العدد 1447 Friday 28, December 2012
جريدة كويتية يومية سياسية شاملة مستقلة
مبادرة الأمير تعيد للعمل السياسي وجهه الإنساني صاحب السمو يأمر بمساعدة الكويتيين العالقين في إيران تأجيل خصخصة «الكويتية».. وتعديلات على قانون «المرأة» الإسكاني الراشد: الاختلاف في وجهات النظر.. لا يعيبنا نواب لـ الصبــــاح : وزير الداخلية متمكن من قيادة الجهاز الأمني مرسي يتعهد بالإصلاح.. والمعارضة ترفض هيمنة الإخوان «المواصلات»: ربط شبكة الكويت براً بالسعودية «الكهرباء» تنفي تلوث مياه البحر المبارك استقبل السفراء الجدد لتونس واليابان والنمسا الهيفي بحث مع السفير الهندي تعزيز التعاون الصحي اتحاد وكالات الأنباء العربية أقر إقامة دورات متخصصة للمحررين محافظ العاصمة: السلطة التشريعية تكرس دور المشاركة الشعبية في رسم السياسات الديوان يرشح 3081 مواطناً ومواطنة للعمل لدى الجهات الحكومية الجامعة تقبل 810 من الطلبة الكويتيين وأبناء الكويتيات للفصل الثاني 2013/2012 سفير الكويت يقدم 100 ألف دولار لمساعدة اللاجئين السوريين في أرمينيا «التعليم العسكري» خرًّجت دورة المتطوعين الأغرار رقم 63 الراشد: أمام مجموعة 62 مسؤوليات كبيرة .. واختلافنا في وجهات النظر لا يعيبنا عاشور: «الخارجية البرلمانية» ناقشت تنظيم الملاحة بين الكويت والعراق «المالية» تأجيل التصويت على مرسوم خصخصة «الكويتية» لحين الاستماع لوزير المواصلات العوضي: لا علاقة للبيئة الخارجية والعمر بإنجاب أطفال متلازمة الداون أميـن سر جمعية الصحافيين يستقبل السفير الكندي جمعة: تحرير 358 مخالفة ومصادرة كميات كبيرة من المواد الغذائية في الفروانية المقبل زار «التعريف بالإسلام»: طوبي لمن كان سبباً في إنقاذ نفس من النار إلى النور قائمة التطوير تفوز بجميع المقاعد في انتخابات «تعاونية العارضية» التكميلية الحمود: «الرياضة للجميع» عرس رياضي عربي يعبر عن وحدة المصير الفهد: ملاعبنا المتهالكة تسبب لنا الحرج أمام الفرق الخارجية «الجريدة» يحسم صدارة المجموعة الأولى وقاص وهاون كسبا كأسي سمو رئيس مجلس الوزراء قطر تستضيف الفراعنة في مواجهة ودية قوية مصادر أمنية خليجية: «الإخوان» يواصلون تآمرهم على دول الخليج ... والسلطات لهم بالمرصاد الإبراهيمي يدعو لتشكيل «انتقالية»... وموسكو تؤكد: لا اتفاق مع واشنطن تقارير إعلامية: ملك الأردن يبحث ملف «الكيماوي» السوري مع نتانياهو عباس: الدولة ذات الحدود المؤقتة... مرفوضة ليبيا: متظاهرون يغلقون مرفأ الزويتينة النفطي.. لليوم الرابع البورصة: بوادر إيجابية رغم الانخفاض «بنك برقان» يصدر سندات مساندة بقيمة 100 مليون دينار دراسة: قطاع البتروكيماويات الخليجي ينمو 10في المئة 3 دول عربية ضمن الأفضل بالتنافسية الصناعية «المواصلات»: توقع عقداً مع «اس.تي.سي» لربط كيبل بري بين الكويت والسعودية وصديقي لايزال يفكر .. ! ساعة حياد بصمة الشاعرة أنغام الخلود بين الواقع والمثال  الأرواح على أشكالها تقع   القصة بطولة ممدوح الراوي لا أمول..! من جازان الشعر والزهر والمطر.. إبراهيم صعابي قد حضر غياب الأدب الساخر ومصارحة الذات الفرج: جائزة أفضل ممثل في «القاهرة السينمائي» حصاد لجهود فريق عمل متميز فرقة 8 في المئة تشعل حماس الجماهير في حفلها الناجح بالكويت أهل القصيد يدشن فعالياته بـ«ليلة الحرملك» «الشارقة للكتاب» يستمر في استقبال المشاركين بمسابقة التصوير الضوئي حتى 31 ديسمبر معرض «ألوان مائية مصرية» يعرض 65 عملاً لـ15 فناناً

مقامات

الشاعرة أنغام الخلود بين الواقع والمثال

حينما وقعت يداي على عدد من قصائد الشاعرة أنغام الخلود، لم يدر بمخيلتي أن أتطرق لمثل هذا الموضوع، وذلك أن أمثال هذه المواضيع عادة ما يغلب عليها الحساسية، كما أنني كنت في الوقت نفسه رافضًا الدخول بأي موضوع لا يفتح المجال الكافي لديّ للحديث عنها أو عن أي شاعر أو شاعرة في مستقبل الأيام بتعمق، لأنني أسعى حقيقة لتلمس حقيقة الروح في الذات الإنسانية، باعتبار أن البشر في الأساس يعودون لمادة خام أولية رغم هذا التفاوت الكبير فيما بينهم، انطلاقًا من تشابه النزعات النفسية والرغبات المادية مع اختلاف درجات هذه الأمور فيما بينهم.
حين قرأت نصوص الشاعرة للمرة الثانية وقعت بالحيرة، وذلك أنها تكتب الشعر بلغة محلية ولم تعتمد على اللغة الوسطية النموذجية، والتي يسميها البعض باللغة الشعرية البيضاء، وذلك أنها لا تختص بإقليم مخصص أو مجتمع معين، وهذه اللغة النموذجية هي اللغة الشعرية الصالحة للكتابة الشعرية، والتي تجعل فرصة المرور للفضاء الخليجي خاصة والعربي بشكل عام أكثر سهولة، وهذا الوضع في البداية سبب لي صعوبة الدخول إلى عالمها الشعري في أول الأمر، ومن ثم محاولة الربط فيما بين أجزاء نصوصها من أجل التوصل للتصور المناسب، والذي يفتح فيما بعد أمامي آفاق الكتابة عن هذه الشاعرة بالشكل المرضي لتطلعاتي بالدرجة الأولى، تدرجت في قراءة نصوص الشاعرة أنغام الخلود إلى أن وصلت لقصيدتها التي مطلعها هذا البيتين:
عَذْب الوداد الوفي ما تِنْقَضْ أركانـه
يبقى اللِّزَمْ بالغلا لو حالَتْ ظْروفـه
لو خَذْت شَهْر الحُوِيْ ما اشوف بِيْبَانه
جَنّات قلبي بطيب الخلْـق مَحْفوفـه
وعندها بدأت بتصفح نصوصها مرة أخرى، بعد أن ارتاحت نفسي لهذا النص، وشرعت بقراءتها والتدقيق في قصائدها، فوجدت أن لغتها لغة شعرية مباشرة، وهذا غالب شعر النساء إلا ما ندر، لأن المرأة تجد في الكشف عن مشاعرها إمكانية التفريغ لهمومها الكامنة في صدرها، وهذا في الغالب ما يكون نتاجًا للانفعال الفوري الذي تتعاطى معه الشاعرات في الغالب، لأن قصائد المرأة نتاج لعاطفة انفعالية، أي أنها تكتب القصيدة دون أن تمنح نفسها القدرة على ترك الحالة تتخصب في ذاتها، وهذا ما أشار إليه بشار بن برد بأنه لا يكتب كل ما يمليه عليه طبعه، غير أنه من الإمكان محاولة النظر إلى هذه اللغة المباشرة بما يتوافق مع بعض الكشوفات التي من الإمكان التوصل إليها، وهي إمكانية تلمس الوجه الآخر للكلام، ومحاولة الربط بين سياقات الجمل الشعرية الظاهرية لإيجاد نوع من التلاحم بين المسارات، وهذا ما سيتم الحديث عنه في تناولنا لعدد من قصائد الشاعرة أنغام الخلود.

الشكل الخارجي
تظهر هذه الثنائية في شعر أنغام الخلود أول ما تظهر في شكل المظهر الخارجي لشعرها، وهذا أول مظاهر توقها للتعلق بالمثال، وهو مظهر مقسم ما بين البحر الشعري والقافية لديها وتكرار الحروف المصاحب للبحر والقافية، إذ تشكل هذه العناصر الملمح الخارجي لطريقتها في الكتابة الشعرية.

البحر الشعري
من خلال اطلاعي على عدد من نماذج الشاعرة أنغام الخلود الشعرية، وجدت أنها تحاول مسايرة الرجال حتى عبر تتبع طريقتهم في الكتابة، وذلك أنها لجأت إلى بعض الأوزان الشعرية ذات الشهرة في الكتابة الرجالية كقولها:
عَذْب الوداد الوفي ما تِنْقَضْ أركانه
يبقى اللِّزَمْ بالغلا لو حالَتْ ظْروفه
أو قولها كذلك:
طروفٍ وسنها بالرجى يطلب الكرى
معيفه لها عـن لـذّه النـوم حايـل
معيفه عفيفه محفل الصون والشرف
كسوره نظوره في وقار وجلايـل
مع أننا لا يمكن التسليم بالمثال الأول بشكل قطعي، غير أن البيتين الاخيرين لا يكاد وزنهم يظهر بشكل ملفت للانتباه في شعر المرأة المعاصرة بالإضافة إلى أن عددًا من الشعراء المعاصرين أهملوا الكتابة على هذا «الطاروق» لعوامل عدة، منها صعوبته في الكتابة، كما إنه يفرض على صاحبه كتابة شعرية تقليدية صارمة، وهو أقدم «طواريق» الشعر النبطي على الإطلاق  الشاعرة حينما تكتب عن هذا النوع أو النوع الذي قبله، إنما تريد محاكاة المثال الذي تتوق لمسايرته، وهذا التوق نابع من اعتزازها فيه وصادر عن إعجابها به، إذ أن كلا الشعورين يتمازجان في مشاعرها، ففي بعض الأحيان يتقدم الإعجاب على الاعتزاز، وفي بعض المرات يكون الاعتزاز أوضح من الإعجاب.

 القافية الشعرية
تشكل القافية العنصر الثاني في هذا المنعطف، فمن المعروف أن طبيعة المرأة الشاعرة غالبًا ما تميل للقوافي السلسة غير المعقدة أو المنفرة، ونظرًا لكون أنغام الخلود تريد الجنوح باتجاه المثال الذي تتوق إليه نفسها، نراها تلجأ إلى كتابة نصوص تعتمد على قافية شعرية غير مألوفة عند المرأة في الغالب
لاشك انا منسـاه ليـث البياضـي
وافي الطباع اللي طباعـه تغيظـه
افداه بسكون المجر والرياضـي
ومن ساق عجلات المواتر كظيظه
وافداه بدعاج الطروف اللحاظـي
وسكون عليات المعاني النهيضـه
اللي ملكني وعن سواي استعاضي
قلبي لشفّه ذا الورى مـا تهيظـه
وهنا تخلط بين الضاد والظاء معتمدة على نطق صوت الحرف لا طريقة كتابته، كما أنها في نصوص أخرى تكرر هذا الاعتماد على القوافي التي تعتبر قليلة الاستعمال
ماريد غيره في الهوى شنص
غيره فلا يـا قلـب ماريـد
عالي عن الياقوت والحـصّ
وعـن الريـا يبعـد بعيـد
أو قولها في نص شعري آخر:
حبّ المرح طبعي من الاصل ماروث
ما شوف عمري عن ربوعي تعلـي
زمره من ابكـار الغناديـر لحـدوث
صوب العقيده عقـب غيثـك نفلّـي
يحمي عيونـي سـلّ كتّـار لليـوث
والله واهلي منهجي وربعـةّ لـي
ففي هذين النص تعتمد الشاعر على الصاد والثاء، وهما من الحروف غير المستساغة والتي تنفر منهما الأذن، وغالبًا ما يحرص على استعمالهما الرجال الشعراء من أجل فرد العضلات اللغوية.
إن الميل الحاصل لدى الشاعرة أنغام الخلود لمحاكاة المثل، وميلها لاختيار القوافي الصعبة تحقيقًا لهذه النزعة جعلها تقع في ربكة في بعض الأحيان كما في هذه الأمثلة الشعرية
راضي بما قد كتب فـ اللوح راضي
راضي بدورات السنيـن الجضيضـة
فرحـان بـك يـا سيـد وارقــص
بـيـن الــورد عـنـد المـواريـد
ماريـد غيـره فـي الهـوى شنـص
غيـره فـلا يــا قـلـب مـاريـد
وهذه الربكة عائدة لتكراره لبعض المعاني الشعرية في البيت الواحد، وهذا مرده أنها تعمدت اختيار مثل هذه القوافي التي لا تمنح صاحبها المرونة الكافية في التعبير.

تكرار الحروف
من حيث النظرة البلاغية تعتبر مسألة تكرار الحروف من عيوب الشعر، وكثيرًا ما يستشهد البلاغيون العرب بهذا البيت المنسوب إلى الجن كما يقول المؤرخون في الأدب
وقبرُ حربٍ بمكـانٍ قفْـرِ
وليسَ قرب قبرِ حربٍ قبرِ
وفي الشعر النبطي تعتبر هذه المسألة من دلالات الإجادة، رغم أن هذا الاعتقاد اعتقاد خاطئ، لأنه يقيّد من حركة الشاعر ولا يمنحه القدرة على الانطلاق، وهو عند الشعراء التقليديين الذين سبقوها في هذا المجال، ويمثلون لها الإرث الشعري والأنموذج المثال في هذه المسألة، وعلى هذا الأساس فإن التكرار بهذه الطريق يمثل لها علامة من علامات القوة الشعرية، وهي قوة زائفة في الأساس، والشاعرة تريد هنا السير في خطى هؤلاء الشعراء، ونظرًا لأنها تتوق للمثال نراها تنتهج هذا النهج:
حوض الحواضي غياظي
هيّض سموه وهاضي
 اعدها وتعدني وتحديني
 معيفه عفيفه محفل الصون والشرف
روحي وريحاني
روحي وريحاني
يا أم الحجى والحجل
فهذه العناصر الثلاثة تدل في الأساس على توق الشاعرة لبلوغ المثال، وهو نموذج ذهني مرتكز في الذاكرة باعتبار أن الرجولة تمثل لديها أنموذج التفوق في هذه الحياة، وهو ما جعلها تشعر بتراجع الأنوثة أمام هذه الهيمنة.

الشكل الداخلي
بعد الانتهاء من تناول تأثرها في المثال الأنموذجي الذي تريد الشاعرة مسايرته في طريقة كتابتها للقصيدة، سنحاول في هذا المبحث التعرف الحالة الداخلية التي دفعتها للتعلق بهذا المثال رغم تمسكها بالواقع واعتزازها به.
لاشك انا منسـاه ليـث البياضـي
وافي الطباع اللي طباعـه تغيظـه
افداه بسكون المجر والرياضـي
و من ساق عجلات المواتر كظيظه
وافداه بدعاج الطروف اللحاظـي
و سكون عليات المعاني النهيضـه
اللي ملكني وعن سواي استعاضي
قلبي لشفّه ذا الورى مـا تهيظـه

هنا تقوم الشاعرة بالمراهنة على ثبات موقف الحبيب تجاهها، والمراهنة في مثل هذه الأحوال تعتبر نوعًا من الجنون والمغامرة، رغم أنها قدمت مسوغاتها التي تراها مجدية لإثبات هذا الحب، لكنها تغامر في هذا الموقف،. مع اعترافها بأنه امتلكها «اللي ملكني وعـن سـواي استعاضـي» وهذا مرده أنها واثقة من أخلاقيات الرجل، هذا الرجل الذي كان لها الأب والابن والجد الأصيل والحبيب الغالي الوفي بحبه لها، أي أن كل هذه العوامل تضافرت في نظرها خدمة لمسلكها في الحياة، وهذا ما جعلها تثق به كل هذه الثقة التي كادت أن توصلها من درجة جنون الثقة التي لا يمكن ردها أو يصعب مناقشتها، ومن ثم إقناعها بسوء هذا الظن أو عبثية هذه المغامرة.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى ترتبط بذات الأنثى نفسها، وهي أنها ترى الأشياء من حولها انطلاقًا من قناعاتها الشخصية، وهذا معناه أن هذه الثقة تعود لثقتها بموقفها الذاتي، وهي كونها أنثى أولاً وأخيرًا، فإنها قادرة اكتشاف موقعها في نفس الرجل، وهذا ما دفعها للجزم بهذا الاعتقاد، وهذا ما عبرت عنه هي بنفسها في إحدى قصائدها «كلٍ يرى في عيون أحبابه أوطانه» أي أنها كأنثى تعرف مكانتها الحقيقية في نفس حبيبها، وقادرة على تقييم هذه الدرجة.
من خلال هذا الموقف يمكننا الدخول إلى عالم الشاعرة الشعري والمبني على المزج بين ثنائية الواقع والمثال، وهو في الأساس نابع من اعتزازها بأنوثتها وتوقها في الوقت ذاته للسمو بنفسها فوق ماديات الحياة والتطلع إلى الرجولة كونها الملاذ الأمين للشيم، والمراد من الرجولة هنا ليست الذكورة بل المراد منها ذلك الذي عبرت عنه الشاعرة بنفسها حينما قالت «والشِّيَـمْ للرجـولـة» كما سيمر معنا:

فرحان بك يا سيـد وارقـص
بيـن الـورد عنـد المواريـد
في حبّكم باجـي وبحـرص
ويشهد عليّه في الخفى اسعيـد
تسأل شجوني عنك بالخـصّ
وتقول وينـه عاشـق الغيـد
قلت الغضي لي كسّر أو رصّ
عند الغـرب بايقضـي العيـد
بعيدًا عن إشكالية الاستخدام الاصطلاحي للمفردات بين الرجل والمرأة، كأن تتحدث المرأة عن ذاتها بصيغة المذكر أو مخاطبة الشاعر لحبيبته بعبارات لا تدل على الأنوثة بل تتعلق بالذكورية كـ «الغضي» أو «المجمول» أو أي عبارات أخرى، بعيدًا عن كل هذا، فإنه يظهر في هذا الخطاب الشعري المبثوث في هذه المقطوعة، تقاطعها مع الرجولة رغم كونها امرأة أنثى «ويشهد عليّه في الخفى اسعيد» وكأنها رجل واثق بحججه ويريد تثبيت كلامه بالشهود، مع أنها في الوقت ذاته تؤكد حضورها الأنثوي بقولها:
تسأل شجوني عنك بالخـصّ
وتقول وينـه عاشـق الغيـد
قلت الغضي لي كسّر أو رصّ
عند الغـرب بايقضـي العيـد
وفي هذا الكلام تعبير واضح عن تمسكها بأنوثتها واعترافها بضعفها الآدمي في حضرة السيّد الحب، والذي يدل على مدى تعلقها بحبيبها
يـا عـد يـا اللّـي لـوّل اتـغـوث
وشيـاك عـن معهـد صبايـه تفلّـي
يا ديم مربعيـه عقـب وبلـك ايلـوث
روحي على شـوف الزبيـدي تهلّـي
لـوّل اذا هلّيـت فلّـيـت ملـغـوث
للبـرّ مـع ربعـي ونلقـى تسـلّـي
حبّ المرح طبعي من الاصل ماروث
ما شوف عمري عن ربوعـي تعلـي
زمره من ابكـار الغناديـر لحـدوث
صوب العقيـده عقـب غيثـك نفلّـي
يحمـي عيونـي سـلّ كتّـار لليـوث
والله واهلي منهجـي وربعـةّ لـي
تلقى البشام ايفوح في الأرض محروث
حلـو العـرف بيـن الثمـام امتعلـي
من الثريا جـا الصّبـا نقـل مبعـوث
الـي بنـات النّعـش ريحـه يغلّـي
التعلق بالبر والربيع و«الربع» صفات تغلب على الرجال، وتظهر كثيرًا في قصائدهم، ومع هذا فإنه لا ينفي وجود مثل هذه المواضيع في شعر النساء، حيث أن نعومة طباع المرأة تتناغم مع نعومة أجواء الربيع، مما دفعها هذا التناغم على التركيز على النباتات ذات الصلة بهذه النفسية، مع العلم أنها تظهر في شعرها على استحياء كالخزامى والنفل والنوّير، غير أن التأمل في ثنائية الأنوثة والرجولة أو تمازج الواقع بالمثال في شعر الشاعرة أنغام الخلود، يجعل مثل هذه المقطوعة شديدة الحضور في السياق الشعري لديها.
الشاعرة لم تصرح بأن وضع الأنثى في المجتمع العربي عامة، والخليجي على وجه الخصوص بأنه وضع هامشي، ففي الوقت الذي تلمح فيه إلى ذلك تعتز بكونها امرأة أنثى، وهذا التنازع يعود لتوقها لبلوغ المثال الذي يتحقق لها من خلال الرجل، وفيه اعتراف ضمني كذلك بأنها امرأة لا حول لها ولا قوة في حضرة الرجال الذين استحوذوا على الحكم واللغة والحياة، وذلك من كون حبيبها يذهب للخارج لأمور تتعلق بالوطن في الوقت الذي فيه تجلس في البيت لانتظاره، أما ما يخص اللغة فالمفردات الدالة على صيغة المذكر والتي تتحدث فيها عن ذاتها كثيرة في شعرها بشكل ملفت للانتباه، بينما التحكم في أمور الحياة وملذات الدنيا، فإن هذه الأبيات الدالة على التعلق بالبر و« الربع « خير مثال في هذا السياق:
بي مواجيب شَرْغَهْ تستحِـثّ وْتعَجِّـل
ولا عِرِفْت إنني في غير جودي عجوله
ما يعرقل مسيري في العمر ما يخَجِّـل
صِعْت روس الطوايل باقتدار وْسهولـه
حرْمَه وْكِحْل ميلي من روابي «طبَرْجَلْ»
هيكَلْ وْروح أنثـى والشِّيَـمْ للرجولـه
حرص الشاعرة على الجمع بين المثال والواقع، يعود لافتخارها بالأنوثة واعتزازها بالرجولة، وذلك كون واقعها الإنساني أنها أنثى بينما الرجولة تشكل لها المثال، وهو مثال كامن بالذاكرة بشكل أقوى، والشاعرة أنغام الخلود في أثناء حرصها على تعميق هذه الثنائية لم تسعَ للتخلص من أخلاقيات المجتمع الذي تعيش فيه، بل كانت تسعى لتكريس حضورها الأنثوي « حرْمَه وْكِحْل ميلي من روابي «طبَرْجَـل، هيكَـلْ وْروح أنثـى...»، ومثل هذا الاستخدام فيه تكثيف للمدلولات الدالة على الأنوثة، والذي يتناغم مع واقعها المعاش، غير أنها تعترف بالأفضلية للرجولة في هذه الحياة «والشِّيَـمْ للرجـولـة» باعتبار أن الرجل سيد المكان والزمان كما يبدو من شعر الشاعرة، وذلك أن الاعتزاز بالماضي لا يتأتى إلا من الاعتزاز بالجدود، وهؤلاء الجدود ما هم إلا رجال كتبوا التاريخ، ومن ثم حافظوا عليه، وأوصلوه إلى الأجيال من بعدهم.

جَرّبْت الأيَّـام هـب الأيَّـام خَوَّانـه!!
بعض الاجناس الخيانه عِنْدهـم شوفـه
زامَلْـت الأيَّـامْ مَحْزونـه وْفَرْحـانـه
وْجَرّبْت عربـان مَغْمـوره وْمَعْروفـه
وْكَم شِفْت أسامـي لَهَـا شَنّـه ورنّانـه
وهي لي تقاربت مربوشـه وْمَخْفوفـه
عِطْني وْبَاعْطِيْك و«الدّانه» عوَضْ «اْلانه»
واذا قطعت بْسِبَـبْ مـا حَثَّـوا اللوفـه
ثم تقول في نفس هذا النص كذلك:
وانا تعاوَضْت بالصِّدْقَان جَذْلانـه
لي ثَبِّتَوا بالوداد النَّزْه وِحْلوفـه
نَقّيتهم من مدار الوقت وازمانـه
أفْلِقْ قماش الغَلا من لبّه صْدوفه
كلٍ يرى في عيون أحبابه أوطانه
وِبْدونهم سَجّة الأفراح مَعْيوفـه
لي مجلسي ما عداهم دور فنجانه
يا عل يسقيهم الوكّـاف بِقْنوفـه
يتواصل حضور المثال في النص المتناول هنا وترتفع هذه الوتيرة مع ارتفاع النفس الشعري على الرغم من أنها مزجت الشاعرية بالنصائح، وكات أن تتخلى عن روح الشاعر وتتقمص شخصية الحكيم الناصح، ورغم أن هذه النصائح تدل على نظرة ثاقبة في الحياة والناس، ولعل لتعلقها ببلوغ درجة المثالية الرجولية في نظرتها للحياة هو ما دفعها لركوب هذا النوع من الشعر النابع من البيئة الاجتماعية المحيطة بها، علمًا بأن تحلي المرأة ببعض الصفات الرجولية النابعة من الشيم والأخلاق النبيلة لا تعد منقصة، فقد امتدح أبو تمام مدينة عمورية:
وبرْزة الوجـه قـد أعيـت رياضتهـا
كسرى، وصدّت صدودًا عن أبي كَرِبِ

كما أن أبا حيان التوحيدي ذكر في الإمتاع والمؤانسة أن أم المؤمنين عائشة كانت تعرف بـ «رَجُلَة» العرب، وذلك للتدليل على كمال أخلاقها الإنسانية العليا النبيلة رضي الله عنها وأرضاها:

لا والله أنّا ناقصـاتٍ افعالنـا
ويا بعد مرقانا لدرب الصمايل
هذا البيت يمثل أنموذجًا نبيلاً لشاعرة تمسكت بواقعها الأنثوي وتوقها للمثال، وهي هنا تختلف عن العديد من بنات جنسها ممن ينظرن لهذه النقطة بكثير من الحساسية، وهذا مؤشر على أن الشاعرة تربت في بيئة أمينة، وتثقفت بشكل سليم، لهذا تعرف موقعها في الحياة، وتقف عند حدودها التي رسمها لها الخالق سبحانه، وهذا ما يدعم موقفها من تبجيلها للرجولة كرمز للشيم، وما يقوي من حضور الدين في قصائدها. كما من جهة أخرى نلمس أن الخط الديني وحط العادات والتقاليد يسيران لديها بشكل متوازٍ وفي نفس الاتجاه، وكل خط يدعم من حضور الآخر لديها.
ثم تقول كذلك ضمن نفس النص:
والله لولا ما نحاتي على الشرف
واخاف نقّـال النمايـم يهايـل
لراوي الأخوان كيف اقرع الشّبا
واذود عن ذود القروم النبايـل
لاشك حنّـا للمعالـي مسيرنـا
بنات عزّ مبدعـات الخصايـل
ما غرّنا ملحٍ على ظاهر السمت
لالا ولا يغري وثيـر الجدايـل
المتأمل في هذه الأبيات يجد أن أنغام الخلود لم تحاول الانسلاخ عن الجو العام المحافظ الذي ينظر للمرأة من نافذة الواجب والمأمول فعله، لهذا تكرس الشاعرة هذا الفعل من خلال اعترافها بأفضلية الرجال «والله انّـا ناقـصـاتٍ افعالـنـا» وهو يتوافق مع الروح الدينية لديها، والتي تتقاطع مع توقها للمثال، إذ تعمل على تكثيف هذا الفهم انطلاقًا مما ورثته من قيم وتقاليد جعلتها تقول هذا الكلام من دون أي إحساس بالنقص، وهذا اعتراف صريح بوجود التفاوت بين الجنسين، غير أنها لم تقل هذا الكلام وتسكت، بل جاءت بما يقوي من موقفها وحضورها في الحياة من خلال اعتمادها على القيم والمبادئ التي تشد من أزرها في تعاملها مع الحياة والمجتمع، وهذا ما يمكن لمسه في هذه الأبيات،. حيث تقول في نص آخر، وهو ما يتوافق مع موقفها الثابت في هذا المجال:

حياتي حبّي الكامن بطيّات الحشـا محـروس
عيوني تجبذ اعدوده وعدّه مـن سنيـن ايبيـس
محال انساه لو يسنى محـال احطّمـه وادوس
لانّه طبعي الفطري وفاي أو حبّي بـلا قيـس
حناني لي رفع ذاتي وحشمتيه علا «م» الروس
معاني بنت من يكرم زبينه لـو يكـون ابليـس

فهي رغم إظهار حبها للمحبوب، ومدى تفانيها في حبه، لم تخرج عن الطريق المثالي القيمي الذي تسيره في أبياتها الشعرية، ولعل تعلق الشاعر بالحب هو الذي دفعها للميل إلى مثل هذا التوظيف الشعري الداعم لبلوغ المثال، غير أنه لا يمكن التسليم بمثل هذا الرأي والقطع الجازم بصحة هذا الاعتقاد، إذ أنه من الإمكان تكاثف عوامل أخرى أدت لبلوغ الشاعرة هذا المبلغ من هذه النظرة للمثال المرتبطة بكل هذا التبجيل للرجولة، وذلك من خلال إمكانية تعلقها بوالدها وأخوتها بشكل قوي وعنيف، أو لعلها تربت في بيت يغلب على أفراده تزايد عدد الذكور أكثر من الإناث، أو عائد إلى صرامة البيئة الخليجية، والتي تنظر للرجل بأنه السيد المطاع والحامي للأسرة، وكونه «ذرا» للنساء من عوادي الأيام وتقلبات السنين، ولعل الشاعرة تشربت هذه المفاهيم منذ صغرها وتربت عليها، ولعل هذا البيت يكشف بعض هذه الظنون التي سرنا معها في هذا العرض:
وين الرجال ووين موقورة اللحا
راحوا وعقبهم شاجح البين جايل
فهذا البيت من الصعب أو من شبه المستحيل أن يصدر عن امرأة، لكن إنسانة مثل أنغام الخلود، والتي سعت في شعرها لملء هذا التكثيف الرجولي في شعرها، نجد أنه من الممكن أن تقول مثل هذا الكلام:
دمتي بتيجان السلاطيـن تزهيـن
يا الزاهيه يا الباهيه يـا الرزينـه
الناس مخلوقين من مـايٍ وطيـن
وانتي جبَلْك الرب من حور عِيْنه
على الثرى يمشون وانتي بعِلِّيـن
ما هوب فَرْقٍ بين قدرك وبينـه؟
ما تستوين ويا السوى ما تواسيـن
تشرّقيـن المـجـد وِتْغَرّبيـنـه
يا ام الحجى والحجل منّي سلامين
سلام من تسوين روحـه وْعينـه
عذروبِكْ إنّك كاملة عقـلٍ وديـن
والعِز تطوين الرِّسَنْ مـن يمينـه
منفّله تحـرِزْك «طَـهَ» و«يَـس»
وِمْنَتّبه بالأصـل مـن ماجدينـه
الحر الاشقر ولْد عَـم الشواهيـن
ومن هَزّ بك في المهد ترْبَتْ يدينه

ثم تقول ضمن هذا السياق:

يا غادة بْسِنّـة جـدودِكْ تسيريـن
حَقّـك بيـاض الوجـه تستاهلينـه
يا «بِنْتي» بْذِمَّةْ صلاتـي تساويـن
جَر النِّسَمْ مـا بيـن فَيْنـه وْفَيْنـه
يفداك من يهدِرْ عروبة «فلسطيـن»
واللي هتَكْ عرض «العراق» الأمينه

هذا الخطاب الشعري الموجه لبنت الإمارات والمكتنز بالمفردات الدالة على الأنوثة والعذوبة لا يخلو من وجود العنصر الرجولي المتناغم مع الحضور الديني في هذه الأبيات، حيث إن الشاعرة لم تركز الخطاب على الأنثى التي تمثل لها الواقع فقط، بل ربطته بالمثال الأنموذج الذي ترنو إليه في العديد من نصوصها المعروضة للتناول في هذه القراءة، فهي كانت تصفها بأجمل الألقاب « بتيجـان السلاطيـن تزهيـن - يا الزاهيه يا الباهيـه يـا الرزينـة - جبَلْك الرب من حـور عِيْنـه - يا ام الحجى - كاملـة عقـلٍ وديـن « لكنها في المقابل تربطها بالرجولة وهو الميل للمثال في نظر الشاعرة « وِمْنَتّبـه بالأصـل مـن ماجدينـه « وهذه الأمثلة رغم تكررها الملحوظ من حيث الشكل العام واختلافها في العرض الشعري وطريقة الأسلوب والتناول، إنما تعزز من هذا الدور الخط الذي تتبناه الشاعر في هذا المنحى:
أنا فخورة بك وفخـري كفاحـي
انا قهرت الحزن رغـم التشتيـت
انا قهـرت النايبـات ابسلاحـي
ضحيت انا للود كشف ومناعيـت
انـا بأرادتيـه تبطّـل صراحـي
بالدمع لزرق كد رجمت العفاريت
انته وانا مـا ناديـات الصباحـي
معنا السعاده ف الفيافـي مفاليـت
انصادق البسمة وننفي النواحـي
و أنا بدوري ما بقل يـوم عييّـت
امسح دموعك وانت داوي جراحي
يا نعم من للود في يـوم خاويـت
ما يلفت الانتباه في هذه المقطوعة التي لم تخرج عن السياق العام لدى الشاعرة هذا التناص «امسح دموعك وانت داوي جراحي» والذي يتقاطع مع قول سعاد الصباح «وحبيبٌ هو لي ربٌّ وعبد»، حيث يدل على مدى توافق المسارين عند الشاعرة، وهو مسار ناتج عن تعلقها بالواقع وتوقها للمثال.
وهذا لا ينفي إغفالها للجانب الأنثوي، حيث إنها في هذه الأبيات تميل لتكريس دور المرأة في الحياة، من أنها إنسانة مكافحة قدمت من أجل المجتمع والناس، ولم تكن سلبية في حياتها، لكنها حينما توصلت لإيضاح موقفها من الرجل، لم تشعر بالأفضلية عليه، بل جعلت المسألة فيما بينهما مسألة تبادل أدوار من أجل أن يكمل إحداهما الآخر:

ان ييت ابتكلم مدى الصمـت يمتـدد
واذا كميت يهيم دمعي فـي عينـي
اعـرف مابيمـوت حـدٍ ورى حـد
لكـن فـراق الـي تحبـه محينـي
يالله مـن لرضـاه نركـع ونسجـد
رجواك تقبلنـي مـن الصالحينـي
وتستر عليه فوق الارض ووسط لحد
وبرحمتـك تصلـح خواتيـم دينـي

ميل الشاعرة لبلوغ الأنموذج من الحياة، يتوافق مع حرصها على الوصول للدرجات العلى من خلال علاقتها بالدين، حيث يشكل لها الدين في هذا المشهد الداعم الرئيس لهذا الشعور، باعتبار أن الرجولة مرتبطة بالشيم، والشيم والأخلاق من الأخلاقيات التي جاء الدين لتدعيمها «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» كما هو في الحديث النبوي الشريف، فالموقف من الدين يتوافق نفسيًّا مع موقف الشاعرة من حيث نظرتها لدور الرجل في الحياة، إنها تحترم الدور المناط بالرجل، وتجلّ له مكانته في نفسها، وتجد أن الدين يدفعها كذلك للتمسك بهذه القيم الأخلاقية، التي وجدتها عند الرجال، وحض الدين على التمسك بها.

الخاتمة:
بعد الانتهاء من هذا العرض، نكاد نقول بأن شخصية والدها أثرت عليها من خلال ما بحوزتنا من نصوص سواء من خلال العلاقة المباشرة فيه أو من خلال حنينها الدائم إليه، ومن ناحية أخرى يظهر النفس الديني في قصائدها بشكل جليّ وواضح، وهذان العنصران يؤكدان أنها لم تسعَ منافسة الرجل مكانته، إما إكرامًا لمكانة والدها في نفسها، أو رضوخًا عند تعاليم دينها القائل بأن «الرجال قوامون على النساء»، مما جعلها تناول مسألة أن المرأة ناقصة عقل ودين «لا والله أنّـا ناقـصـاتٍ افعالـنـا» لكنها ناقشت هذه النقطة بطريقة مهذبة هادئة خالية من الحساسية.
هذا التناغم المتجانس لدى الشاعرة أنغام الخلود، والنابع من إيمانها المطلق بحتمية الواقع الذي تعيشه، والمصحوب بنظرة توق لبلوغ الأنموذج في هذه الحياة، وكأنها تريد الدمج بين العنصرين بدون إحداث أي خلل فيما بينهما.
وعلى هذا الأساس يقول منصف عبد الحق في الكتابة والتجربة الصوفية بأنه لا يمكن الفصل بين الأنوثة والذكورة، لأنهما «عنصران لجسد واحد هو الجسد الأصلي، جسد آدم الإنسان الكامل الذي خلق في البداية» ولعل هذا الرأي يفسر الكثير من التنازعات الثنائية التي نجدها في العديد من النصوص التي يكتبها كلا الجنسين، والذي نراه هنا عند أنغام الخلود في هذه النصوص التي في حوزتنا، ولعل هذا التوافق بين المسارين هو ما أشار إليه الدكتور علي بن تميم في الكتاب الذي حمل اسم بنت بن ظاهر مشاركة مع الدكتور غسان الحسن وسلطان العميمي، حيث يقول ابن تميم بأن التاريخ الثقافي الإماراتي ابتدأ بشاعر وشاعرة وهما الماجدي وابنته حيث إن هذه البدايات التاريخية « لم تشهد سيادة الذكورة على الأنوثة، وإنما كانت البداية تتضمن صوتًا أنثويًّا وصوتًا ذكوريًّا في الوقت نفسه، ولم يكن الصوت الأنثوي شاحبًا بسبب طغيان الصوت الذكوري، وإنما كان الصوتان مشتبكين في صراع بين الأبوة والبنوة. « غير أن الحال مع الشاعرة أنغام الخلود يكاد أن يكون صوتها الأنثوي متراجعًا نوعًا ما أمام هيمنة سطوة المثال عليه. وبما أن للكلمات ذاكرة كما يقول رولان بارت فمن باب أولى أن تكون للشعوب ذاكرتها وللأفراد ذاكرتهم، وهي ذاكرة موغلة في القدم، لا تتضح إلا بعد الكثير من الجهد والتأمل في سلوكيات البشر ونوازع نفسياتهم المختلفة، وهذا ما نكاد نلمسه عند الحديث عن نصوص الشاعرة أنغام الخلود المطروحة للنقاش في هذا المبحث.

محمد مهاوش الظفيري

اضافة تعليق

الاسم

البريد الالكتروني

التعليق