د. بركات عوض الهديبان مع عودة النواب السابقين والناشـــطــــين السياسيين، الذين كـــــــانوا يقيمون في تركيا، إلى وطنهم الكويت، تنفيذا لمرسومي العفو اللذين أصــــدرهما صاحب السمو أمـيــر البـــلاد الشيخ نواف الأحمد، تكون الكويت قد استعادت أجواء التسامح والتراضي والتآخي، وتكون الساحة السياسية، بعد أن تخلصت – إلى حد كبير – من حالة الاحتقان التي سادتها فترة طويلة، قد تهيأت لانطلاق مرحلة جديدة، أساسها التعاون بين السلطتين، واستعادة روحية الإنجاز وتحقيق التطلعات التي يؤمل فيها جميع المواطنين. ولا شك أن أحد العناوين المهمة لهذه المرحلة، هو تشكيل حكومة قوية قادرة على العطاء والعمل بغير حدود، لتعويض ما فات، وقد فاتنا الكثير جدا، بسبب انغماسنا في ذلك الصراع الطاحن الذي اندلع بين مجلس الأمة والحكومة، خلال السنوات الأخيرة، واستنزف وقت وجهد وطاقة السلطتين، وشغل الشارع الكويتي بجميع أطيافه، في متابعة «معارك» كلامية لا محصلة من ورائها، سوى خسارة جهود كان ينبغي أن توجه لتعزيز التنمية، وتطوير الاقتصاد، واجتذاب الاستثمار الأجنبي إلى البلاد. لكن شيئا من ذلك كله لم يتحقق، لأننا مع الأسف الشديد، تفرغنا – أو كدنا نتفرغ – لأمور هامشية لا تقدم ولا تؤخر. الآن أصبحنا نستشعر نَفَسَا جديدا في العمل السياسي والبرلماني، أحد تجلياته هو ما تبدى في عقلانية الخطابات والتصريحات التي أدلى بها النواب السابقون العائدون من تركيا، والتي لمسنا من خلالها رغبة في تهدئة الأوضاع، ونزع فتائل التأزيم، ودعوة إلى نسيان الماضي، والبناء على ما حققه العفو السامي، واتخاذه مرتكزا مهما لتصحيح كل الأوضاع الخاطئة . ولا بد أن يعترف الجميع بأنه كانت هناك أوضاع وممارسات خاطئة كثيرة، ومن المهم ألا نكرر الأخطاء والممارسات السلبية ذاتها. والمأمول أن يظهر ذلك في أداء السلطتين، عقب تشكيل الحكومة وعودة الحياة النيايبة من جديد. لقد أطلق صاحب السمو الأمير في البدء، مبادرة الحوار الوطني، وتوجها بإصدار مرســــومي العفو، وبات علينا أن نرد تحية سموه بمثلها، وأن نتحلى بـ «روح العفو» و«نفسية التسامح» و«خُلُق التصالح»، لعلنا بذلك نوفي لهذا الوطن الغالي بعضا من دينه علينا. وكم نتمنى أن يكون ديدن الجميع هو العمل والإنجاز، وألا ننشغل بصراعـــات جـــانبية، حتى لو أراد البعض جرنا إليها، مستهدين في ذلك بقوله تعالى : «قل كلٌ يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا». وتبقى الكويت في النهاية هي الغــــاية والمرتجى، لكل وطني محب لترابها، وحريص على حاضرها ومستقبلها.