إن المتتبع لحركة الشعر السعودي سيجد وبما لايدع مجالاً للشك أن جنوب المملكة يزخر بأغلب الأسماء الشاعرية الكبيرة في المملكة سواء على المستوى المحلي أو العربي مقارنة بغيرها من مناطق المملكة وربما يكون ذلك لما تتمتع به هذه المناطق من أجواء خيالية ومناظر خلابة ساعدت على تفتق المواهب الشعرية ونموها وبزوغها وعبر زاويتي لهذا الأسبوع كانت لي وقفة مع أحد شعراء الجنوب وتحديداً جازان التي عُرفت بالفل والريحان والمطر الهتان وشعراء أعذب القوافي والأوزان.. شاعرنا الذي سأتطرق لجوانب من مسيرته وشيء من شعره هو الشاعر الكبير إبراهيم صعابي المولود في جازان عام 1374هـ وشاعرنا حاصل على دبلوم المعلمين وبكالوريوس الإدارة العامة ودبلوم الكليات المتوسطة تخصص رياضيات وهو حالياً يعمل مدرس للغة العربية إلى جانب كونه عضو نادي جازان الأدبي وعضو مجلس إدارة جائزة الأمير محمد بن ناصر للتفوق وعضو الجمعية العلمية السعودية للأدب العربي بجامعة أم القرى هذا وقد مثّل الشاعر المملكة في عدة محافل ومهرجانات دولية وأحيا عدة أمسيات شعرية كما فاز شاعرنا إبراهيم صعابي بجائزة أبها الثقافية فرع الشعر الفصيح عن ديوانه «وطني سيد البقاع» عام 1418هـ كما حصل ديوانه «أخاديد السراب» على جائزة الأمير محمد بن ناصر للتفوق في مجال الشعر لعام 1430 وللشاعر الصعابي عدة دواوين شعرية وهي: حبيبتي والبحر، زورق في القلب، وقفات على الماء، مساء الحب أيتها الشمس، وطني سيد البقاع، وطن في الأوردة، من شظايا الماء. وأخيراً «أخاديد السراب»
هذا وقد صرح شاعرنا في أحد لقاءاته برأيه عن الشاعر الحقيقي فقال:«لا يبلغ ذروة أحلامه ومنتهى تشظيه إلا إذا بلغت به الحيرة منتهاها، وعاش سموًّا تلقائيًّا في غيبوبته، يرى ما لا يراه غيره في لحظة يغيب فيها بوعي، في واقعية يهيمن فيها اللاوعي بكل تجلياته وخيالاته».. وتجربة الشاعر الصعابي كما يراها النقاد تأخذ من «الوزن» وقودها متنقلاً بين التفعيلة والعمودية، أما قصيدة النثر «فلا تغريه».
وعبر الأسطر القادمة أترككم مع عدد من قصائد شاعرنا الفذ إبراهيم صعابي أستهلها أولاً بأبيات مختارة من قصيدة له بعنوان «إعتراف» تعبر بألم عن واقع حالنا المزري فكأنه يخاطب فيها أختاً له في العروبة والإسلام لم تجد معتصماً يلبي ندائها بنخوة وشهامة كالمعتصم الذي عُرف في عصور النهضة والفتوحات الإسلامية بنجدته لأخت له في الإسلام حينما استغاثت به وامعتصماه حيث يقول شاعرنا في مطلع هذه القصيدة:
أخـتـاهُ مـعـذرةً سـيـفـي مـــن الـخـشـبِ
ومـركـبـي ورقٌ قـــد مـــلّ مـــن تـعــبِ
أخــتــاهُ شــكــــــــــــواكِ لله الـمـجـيــــــــب بــنـــا
بـزمـرةٍ سمـعـت بالنـصـر فــي الـكـتـبِ
تـاريـخـنــا مــــــــــــلأ الـدنــيــــــــــــــا بـعـصـبـتــه
عــدلاً وحاضـرنـا ضــربٌ مــن الـكـذبِ
متـنـا وعـاثــت بـنــا الأنـفــاس لاهـثــة
تنسـل مــن دمـنـا تــأوي إلــى الـهـربِ
أخـتــاه مـعــذرة مــــا عــــاد مـعـتـصـمٌ
فـيـنـا وكـــم أنكـرتـنـا عـــروة الـنـسـبِ
وعن جازان مدينة شاعرنا ومرتع صباه وعشقه يقول في قصيدة له تتزر بالوفاء وتضوع بأريج الفل والريحان والبرك والكاذي والسكب والفاغي وشتى زهور جازان،، القصيدة يقول في مطلعها:
عشتِّ «جازان» يا شموس شبابي
عشتِّّ حلما بداخل الأهداب
أنت نجواي أنت ليلي وفجري
أنت حرفي المضيئ أنت كتابي
من حنانيك قد رضعتُ قصيدي
وشربتُ الهوى فطاب شرابي
سيهون العمر الطويل فــداء
لك يا صوت أدمعــــي المنساب
عشتُ فيك ألقى أحبتي وصحابي
«جازان» يا ربوع حياتي
أعشق الحب من نسيم هواك
والأماني من شطك الخــــــــلاب
عن تجربة شاعرنا الصعابي إبراهيم أحد ألمع شعراء منطقة جازان هذا كان غيض من فيض
ممن احتفت بهم منابر الإبداع في أمسيات الشعر في الداخل والخارج
نجاة الماجد