وفي أوائل العهد السعودي عام 1345هـ ولقد كان الأدب والشعر في هذه البلاد في حالة ركود تام والأدباء الذين ظهرت بعض آثارهم من قبل كانوا أدباء تقليديين إن صح هذا التعبير فالنثر تضيع معانيه بين ثنايا السجع، والشعر تغلب عليه المحسنات البديعية التي تحفل بالمبالغات والاستحالات، والجو الأدبي يخيم عليه الركود. وفي ذلك الوقت بدأ شباب مكة وجدة ممن تعلموا في مدارس الفلاح خاصة يفتحون عيونهم على ما تحفل به الصحف المصرية من نثر وشعر وما تنتجه المطابع العربية من ثمرات القرائح والأفكار لأدباء العرب في مصر وسوريا ولبنان بل وفي المهجر فقد كانت هناك الرابطة القلمية ولها مجلة تصدر في نيويورك وكانت تنشر آثار الأدباء السوريين واللبنانيين المهاجرين في أمريكا كما تطبع مؤلفاتهم ومن أبرزهم جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وايليا أبو ماضي وغيرهم.
وكانت هذه الصحف وتلك الكتب بما تحتوي عليه من أفكار وما تضمه من آثار تجد صدىً عظيماً في نفوس الشباب المتعطش للعلم والراغب في تجديد الحياة في جميع مجالاتها، فلما أتيح لهؤلاء الفتية من المتعلمين أن يعبروا عن رغباتهم وأفكارهم كان هذا التعبير ممثلا أولاً في الكتابين اللذين أصدرهما المرحوم الشيخ محمد سرور الصبان وهما كتابي «أدب الحجاز» و«المعرض» وفي كتاب الأستاذ محمد حسن عواد «خواطر مصرحة».
وأختم مقالي هذا بذكر عدد من الأدباء الذين كان لهم بصمات واضحة في مسيرة الأدب في الحجاز :«حمزة شحاتة , محمد حسن فقي , طاهر زمخشري , أحمد عبد الغفور عطار , مصطفى زقزوق , حسن عبدالله القرشي ,محمد حسن عواد ,عبدالله الجفري, حسين عرب
, يحي توفيق حسن , عزيز ضياء »