العدد 5126 Thursday 13, March 2025
جريدة كويتية يومية سياسية شاملة مستقلة
الأمير : اليقظة والجاهزية ووضع الكويت نصب الأعين اليحيا : سنحضر قمة بغداد.. والاجتماعات الخليجية مستمرة برئاسة الكويت السفير الإيراني لـ الصباح : مستمرون في إعفاء الكويتيين من التأشيرة الحكومة السورية توقع اتفاقاً لتنظيم الأوضاع في السويداء نواف الصباح : مؤسسة البترول ملتزمة بمسؤولياتها تجاه عملائها لضمان توفير إمدادات نفطية آمنة وزيرة المالية تبحث مع السفيرة البريطانية ورئيس "إيرباص" لأفريقيا والشرق الأوسط سبل التعاون الاقتصادي "بيتك" يفوز بثلاث جوائز عن أدائه الاستثنائي من "فيزا" في 2024 تلسكوب فضائي جديد لرسم خريطة شاملة للسماء بألوان غير مسبوقة عاش به 100 يوم .. أول مريض يغادر المستشفى بقلب اصطناعي كامل أميــر البــلاد: الأمــن أســاس تنمية الأوطــان وركيزة من ركـــائز تقـــدم وازدهــــار البلـــــدان وزير الخارجية: تسكين أكثر من 20 منصبا شاغرا قبل عيد الفطر سفيرة الاتحاد الأوروبي : تسهيل متطلبات تأشيرة «الشنغن» للمواطنين الكويتيين إحدى أولوياتي القادسية إلى نهائي دوري أبطال الخليج انطلاق التسجيل في بطولتي جمعية صباح الأحمد لكرة القدم الهلال يكتسح باختاكور .. والأهلي يكرر فوزه على الريان شهيدان في قطاع غزة و«أطباء بلا حدود» تدين منع دخول المساعدات وزير الدفاع السعودي يبحث هاتفياً مع نظيره الأمريكي التعاون الاستراتيجي إيران: دولة عربية ستسلم رسالة ترامب إلى طهران نجوم الفن والإعلام في الغبقة الرمضانية للاتحاد الكويتي للإنتاج الفني والمسرحي صلاح السعدني عمدة الدراما هجر الأضواء واختفى بعد النجاح والشهرة صابر المصري: قدمت عروض الأراجوز في مسرح الدسمة بالكويت والمهرجانات العربية

الافتتاحية

«قلـنـا لـه : اخــرج فخـــرج» .. صَـدَق الــنـيـة فـصدّقـه الله

29/10/2017

د. بركات عوض الهديبان من فضل الله على الكويت ، أن رزق أبناءها جميعا نعمة الإحساس بالآخرين ، والتعاطف معهم ، والتألم لآلامهم ، والتجاوب مع همومهم .. وقد قيل في ذلك بحق إن الإنسان الكويتي ، في تجارته ومعاملاته ، قبل أن يسأل عن المكسب والربح ، فإنه يسأل عن ما يتوجب عليه إخراجه من زكاة وصدقات .. يسري على ذلك على الفرد، كما يسري على المؤسسات ، وعلى الدولة كلها . وما تفعله قيادة هذا البلد واضح للعيان ، ومنه تلك المؤتمرات التي احتضنها بدعوة كريمة من صاحب السمو أمير البلاد ، ورعاية كريمة منه ، لإغاثة اللاجئين والنازحين من الأشقاء السوريين ، في ثلاثة مؤتمرات عقدت بالكويت ، ورابع شاركت في رعايته ورئاسته بلندن ، فضلا عن اعتزامها أيضا استضافة مؤتمرين آخرين قريبا ، أحدهما لإعادة إعمار ما خربه تنظيم «داعش» في العراق ، والآخر لدعم التعليم في الصومال ، وكذلك جهودها لإغاثة مسلمي الروهينغا في ميانمار ، وغيرهم من المنكوبين حول العالم . لذلك فليس غريبا أن يخرج من هذا البلد الطيب ، أحد أبنائه البررة ، ليمثل قِيَمه خير تمثيل ، ويعبر عنها بأمانة وصدق ، كما فعل رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم ، في مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي الأخير ، الذي عقد في مدينة سانت بطرسبرغ بروسيا الاتحادية، حين تصدى لرئيس وفد الكنيست الاسرائيلي ، عندما تعرض هذا الأخير للنواب الفلسطينيين في سجون الاحتلال ، وادعى أنهم «إرهابيون» ، فجاءه الرد صاعقا من الرئيس الغانم الذي أكد أن الإرهاب الحقيقي هو الذي تمثله إسرائيل ، وهو «إرهاب الدولة» ، وإجباره الوفد الصهيوني على مغادرة الاجتماع . وقد كان التساؤل الذي شغل الكثيرين بحق ، خلال الأيام الماضية، التي أعقبت انتهاء المؤتمر ، هو : كيف بلغ من تأثير كلمات الغانم، وصلابة موقفه حد اضطرار الوفد الإسرائيلي للخروج صاغرا بالصورة التي رآها العالم كله ؟ والحقيقة أن الرئيس الغانم كان صادقا وأمينا مع نفسه ، حين سئل عن هذا الموضوع فقال : يعلم الله أن الأمر لم يكن مرتبا أو مخططا له من قبل ، وأنه جاء في مجمله من تدبير الله وتوفيقه .. فحين كان رئيس الجلسة يعرض لمعاناة النواب الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي ، وقف رئيس وفد الكنيست ليمارس كالعهد به ، الافتراءات والأكاذيب التي اعتادوا عليها ، ويدمغ ممثلي الشعب الفلسطيني بالإرهاب ، فكان لا بد من أن يتصدى له أحد رؤساء الوفود البرلمانية العربية والإسلامية ، ووفقني الله لأقوم بهذه المهمة ، وجرى الأمر كما رأيتم جميعا ، لكن ما لم أكن أتوقعه أو يتوقعه أحد ، هو أن يحدث مثل هذا التأثير ، إلى الحد الذي يجبر الوفد الإسرائيلي على الانسحاب ، «وأن نقول له : اخرج فيخرج» ، ولا تفسير عندي لذلك إلا بأنها إرادة الله ومشيئته وتوفيقه . هذه الرواية التي حكاها الرئيس الغانم بنفسه ، تبرهن لنا أن إخلاص النية لله ، والصدق مع النفس ومع الناس ، والعمل الخالص الذي لا يبتغي به الإنسان سوى وجه خالقه ، نتيجته الخيرة مؤكدة، وعاقبته الطيبة ثابتة ويقينية .. والأمر الآخر الذي لا يقل أهمية في هذا الصدد هو أن على المرء بذل الجهد واستفراغ الوسع ، دفاعا عن ما يعتقده حقا وصدقا ، وجهادا لحماية حرمات الله ومقدساته ، وانتصارا لدينه ، وللشعوب المغلوبة على أمرها ، أما التوفيق فمن الله وحده سبحانه .. وهو درس – لو تعلمون – عظيم ، ليس فقط على مستوى الأفراد ، بل على مستوى الأمم والشعوب . هذا الحدث الكبير والفريد قاد أيضا إلى تساؤلات من نوع : كيف يتصدى ممثل الكويت بالذات ، وهي الدولة الصغيرة مساحة وسكانا، للكيان الصهيوني المعروف بصلفه واستكباره ، فأعاد إلى أذهاننا جميعا المعنى العظيم الذي أشارت إليه الآية القرآنية الكريمة «الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ . فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ». كما ذكّر الغانم الجميع بإرادة هذا الشعب وإرادة وصلابة قائده صاحب السمو الأمير ، الذي سجل موقفا تاريخيا عظيما ، حين امتدح موقف الغانم ورفاقه من أعضاء الوفد البرلماني الكويتي ، وشد على أيديهم ، وأكد أنهم بما فعلوه كانوا يمثلون الكويت خير تمثيل . والحق أن المرء يشعر بالفعل بالعزة والكرامة ، حين يدرك أن هذا البلد الطيب ، لا ينظر إلى صغر مساحته أو قلة عدد سكانه ، بل ينظر إلى فضل الله عليه ، ويعد نفسه مندوبا للدفاع عن الإسلام والأمة الإسلامية ومقدساتها ، وعن القيم الإنسانية عامة .. ولعل هذا هو ما يميز الكويت – قيادة وشعبا – ويجعل منها «أيقونة» للإنسانية كلها .