كتب :أ. د. بركات عوض الهديبان لا يملك الإنسان المسلم، وهو ينتهي من أداء مناسك الحج، إلا أن يحمد الله سبحانه، علي أشياء كثيرة جدا. يحمده أولا على أن وفقه لأداء الفريضة الواجبة عليه، ويحمده سبحانه ثانيا على أن جعل رسالة الإسلام، الخاتمة لكل الشرائع والرسالات، تنزل على نبينا محمد، صلى الله عليه وسلم، في هذا البلد الذي طهره الله سبحانه، واصطفاه على كل البلدان، وجعله مهدا لأعظم دين، وأزكى شريعة، وأكرم رسالة. وكأن القرآن الكريم حين يقول: «اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ»، لم يكن يعني النبي المرسل فقط - صلى الله عليه وسلم - وإنما كان يعني أيضا، البلد الذي احتضن الرسالة والرسول، والقوم الذين بعث فيهم، وأرسل إليهم. ومن وفقه الله للحج هذا العام، يدرك تماما معنى ما نقول، ويلمس بوضوح كم أن الله أكرمنا - نحن أمة الإسلام - بأن جعل المملكة العربية السعودية، مهد رسالته الخاتمة، وموطن نبيه الأكرم - عليه أفضل الصلوات والتسليمات - وصحابته الغر الميامين - رضوان الله عليهم -. فعلى الرغم من ارتفاع حرارة الطقس، بدرجة كبيرة، ووجود نسبة كبيرة من الحجاج من كبار السن، وكثافة أعدادهم التي ناهزت المليونين، فقد استطاعت المملكة، بفضل الله وتوفيقه، ثم بما وفرته لضيوف الرحمن من إمكانات وقدرات وتسهيلات، أن تيسر لهم أداء شعائر الحج بسهولة ويسر، وبأكبر درجة من الطمأنينة، بحيث يتفرغون لعبادتهم، وقضاء مناسكهم، والتقرب إلى الله تعالى، بكل أشكال العبادات والطاعات. ولقد لمس الحجيج أيضا - خصوصا من سبق لهم أداء الفريضة - في سنوات سابقة، ذلك التطور المذهل الذي طرأ على الخدمات التي تقدمها المملكة للحجاج، في المشاعر المقدسة، ووسائل المواصلات المتنوعة التي أضيفت لتيسير الانتقال بين هذه المشاعر، وكذلك خدمات الإسكان والمبيت بمنى، وتيسير شعيرة رمي الجمرات، من دون أدنى تزاحم، كانت تنتج عنه في أعوام سابقة بعض المصاعب والمشاق والحوادث. لكن كل ذلك أصبح أثرا من الماضي، وباتت رحلة الحج الآن - بحمد الله - «نزهة إيمانية»، و«فسحة روحانية» جميلة، إلى حد أن بعض العائلات تصطحب معها أطفالها، للاستمتاع بهذه الرحلة، ولتبقى ذكراها العطرة عالقة بنفوسهم وقلوبهم. وكم كان سمو ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، صادقا ومحقا، حين خاطب القائمين على شؤون الحج بقوله: «إن ما تبذلونه من جهود عظيمة وأعمال كبيرة، لخدمة حجاج بيت الله الحرام، له أثر بالغ في التيسير على الحجاج، وتمكينهم من أداء مناسكهم، وإتمامها بكل يسر وسهولة». وتأكيده أن الدولة «ستواصل بجميع قطاعاتها المعنية، تقديم كل ما من شأنه أن يخدم قاصدي الحرمين الشريفين، ويعينهم على تأدية عباداتهم بأمن وطمأنينة». وهل هناك أكثر جدية في شأن العناية بضيوف الرحمن، من إعلان كبار المسؤولين المعنيين في السعودية، عن بدء الترتيب والتخطيط فورا، لموسم حج العام المقبل، والتأكيد بأن المملكة» ستواصل تطوير منظومة الحجِ كاملةً، فطموحاتها ليس لها سقف، وآمالها لاحد لها». ولأنه كما ورد في الأثر: «لا يشكر الله، من لا يشكر الناس، فإننا نتوجه بأسمى معاني الشكر والتقدير، إلى خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، وسمو ولي عهده الأمين، الأمير محمد بن سلمان»، على كل ما قدمته المملكة هذا العام، لخدمة ضيوف الرحمن، والتيسير عليهم، داعين الله سبحانه أن يجعل ذلك في ميزان حسناتهما، وأن يبارك جهودهما ومساعيهما الطيبة، من أجل خير المملكة، والأمة الإسلامية كلها. تقبل الله طاعتكم جميعا، وكل عام وأنتم بخير.