كنتُ في جلسة خاصة مع أخي فهد الزغيبي ، وتطرقنا لتصريحي في صحيفة الشرق السعودية بعنوان “ المثقفون الوهميون يشوهون وجه الثقافة في حفر الباطن “ فسألني السؤال التالي : أتستطيع أن تواجه ردود فعل أهل المحافظة تجاه هذا التصريح ؟! فقلت له وبكل بساطة : قبل الحديث عن هذه المواجهة تحدث عن القناعة ، وأنا مقتنع بالذي قلته تمامًا ، وما دام قولي مؤصلًا بقناعاتي فأنا على استعداد تام لمواجهة الكون ، بعد هذا الحديث الجانبي توسعت الدائرة البشرية بانضمام ، أ. نافع التيمان و أ. طلال آبا جريد ، ليتجاوز التفكير حدود القول إلى تشكيل مشهد ينظم مثل هذه المواجهة ، وأوسع من المواجهة كانت الفكرة إيجاد منبر يمثل حلقة وصل بين التجربة و المجتمع، المشكلة الأولى ، أنّ عدم وجود امتداد لمثل هذه الفكرة كان العقبة الأكبر و لتجاوزها كنّا نحتاج لجرأة على التجربة لجرأة على الإقدام لجرأة على التنفيذ حتى لو لم يكتمل التفكير، ولأننا كنا نريد تحقيق شيء على أرض الواقع كان الدافع الأول هو الأصل في كل التحركات والتي لم نتح فيها أي فرصة للزمن لأن يمتد لحدود دخولنا في حالة الكسل والعجز كما هو حال كثير التجارب والأفكار التي بدأت بالحديث وانتهت بالحديث .!
فخلال أيام كان “لقاء” منفذة ، وأقسم بالله حين تنفيذها لم تتبلور في أذهاننا غالب التفاصيل حتى أنّ الاسم [لقاء] لم يتشكل إلا بعد الحدث ، كل الذي كنا نعرفه هو الوصف “ ملتقى حفر الباطن الثقافي “ ومع كل حديث حوله نؤسس لفكرة ، وبعد كل حلقة نتلمس الأخطاء ونجهد بمعالجتها .. فكانت البداية بمحاكمتي حول تصريحي ، و ثنينا بالحديث عن “ التجربة الإعلامية في حفر الباطن “ باستضافة أ. حماد الحربي .. ليكون ضيف الحلقة الثالثة أ. شلاش الضبعان بندوة عنوانها “ كيف نجعل أقلامنا أدوات بناء ؟ “ وحلقته الرابعة بعنوان “ بيئة حفر الباطن مشاكل وحلول”، وضيفها أ.سند الحشار والخامسة بعنوان “ نادي الباطن المسيرة والطموح “ واستضاف أ. ناصر الهويدي ، والسادسة بعنوان “ الخط العربي “ وضيفها أ. نواف مبارك ، والسابعة بعنوان “ مجلس الأهالي التشكيل والغاية “ ،هذا التنوع في المواضيع مقصود لا عبثٌ أفكار ، ففي “لقاء” الفكرة كانت بَدْع منبر لا يتحيّز لدائرة واحدة بل يتسع ليشمل كل تفاصيل الحياة وقضاياها ، وما زال ملتقى حفر الباطن الثقافي في طور النشأة لم تكتمل التجربة لذاك المشهد الذي يحقق الغاية من هاك حراك ثقافي ، لكن مع تقدمه بالزمن تتبلور التجربة وتتطور ، فبدأ الأمر بانضمام مجموعة راقية همّها الأول هو خدمة الشأن العام في المحافظة تقدّم الخدمة بدون مقابل ليكمل لقاء المسيرة ، وكذلك الدخول في شراكة رسمية مع نادي الباطن الرياضي تعتبر نقلة أصيلة اختصرت الكثير من التفاصيل المكلفة ، ومن بعدها الدخول في رعاية إعلامية مع منتديات عاصمة الربيع بقدرات هائلة تتجاوز الحدود المتعارف عليها في المنتديات بالإضافة للرغبة الحقيقية بدعم المجتمع من خلال التجارب ذات القيمة .. كل هذه التفاصيل تواكبت لتصنع حدثًا يتجاوز الإمكانات المتاحة على أرض الواقع ، و العقبات التي أتلمسها الآن - كرأي شخصي – تتمثل في مستويين ، الأول هو النفسية الجمعية التي لم تتعود على مثل هذه المشاهد الثقافية وبعض التردد في اكتشاف القصة في “لقاء”، والثاني هو الأنانية الفردية بالتزام الإنسان فكرة أنّ النجاح هو نجاح شخصي للقائمين عليه ليكون دعم الفكرة من قبل أناس لهم أثرهم ، حتى ولو كان الدعم بالحضور ناقص ، وهذا النقص إن لم يوقف مسيرة “لقاء” إلا أنّ غياب الإيجابية يبطئ قليلًا من عجلة دورانه للأمام !! والأمل ما زال قائمًا وسيبقى بأن تحفل الأيام بإظهار بعض المسؤولية بتجاوز الشخصنة تجاه مثل هذه المشاهد التي تؤسس لثقافة أصيلة في تقدم المجتمعات من خلال تقديم التجارب ومناقشتها بطريقة صحية . وحتى حين سأعلن فخري بأصدقائي وكل العاملين والشركاء على هذا المشهد ، و أوصي نفسي قبل أن أوصيهم بأن استمرار “لقاء” يحتاج لأن نتجاوز أنفسنا للتفكير بحاضر مجتمعنا و مستقبل الأجيال القادمة ، وحتى لو سمعنا عبارات تحجّم من هذا الذي تم إنجازه على أرض الواقع !! فيفرقنا عنهم أننا قمنا بشيء وهم ما زالوا يتحدثون حوله ! وإن لم يتجاوزوا هذه الحدود فسيمر الزمن لتحفظنا الذاكرة الجمعية بأننا المنجزون ولا يذكرهم أحد حتى لو تعالت أصواتهم بأنّ “لقاء” لا شيء ، فالبقاء لمن ترك أثره على أرض الواقع فقط ..!