قبل أربعة أعوام تقريباً وتحديداً في ليلة العيد من يوم عرفة كان سيل الرسائل ينهال عبر هاتفي الجوال وكان من ضمن رسائل التهنئة التي وصلتني بعيد الأضحى المبارك رسالة جميلة تتضمن التهنئة بالعيد السعيد بصياغة شعرية بديعة وكانت هذه الرسالة مرسلة من أكاديمي شاعر وعضو مجلس إدارة نادي جدة الأدبي عموماً ليس هذا هو المهم إنما الأهم ما كان بعد ذلك حيثُ أنني وبحكم تواجدي في السوق ليلتها فقد تأخرت في الرد على الرسالة إذ ليس من المناسب في حقي كشاعرة أن أرد على الرسالة الشعرية بعبارات نثرية مستهلكة لذا آثرت الرد عليها لاحقاً بعد عودتي من السوق وأخذ كفايتي من الراحة لتخرج التهنئة بالوجه الذي يليق بالمرسل وبالمرسل إليه وبالمناسبة المعنية
غير أن الدكتور الشاعر انتظر طويلاً ولم يصلهُ الرد بعد فأحسن الظن بي إذ أعتقد بينه وبين نفسه أنني منهمكة بنظم أبيات شعرية عن العيد للرد على رسالته آنفة الذكر وماعلم أنني في السوق منهمكة بالشراء لذا أرسل رسالة شعرية مقتضبة وناقصة في الوقت ذاته وتحمل بين طياتها إختباراً لشاعريتي لأنها حملت وبصريح العبارة جملة ( أكملي الأبيات ) لذا كانت هذه الرسالة مربط الفرس بالنسبة للشاعر وهي في ذات الوقت المحرض الأسرع الذي أثار حفيظتي فعدتُ من السوق سريعاً لأرد عليه و لأثبت له في الوقت نفسه أنني شاعرة بالفعل ولا يُشقُّ لي غبار وإليكم الرسالة الشعرية التي أرسلها الدكتور الشاعر ليختبر شاعريتي حيث قال :
راحت تفكرُ في بيتٍ لتكتبـهُ
من أجلِ عيدٍ لهً الأرواحُ تنقادُ
هذا هوَ العيدُ يأتينا مُصادفـةً
وترك فراغاً ليردف بعده قائلاً : أكملي الأبيـات ( كنوع من الاختبار كما بدا لي )
فأجبته على الفور قائلةً :
هذا هو العيد يأتينا مُصادفةً
كما يُباغتَ دُرّ البحرِ صيّادُ
فلا تلومنَّ بعد اليـومِ شاعـرةً
ولا تُكلفنها ما ليـس تعتـادُ
أنا وشعري في الطوفانِ مركبنا
والقلبُ في لُجَّة الأوهامِ منقـادُ
أيَّانَ عيدٌ وعيدي لـم يُعايدُنـي
وجفوةُ الصحبِ للأحبابِ جلاّدُ
يا سيدي إنّ طعمَ العيدِ ليسَ لنا
إلاّ إذا كانَ للأحبـابِ ميعـادُ
فعاود الدكتور الشاعر الرد علي بأبيات ولكنها في هذه المرة ليست للاختبار وإنما لبث الأمل بعيد أجمل حيث قال :
أُُعيذُكِ الله من همٍّ ومـن حَـزنٍ
إن كان في الليلِ الآمٌ وتسهـادُ
غداً ستُشرِقُ شمسُ العيدِ فابتهجي
إنّ المُحِبَّ لنـورِ الحـبِ يرتـادُ
فما كان مني إلا الشكر لهذا الشاعر الجزل بأبيات كانت مسك الختام في تلك المحاورة حيثُ قلت :
أرجو لكَ اللهَ عمراً لا يُخالِطُـهُ
همٌّ وغمٌّ ولا حُـزنٌ وإجهـادُ
عساكَ دوماً بثوبِ الأُنسِ مُكتسياً
يــــــــــــا مبدعاً من بحور الشعر يصطـادًُ
هذا ما كان مني ومن الشاعر الدكتور الذي اتصل بي عقب تلك المحاورة وأشاد بي وبشاعريتي
على العموم ومهما كان العيد جميلاً فإن جماله لا يكتمل إلا مع الأحبة الذين يأنس الفؤاد بقربهم ويشقى ببعدهم فهنيئاً لكم العيد وكل عام وأنتم بخير مع من تحبون ورحمك الله ياوالدي الحبيب الذي لم يعد للعيد طعم بعد رحيلك :
يا عيدُ عُذراً فلا زالتْ مآقينا
تدُرُ دمعاً ونارُ الفقدِ تكوينا
نجاة الماجد