العدد 1539 Friday 19, April 2013
جريدة كويتية يومية سياسية شاملة مستقلة
الداخلية: أي شغب أو خروج على القانون سيواجه بكل حسم الراشد يلتقي رؤساء التحرير لبحث قانون «الإعلام الموحد» «الصحية»: إنجاز قانون «إعلانات الصحة» لجنة جسر جابر: فتح التحقيق مع المقاول العالمي «البلدية» تحذر: لا تشتروا العقارات قبل التأكد من قانونيتها الإمارات: ضبط خلية إرهابية جديدة تستهدف أمن الخليج أمريكا: مقتل70 وإصابة المئات بانفجار تكساس ليبيا: إطلاق نار على طائرة ركاب في طرابلس «اتجاهات»: 18 تهديداً بالاستجواب من 12 نائباً تستهدف المبارك و6 وزراء مجلس الأمة: لا نقبل أي تعدٍ على الذات الأميرية أو قدسية الأحكام القضائية «الصحية البرلمانية» تنتهي من قانون تنظيم الإعلان عن المواد المتعلقة بالصحة سلمان الحمود: حريصون على توطيد علاقاتنا مع الصين الرشيدي: إقرار مشروعي «القوى العاملة» وتعديل قانون العمل يعزز مكانة الكويت دولياً جامعة كورفينوس الهنغارية تمنح محمد الصباح الدكتوراه الفخرية «الداخلية»: المتظاهرون في الأندلس خارجون على القانون.. وسنجابههم بحزم فلاح بن جامع: «العوازم» ضد الإمارة الدستورية والحكومة المنتخبة الكويت تدعم مشروعات «الصليب الأحمر» في سوريا بـ25 مليون دولار المعيقلي: الدعوة إلى الله كنز .. والحكمة في تطبيقها ضرورة «التعريف بالإسلام» النسائية أقامت مسابقة دينية في الأربعين النووية وفد من الحرس الوطني زار وكالة الأنباء الكويتية مصطفى: الحكومة حريصة على دعم هيئات المجتمع المدني بجميع مؤسساته «التطوير» تفوز بانتخابات جمعية المهندسين للمرة السادسة مواجهات مصيرية في الجولة الختامية الكويت بطل الأشبال والفحيحيل حاز لقب الشباب بلاتر: تفجيرات بوسطن تحذير لمنظمي الأحداث الرياضية المان يونايتد يسقط في فخ المطارق الميلان يقترب من حارس نيوكاسل لخلافة أبياتي الذئاب تكشر عن أنيابها وتلتهم الأفاعي أمن «التعاون»... في أيدٍ أمينة العراق: القوات الخاصة تلاحق الدوري في الدور صنعاء: هادي يترأس أول اجتماعات الهيئة القيادية لمؤتمر الحوار إيران تستعرض قوتها.. وتتوعد أعداءها بالدمار الشامل مصر: «النور» ينفي تآمره على مرسي .. ومبارك يعود إلى «المزرعة» المعارضة السورية ترد على الأسد: منفصل عن الواقع.. والأردن يقول لا للتدخل العسكري البورصة: السيولة تاريخية ... إلى 92 مليوناً تقرير: اكتشافات الغاز الطبيعي شرقي المتوسط ستعيد رسم خريطة سوقه العالمية BMW: أداء مذهل للمجموعة بالربع الأول في الكويت «المالية»: فائض الكويت التجاري مع اليابان يتراجع بنسبة 31 في المئة السفير المصري: توجه لحل عدد من مشكلات الشركات الكويتية في مصر نهاوند محتاج اكون وأغـــرق الجزع لا يكون إلا من النفس أو القلب وهما أمران باطنيان يرتبطان بكيان الإنسان من الداخل لاتحـاتــي أعتذر لك   حسابات أَثْرَت   على أمل التأثير !! صالح الحربي بين مشارق الصحافة ومشارق الشِعر المقال : شعرية الأمكنة الغفيلي : ظروف الإنسان العربي الآن أفضل في الدول التي لم يشملها «الربيع» فضحني حبك دقائق مع الشاعرة : منتهى قريش فهد الكبيسي: سعيد بالأصداء الجميلة لدويتو «يا قل الزين» مع راشد الماجد يوسف العماني يكتشف المواهب في رمضان كاظم الساهر: «ذا فويس» كان مخرجاً للعودة للإعلام .. ولن أتوقف عن الغناء للحب

مقامات

الجزع لا يكون إلا من النفس أو القلب وهما أمران باطنيان يرتبطان بكيان الإنسان من الداخل

توطئة
في هذا النص الذي بين أيدينا روح العاشق المعذب وأخلاقيات الرجل النبيل , حيث نرى في هذه الأبيات لوعات العاشق المعذب الذي ترك معاني الحب في هذه القصيدة متموجة بين لين الجانب وصلابة الموقف , وقد مزج في هذه المعاني نقاء الحب الجميل وطباع الرجل العربي , الرجل الذي تربى على اتخاذ المواقف التي لا تخدش شخصيته سواء في تماسه مع الحب كشاعر أو تعامل مع الآخر المقابل له كإنسان
نعم , في هذا النص غطرسة وعنجهية , لكنهما لا يعتمدان على إلغاء الآخر أو سحق كرامته الآدمية , ومثل هذه المواقف لم نعد نراهما فيمن يدعون أو يكتبون عن الحب هذه الأيام , حيث بلورت لنا هذه المواقف في هذا النص الشعري تجاذبات الحبيب مع من يحب ويعشق , لكنها رغم ما بها من أنانية ونرجسية على المستوى الفردي إلا أنها لم تخرج عن جادة الطريق , ولم تتقاذف الشاعر مواقف انفعالية ذات طباع حادة يتنازعها الانتقالات المفاجئة من أقصى اليمين لأقصى اليسار أو العكس , إذ كان هذا الحب حب " معقْلن " رزين , وقد يكون لصرامة الحياة الماضية انعكاسها الواضح عليه , وهذا ما سنراه في هذه القراء


القراءة :
يبدأ النص الشعري كعادة الشعراء النبطيين التقليديين " يا صاحبي " , حيث أن مثل هذه البدايات لها ارتباط بالتقليدية ودلالة على تواصل الشاعر مع رفيقه وصاحبه , وهذا الأسلوب بدأه الشاعر العربي منذ الجاهلية , غير أن هذا الصاحب ليس أنيس درب أو رفيق حياة , بل محبوب يخاطبه الشاعر ويوجه إليه الشعري بطريقة فيها من اللوم والعتاب عليه

يا صاحبي ماني براعي مهاداه
أما ارضني وإلا اجفني واستخيري
لكن الخطاب الذي وجهه الشاعر صقر النصافي لمحبوبه هنا خطاب فيه نرجسية وأنانية , نرجسية ترتبط به كشاعر يفترس اللغة ويتسلطن على الكلمات , ويتعامل مع القصيدة كما يتعامل الفارس الماهر مع المهرة التي بحاجة لترويض , وهذا الخطاب فيه أنانية العاشق الذي لا يقبل المساومة , ولا يرضخ للتوسلات " ماني براعي مهاداه .. أما ارضني .. وإلا اجفني .. واستخيري " فهذه مطالبات ذات سقف مرتفع لا تؤمن بأنصاف الحلول , ولا ترضخ للتوسلات , رغم ما بها من عتاب عاطفي شفاف

وإلا تعال وما طلبناك عطناه
وإلا تروح وجعل دربك سفيري

من يقرأ هذا البيت يكتشف أمرًا مختلفًا عند الشاعر , وهو أمر يتعلق بمسألة هذه المطالبة , وهو أن الشاعر لا يخاطب محبوبًا ماثلاً أمامه يبادله الحديث , ويرد عليه الحجة بالحجة , وذلك أنه كما في البيت الأول , وكما سنلاحظه في أبيات القصيدة الأخرى , فإنه يخاطب خيال المحبوب , ويقيم له محاكمة عاطفية في مخيلته , حيث ينبثق المشهد من فعل الأمر الوارد في البيت الأول "ارضني .. اجفني .. استخيري " إلى التناوب بين الأفعال المضارعة " تعال .. تروح " أو الأفعال الماضية " عطناه . جعل " أما الفعل الأمر " عطناه " فهو مرتبط بالجملة الشرطية " وما طلبناك عطناه " أي أنه جاء كجواب لشرط افترض الشاعر وجوده
وبإمكان المتأمل لأبيات هذه القصيدة يكتشف هيمنة الأفعال على سياقات النص الشعري فيها بشكل ملحوظ , متنوعة ما بين أفعال ماضية تميل لترسيخ الصورة النمطية في خيال الشاعر إلى أفعال مضارعة تجعل المشهد الشعري ينتقل لديه من هيمنة النمط إلى تداعيات الفعل الحركي المتصاعد والذي يمثله حضور الفعل المضارع , إلى فعل الأمر الذي يحتم على الشاعر الانسياق لمحفزات النشوة اللحظية الكامنة فيه كشاعر نرجسي أو كعاشق أناني , وهذا مرده أن العلاقة العاطفية راسخة في وجدان الشاعر ويتمنى عودتها متحركة أمامه كتواصل بين الماضي والحاضر , لهذا يجنح إلى ترسيخ مطالبه في هذا الوضع

من شق شقٍّ يا أريش العين يرفاه
وأنت الذي شقيت خافي ضميري

بعد البيتين السابقين , وقد تمرجحت فيهما الأفعال ما بين الماضي والمضارع والأمر , إذ جاء هذا البيت مبتدئًا بأسلوب شرطي " من شق شقٍّ يا أريش العين يرفاه " لتعميق إحساس الشاعر بالمعاناة التي عاناها كشاعر نرجسي وكعاشق أناني , وكأن هذا الأسلوب أتى كمحصلة توصل لها الشاعر واستنتج منها هذا الحكم "من شق شقٍّ يا أريش العين يرفاه", وكان هذا الأسلوب الشرطي مكرسًا لشعوره بالحال التي يمر بها , لهذا أصدر هذا الحكم كدعامة واقعية لموقفه العاطفي , مقرنًا هذه الجملة الشرطية بجملة أقرب إلى التقرير والإعتراف " وأنت الذي شقيت خافي ضميري " ليكتمل العقد البلاغي لديه في هذا التمازج الفني بين الأسلوبين

تضحك وأنا صملان قلبي مطواه
وتقول لي لين الفلك يستديري

هنا يوضح الشاعر سبب غضبه على المحبوب وعدم رضاه عن تصرفاته الوصفية والمحكية , حيث كان التصرف الأول مرتبطًا بقوله " تضحك " بينما التصرف الآـخر وهو التصرف المحكي مرتبطًا بقوله " وتقول لي لين الفلك يستديري " وكلا الفعلين أو التصرفين مرتبطان ببعضهما البعض , سواء من حيث الركون للفعل المضارع الدال على استمرارية أيٍّ من الموقفين , أو من حيث كون التصرفين ينمان عن استهتار المحبوب بالشاعر , في الوقت الذي أوضح فيه الشاعر موقفه في هذه المعادلة " وأنا صملان قلبي مطواه " , أي أنه لا يتحمل هذا الاستهتار الناتج عن الضحك والاستخفاف به , أو هذه المرارة التي يلقاها منه من خلال قوله " لين الفلك يستديري " كدلالة على رسوخ مفهوم الاستحالة في هذا الرفض , وبعد إمكانية العودة إلى سالف عهده معه

ماني بمن يطرد سراب بمضماه
شاف السراب ويحسب إنه غديري

الشاعر في هذا البيت وما يليه يعلن قدرته على القيام بالانقلاب , وأن دوام الحال من المحال , لهذا يعلن مقدرته على اتخاذ القرار " ماني بمن يطرد سراب بمضماه " أي أنه قادر على التفريق بين الحقيقة والخداع ,غير أن هذا الانقلاب انقلاب ناقص كما سيتضح في آخر النص بعد ذلك , موضحًا أنه ليس بذلك الإنسان الغر الذي تخدعه المظاهر , أو من الإمكان اللعب بعقله " شاف السراب ويحسب إنه غديري " , وهذا مؤشر على قدرته على التحوّل , وهو تحول هادئ لا صخب فيه أو غرور , بل تحول العاشق العارف بالحدود التي يمكنه التراجع عندها , وهو في هذا الإجراء الذي يزمع اتخاذه دليل أن الواقع أقوى من الخيال لديه , وبمعنى أشد وضوحًا , أنه حينما تقاطع الحب مع الواقع انساق وراء الواقع , ولم يستسلم لأحلامه كما سيمر معنا فيما بعد

عيني على شوف الولايف مخباه
جزوع لا جاه الجفا من عشيري

هذا البيت يعتبر بيت إلحاقي للبيت السابق , أي أنه مرتبط فيه , وكان من المفروض دمجه في صاحبه حين الحديث عنه , لكني فضلت الفصل فيما بينهما في الكلام , لأن البيت السابق مرتبط بسلوك ظاهري عملي دفعه للانقلاب , بينما هذا البيت بيت ذو طابع ارتدادي للخلف , أي الجنوح للرفض هنا نابع من الداخل بسبب مؤثرات الخارج كـ " السراب – مضماه – غديري " كما في البيت السابق لهذا البيت , أما في هذا البيت فتختلف زاوية الرؤية رغم اتصال الشطر الأول منه بالأمر الظاهري " عيني على شوف الولايف مخباه " غير أن من يدقق بكلمة " مخباه " يدرك بداية التحول من عزوف ظاهري خارجي إلى عزوف داخلي , والذي اتضحت معالمه مع " جزوع لا جاه الجفا من عشيري " لأن الجزع لا يكون إلا من النفس أو القلب , وهما أمران باطنيان يرتبطان بكيان الإنسان من الداخل , لهذا رأينا كيف تحول التصادم بين الواقع والخيال عند الشاعر من هذا التهديد بالهجران , وهو هجران مزدوج في آخر المطاف , فقد كان الانتصار للواقع لديه واضحًا في هذا البيت والبيت السابق له

ما يستوي حب بليا مراضاه
بيني وبينك يالقضي ما يصيري

هنا نلمس محاولة يائسة أطلقها الشاعر بعد كل هذا الجهد المبذول منه , ممنيًّا النفس بعودة المياه إلى مجاريها ورأب الصدع الحاصل في العلاقة بينه وبين " القضى " الذي كان في أول النص " يا صاحبي " ثم حاول فيما بعد إعطائه صفة أقوى من " صاحبي " حينما وصفه بـ " أريش العين " مع العلم أن كلا الوصفين لا يرقيان لقوله " القضي " التي جاءت في آخر النص , وكأنه كمن يطلق رصاصة الرحمة على قلبه ومشاعره بعد أن أحس الصدود منه , وأنه لا مجال لعودة الوصال بعد هذا الهجران , ومن يعيد قراءة البيت الأخير قراءة هادئة متأنية ويحاول الوقوف عند كل كلمة على حدة يكتشف أن هذه الكلمات تسيطر عليها دلالات الاستسلام , رغم ذلك الصخب الذي حاول الشاعر إبداءه في البيتين السابقين , وهنا كمن أسقط في يده كل شيء , لهذا جاءت هذه المفردات موحية بالتحسر والشعور بالأسى " ما يستوي – حب – مراضاه – بيني – بينك – يالقضي – ما يصيري " ومن يتأمل العبارة الأولى " ما يستوي " يجد أنها متناثمهس تمامًا من حيث الشعور بالأسى أو الإحساس بالرفض مع العبارة الأخيرة " ما يصيري "
نعم , الشاعر انتصر لواقعه في آخر المطاف على حساب خياله ومشاعره , لكنه انتصار اضطراري دفعته إليه طبيعة الحياة القاسية في زمانه , من أن الرجل لا بد أن يكون ذلك الرجل الشرس الحاد الطباع حتى في الحب , وهذا مما لا يكون طبيعيًّا في مثل هذه الظروف , لكن الانسياق وراء تداعيات الواقع هي التي دفعته بعد ذلك كإثبات للهوية العربية والشرقية بشكل عام , رغم أن هذا الانتصار للذات المهزومة في هذا المعترك الغرامي انتصار مشوب بالأسى والحزن , والشعور بأنه مندفع إلى اتخاذ هذا الموقف في آخر المطاف

محمد مهاوش الظفيري
 

اضافة تعليق

الاسم

البريد الالكتروني

التعليق