د. بركات عوض الهديبان ظلت الكويت على مدار تاريخها مناصرة على الدوام للحقوق الثابتة والمشروعة للشعب الفلسطيني ، وهي لا تزال ترى أن التطبيع مع الكيان الصهيوني مخالف للثوابت الكويتية ، وللقيم والأصول والأعراف العربية والإسلامية . ومن فضل الله على الكويت ، أن حباها رجالا قادرين على التعبير بقوة عن مواقفها الوطنية والعربية والإسلامية .. من هؤلاء الرجال ، وفي صدارتهم بكل تأكيد ، رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم ، الذي سجل – مع جميع أعضاء المجلس – موقفا رائعا ومستحقا ، بإصدار بيان شديد اللهجة الأسبوع الماضي ، يدعو فيه الحكومة إلى مقاطعة مؤتمر البحرين، والتأكيد على «رفض كل ما تسفر عنه أعمال الاجتماع من نتائج ، من شأنها أن تساهم في تضييع الحقوق العربية والإسلامية التاريخية في فلسطين المحتلة ، وتكريس الاحتلال وإضفاء الشرعية عليه ، وتحميل الدول الخليجية والعربية نفقات وأعباء تثبيته». وقد كان لهذا الموقف عظيم الأثر على الصعيدين الفلسطيني والعربي، ورأينا كيف رفع الفلسطينيون علم الكويت ، على مدخل الشارع الذي حمل اسم مرزوق الغانم ، في منطقة سلفيت بالضفة الغربية المحتلة .. فضلا عما رأيناه من ترحيب فلسطيني وعربي كبير ، بموقف مجلس الأمة الكويتي في هذا الشأن ، تجلت مظاهره في الصحف ووسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي . ولم يكن هذا الموقف غريبا أو جديدا على الرئيس الغانم ، فقد سبقته مواقف أخرى كثيرة ، برهنت على مدى تمسكه بعروبته وإسلامه ، لعل أبرزها وأشهرها ذلك الموقف غير المسبوق الذي سجله الغانم قبل عامين ، في مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي الذي عقد بمدينة سانت بطرسبورغ في روسيا ، حين تصدى رئيس مجلس الأمة لمراوغات رئيس الوفد الإسرائيلي في الجلسة الختامية للاتحاد البرلماني الدولي ، قائلا له «إنه ينطبق عليك المثل المعروف عالميا: «إن لم تستح فاصنع ما شئت» ، وعليك ان تحمل حقائبك وتخرج من هذه القاعة بعد ان رأيت ردة الفعل من كل البرلمانات الشريفة بالعالم.. اخرج من القاعة ان كانت لديك ذرة من الكرامة يا محتل يا قتلة الأطفال» . وانسحب الوفد الإسرائيلي بكامله يومها ، يجر أذيال الخيبة والخسران . هذا الموقف الكبير والفريد ، وجد صداه في كل مكان ، بل في كل قلب عربي ، كما استحق إشادة صاحب السمو أمير البلاد ، الذي وصفه بأنه «موقف مشرف» ، وأنه أيضا «يجسد جليا موقف الكويت الداعم للأشقاء الفلسطينيين ، لاستعادة حقوقهم المشروعة، ونصرة قضيتهم العادلة». تلك هي الكويت الأبية .. كويت العروبة والإسلام والإنسانية ، والتي ستظل رايتها بإذن الله مرفوعة ، بأكف أبنائها المخلصين ، ورجالها الأحرار، وقادتها الذين يأبون دوما إلا أن يكونوا متجاوبين مع مشاعر وتطلعات مواطنيهم وأبناء شعوبهم العربية والإسلامية ، وستبقى الكويت في طليعة المدافعين عن حقوق فلسطين ، وحقوق الأمة الإسلامية كلها . وهذا هو رئيس برلمانها الذي يصر دائما على التأكيد ، أنه يستلهم دائما توجيهات صاحب السمو أمير البلاد ، وأنه إذا كانت مواقفه تأتي قوية في الحق ، فإنما تستمد قوتها من مساندة سموه ودعمه اللامحدود ، لمجلس الأمة وللدبلوماسية الكويتية ، الرسمية والشعبية ، فهو الذي رسم منهجها ووضع أسسها . ولا شك أن الرئيس الغانم هو أحد أنجب تلاميذ هذه المدرسة ، والمعبرين بحق عن قيمها ومبادئها ، والتي تستظل أساسا بظل الإسلام وكتابه المبين ، الذي يوجه أتباعه بقول الله تعالى «إن الله يأمر بالعدل والإحسان» ، وقوله سبحانه «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا» ، ودعوته كذلك إلى التعايش ونشر السلام بين كل الأمم والشعوب، كما في قوله جل في علاه «إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا» . كل ذلك يؤكد أصالة هذه المدرسة ، وأصالة الكويت التي تعتز بتاريخها المشرف في الذود عن أمتها ، وعن الإنسانية كلها .