د. بركات عوض الهديبان ترسيخا لـ «العهد الجديد»، الذي بشر به سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، في خطاب النطق السامي، الذي افتتح به دور الانعقاد الأول، من الفصل التشريعي السابع عشر لمجلس الأمة، جاءت هذه الخطوة المباركة، بتوجيهات من سمو الشيخ أحمد النواف رئيس مجلس الوزراء، وقرار من النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ طلال الخالد، برفع «القيود الأمنية» عن جميع المواطنين الكويتيين. ومن المحتم أيضا التنويه إلى أن هذه الخطوة المهمة، تأتي في سياق تفعيل ما دعا إليه، ووجه به سمو ولي العهد، من ضرورة قيام أعضاء السلطة التشريعية بأداء واجبهم الوطني، والارتقاء بالممارسة الديمقراطية، وتعزيز الدور الرقابي للمجلس، وإعمال دوره التشريعي بإصدار القوانين التي تجسد الوحدة الوطنية، وتحقق رغبات المواطنين وتطلعاتهم، وحديث سموه عن أهمية التطور في استخدام الأدوات الدستورية، بدءا من السؤال، وحتى الاستجواب الذي هو في حقيقته «سؤال مغلظ». وهنا تحديدا سنجد حضورا قويا وفاعلا، لنائب جاد يعرف تماما واجباته وحقوقه، كعضو في السلطة التشريعية، وممثل عن الأمة تحت قبة عبدالله السالم، على الرغم مما يواجه به من حصار لا مسوغ له مطلقا، من بعض زملائه النواب، ومحاولة التضييق عليه وعدم مد اليد للتعاون معه، في سلوك غريب ودخيل على تقاليد الممارسة البرلمانية الكويتية، التي لم تعرف طيلة تاريخها مثل هذه الظواهر. النائب الذي نعنيه هو الدكتور عبيد الوسمي، والذي جاء قرار رفع القيود الأمنية، عقب أقل من 48 ساعة، من توجيهه سؤالا إلى وزير الداخلية، في هذا الصدد، طالب فيه بالكشف عن المقصود بالقيد الأمني، والأساس القانوني له، والأثر المترتب على إدراج هذه «القيود»، والأساس القانوني لمحوها أو تغييرها، وما إذا كان يترتب على إدراج هذه القيود أي صورة من صور الحرمان من التوظيف والترقية، أو تولي الوظيفة الإشرافية والقيادية. وبهذا السؤال الذي تقدم به الوسمي، ليس فقط انطلاقا من كونه عضوا بمجلس الأمة، ولكن أيضا باعتباره فقيها قانونيا، وخبيرا دستوريا، ومشرعا قديرا واعيا بهموم مواطنيه، وقادرا على تلمس مشكلاتهم ومعاناتهم، وإدراك كنه مطالبهم وتطلعاتهم، وبالتجاوب الحكومي السريع معه، تحقق ذلك المطلب الذي لطالما طالب به كل أبناء الشعب الكويتي، وانتظروه سنوات طويلة، ظلت خلالها تلك القيود الأمنية تشكل كابوسا على صدور الجميع، وحملا ثقيلا يتمنون إزاحته عن كواهلهم. وهو ما يثبت أن المسألة ليست بكثرة الأعضاء، أو تعدد الكتل النيابية، إذ يمكن لنائب واحد واعٍ ومتمرس ومثقف، أن يقوم بأعباء ومهام، قد تنوء بها كتلة برلمانية كاملة. وهذا لا ينسينا بالطبع أن نتوجه بالتحية إلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ طلال الخالد، الذي لم يماطل أو يسوف، كما يفعل غيره من الوزراء، الذين تمتلئ أدراج مكاتب بعضهم، بالأسئلة وتظل مخزنة فيها مددا طويلة، دون أن يكلفوا أنفسهم عناء بحثها والرد عليها. بل بادر على الفور بالتجاوب مع مطلب رأى فيه المصلحة للوطن والمواطنين. وفي النهاية فإننا أمام مشهد يستحق التحية والتقدير، لكل من شاركوا في صنعه، وفي اعتقادنا أنه يكرس بالفعل لـ «عهد جديد»، تقوم فيه كل سلطة من السلطات بواجباتها الدستورية، ويعلو فيها صوت الحق والعدل والإنصاف، وينتصر فيها الجميع للكويت وشعبها العظيم.