مرةً أخرى سأحاول الحديث و أنا أوسّع النظرة من مجال الكتابة في ملف مقامات إلى مجال أشمل يتمثّل بالكل الاجتماعي .. كل فئات المجتمع هي بعض من دائرة المجتمع لا تخرج أبداً من الدائرة الأم ..! فرد ، أسرة ، فئة ، المدينة .. الخ .. كلها دوائر تتواكب لتشكل الإطار العام كمجتمع عربي ورثنا بعض الشعارات التي نوقن بأنها ليست إلا ألفاظ نرددها وليس لها أثر واقعي .. فدائما نسمع عن التماسك العربي ودماء الأخوة التي تجري في العروق و الهدف الواحد و المصير الواحد .. لكن على الأرض ما نحنُ إلا شتات و فصائل الدم مختلفة و الهدف تسلل ..! و المصير « بلاه .. بلاه .. بلاه » .. فنحن نمارس النفاق الاجتماعي بصورة غبيّة جداً لدرجة أننا في أحايين كثيرة نقهقه بسخرية على طريقة تمثيل المشهد السخيفة ..!فاستطيع أن أختصر المواقف كلها التي تظهر لنا الصفاء و النقاء و المصير الواحد لغاية صورة و مشاهد إعلامية تبثها نشرات الأخبار أو مصلحة ماديّة ..!حقيقة ما قرأتموه في السياق أعلاه ليس إلا مثال لكل قارئ يستدل به على المواضيع التي يجب تجنُّب الحديث عنها .. فنصيحتي لكم تجنبوا هكذا حديث و تحدثوا كيفما تشاؤون في الشعر و الرياضة بدون خوف من تجاوز تلك الخطوط الملونة ..!و سأكن أولكم تطبيقاً و سأتحدث عن محبوبتنا “ الساحة الشعبية “ فمن خلالها و خلال أخواتها نستطيع الوصول إلى ما نريد بدون وخامة العواقب ..!أتشعرون مثلّي في كثير الأحيان أنَّ كل ما يقال في الساحة الشعبية في سياق الأخوة و الصفاء و النقاء ما هو إلا “ شعارات “ مصدرها تلك الشعارات التي لا نستطيع الحديث عنها ؟!تعالوا نفكّر ببعض الحالات التي يعرفها الجميع بدون ( شخصنة ) الأمر .
- كم من توافق كان بين شاعر و وسيلة إعلامية .. انتهى بأنواع التراشق اللفظي و التحجيم و الافتراء و التشويه ؟
- كم من أخوة ٍ كانت بين شاعرين انتهت إلى عداوة دامية حتى وصلت الأمور إلى التشكيك في شاعرية الآخر ؟
- كم من شاعر انقلب على “ معزبّة “ الذي خلده في مدائح تصل إلى مستوى التبجيل و من ثم آلت الحالة إلى نكران ما كان و تغير الميول تجاه “ معزب جديد»؟!!
- كم من شاعر ٍ رضخ لبنود منبر إعلامي و بعد أن خرج منه تحوّل إلى لسان الحق الذي يظهر عيوب ذلك المنبر ؟!
هذه الدوائر هي جزيئات الدائرة الكبيرة .. فمثل هذه القصص لا تمثّل حالة واحدة حتى نصفها “ بالشذوذ “ و هو الخروج عن القاعدة .. بل هي تمثّل القاعدة لأنه وفي معظم العلاقات تكون النهايّة مأساوية .. فالشقاق مبعثه النفاق .. فمتى انتهت المصلحة الآنية ظهرت عيوب الآخر على السطح و نُشِر غسيله بكل وقاحة ...!
يا سادة الدائرة “ ساحة “ تعاني أزمة ثقة .. لأن السواد الأعظم الأخوة و المصير الواحد ما هو إلا طريق إلى ( شِل أبوك حط أبوك ) ..!
أسقطوه على أي واقع يسقطُ عليه .. و أنا سألتزم بالحديث الذي قلته بالتزام .. لكن بدون ثقة ..!
الرائعة «قوت القلوب» و أزمة الثقة في الآخر في رائعتها “ تحلوى طعنة الخافق” :
عديم القلب ما يصـدق شعـوره
ولايقرى قصيدي فـي سطـوره
ولا يدري وش اللي قد جرى لي
عقب ماغاب عن وصلي حظوره
تعبت من الصبر واليآس سـوى
على قلبي مع الرجوى خطـوره
أحسبـــــنـه يعـود ويلتقـي بـي
أثاري غيمته تحجـب ظهـوره