هناك أحلام نشنقها كي لاتكبر وتترعرع وتصبح أشجارا تعانق ثمارها ....!! أحلام تثقل على تفكيرنا وحواسنا ، تدفعنا لنرتشف الطموح حتى الثمالة ...!
حين تكبر فينا الأحلام وتتفرع في كياننا ، وتصبح هي والدم توأمان يسيران جنبا إلى جنب في أودية الأوردة فإننا نختنق ... نختنق حين يصبح أكسجين الأمل مشبع بثاني أكسيد المستحيل ... اختنااااااق ..... صرخة تدوي في الأعماق تتشظى لها جدران الفؤاد وتعربد كل الذكريات وتتخبط في بعضها تريد أن تعرف طريقا إلى أعشاشها لتشعر بالأمان
الأمان الذي نفتقده حين ترتسم ابتسامة اغتصب منها دفئها وعادت مجرد خطوط على جدار الوجه تختلف في اتجاهها حين تشد الشفتين بكل برود
البرود ... صقيع ... ثلج ...مرض ... وعدوى تجمد مشاعرنا وتدخلها في موسم سبات لانهاية له ؛ تجعل شمس كياننا مصابة بارتعاش تفقد على إثره وهجها ؛ لأن خلاياها أصابها الزهايمر ... التبلد والجهل بحقيقة مشاعرنا ...!
مشاعرنا ... !!أسلاك لا مرئية تشدنا وتشد إلينا ؛ لتجعل للحياة معنى وللتنفس هدف يعطر بنسماته عشب الشوق الجاف الذي تحرقه أيادي المستحيل .... للأحلام طعم المرارة حين تتحول إلى رعد يقصف مهجتنا كلما حاولنا أن ننسى ...!
ننسى ...!!
آه من ذلك النسيان ، تلك الممحاة التي تلاحق أعذب الذكريات ، تحاول أن تمحوها من ذاكرتنا . كما طفل في الروضة ممسك بيده اليمنى قلم رصاص وبيده اليسرى ممحاة يلعب على الورقة يخط خطوطا ويلاحقها بممحاته وهو يضحك ظنا منه أنه يقلد – تلك المسماة حكايات طوم أند جيري - آآآه من رسوم رسمت معالم جيل ومازالت ترسم معالم جيل آخر ...!!
إن ذاكرتنا أحيانا تشبه الخلاط حين تمتزج الفواكه في بطنه ، يطحنها لنصبها في كؤوس نتذوق منظرها الخلاب بألوانها الزاهية قبل أن نرسلها بشغف دون تأشيرة إلى أول محطة من محطات الجهاز الهضمي .
المحطة ، المحطات ... صارت تحاصرنا من كل الاتجاهات ، في البيت في الأسواق و حتى في المطاعم ترى الشاشات معلقة على الجدران أو في زوايا ، زوايا تشكو ضجيجها وصخبها ، زوايا سرق منها سكونها وهدوءها ، هدوء كسرت معالمه فضائيات ...تتزاحم لتتصدر وتحتكر مساحات تلك الشاشات لتفرغ ما في جعبتها في عيون المشاهدين ومن ثم ينتقل الأثير الملوث إلى عقولهم .... حتى أصبحت بعض الأمهات إن أردن أن يتخلصن من صراخ أولادهن ؛ يثبتن الطفل أمام شاشة تصيب عيناه بالدوخة ؛لما يراه من سرعة الانتقال ما بين عالم البحار وعالم الأقمار وعالم السهرات وعالم المسلسلات وعالم الأكشن المصدر لثقافة العنف وعالم طوم وعالم البوكيمون إلى عالم الرجل العنكبوت حتى صار تفكير الأطفال يشبه خيوط العنكبوت ...» إن أوهن البيوت لبيت العنكبوت « ... تفكير هش يتفتت كما يتفتت الطين حين يتشبع بالجفاف ...!
أصبح الطفل والشاب والمرأة والرجل الكل يحلم أن يصبح – نجم... ستار - ... يحلم .... !!
شتان مابين أحلام وأحلام ....!
أحلام تحيي أمة وأحلام تقتل أمة ....!!
هل نجيد أن نحلم ...؟ !! لنحيى بأحلامنا كي تحلم أحلامنا بنا ...!!