د. بركات عوض الهديبان حين يتعلق الأمر بأمن الوطن واستقراره ، فإنه لا صوت يعلو على صوت الوحدة الوطنية ، ولا غاية تتقدم على الغاية الأسمى ، وهي الحفاظ على الكويت وعلى نسيجها المجتمعي الواحد ، والذي لم يفلح الغزو الغادر لجحافل المقبور صدام حسين ، في اختراقه أو النيل منه ، وبقيت الكويت عزيزة أبية، وطوى التاريخ صفحات شانئيها ، ووصمهم بأسوأ النعوت وأقبحها . لذلك فإنه من الغريب والمستهجن ، خروج بعض الأصوات «النشاز» ، والتي تغرد خارج السرب الوطني ، محاولة استغلال واقعة هروب عدد من المتهمين في قضية «خلية العبدلي» ، وإثارة أمور جانبية بشأن قضايا إرهابية سابقة ، حسمها القضاء الكويتي العادل ، وأصدر فيها أحكاما نهائية باتة ، وكأنهم بذلك يريدون إحراج الجهات الأمنية ، وتصوير الأمر على أن هناك قصورا من قبلها في التعاطي مع تلك القضايا. وفي اعتقادنا أن ما أكده نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الفريق م . الشيخ خالد الجراح ، من أن الأجهزة الأمنية قدمت أداء رفيعا كعادتها ، في قضية خلية العبدلي ، وما سبقها من قضايا مشابهة ، هو أمر محل إجماع كل الكويتيين ، وما ذكره أيضا من أن «الكويت ليست دولة بوليسية ، ولا تملك حجز وضبط المتهمين ، قبل صدور الحكم النهائي بحقهم» هو تاج على رأس الكويت ، يرفع من مقامها وقدرها ، ولا يقلل من مكانتها أبدا .. نعم قد تخسر الكويت تنفيذ العقوبة في متهم أو عدد من المتهمين، لكن لا شك أنها تكسب احترامها لنفسها ، واحترام العالم كله لها ، نظرا لمراعاتها مبادئ حقوق الإنسان وحرياته . نأتي إلى مسألة المقارنات التي لا نرتضيها أبدا ، ونرفض تماما تصنيف الكويت مذهبيا أو قبليا ، خصوصا في مواجهة تحديات مصيرية تتهدد أمن الوطن كله .. ولا يمكن لأحدنا أن ينسى ذلك الموقف التاريخي الذي سجله والد الكويتيين جميعا، أمير الإنسانية ، عندما توجه إلى مسجد الإمام الصادق ، عقب وقوع التفجير الإرهابي فيه ، وأصر على دخول المسجد ، رغم تحذيرات الأمن لسموه من خطورة احتمالات وجود متفجرات فيه ، لكنه قال يومها كلمة تكتب بماء الذهب ، «هذولا عيالي» ، تلك العبارة التي صارت أيقونة للوحدة الوطنية بين جميع أبناء الكويت .. وهو موقف ينبغي أن يستحي بعده أي مواطن – سنيا كان أم شيعيا ، بدويا أم حضريا – أن يتكلم بنفس طائفي ، أو أن يجنح بعيدا عن السياق الوطني ، الذي رسخته مواقف القيادة والشعب معا ، في مواطن كثيرة ولا حصر لها . ومثلما أكدنا في افتتاحية الأحد الماضي ، فإننا نعود للتأكيد اليوم أيضا ، على ضرورة وحدة الصف الوطني ، ورفض الدخول في أي مسارات فئوية تمس بهذه الوحدة من قريب أو بعيد .. وندعو الجميع إلى أن يكونوا عونا لوزارة الداخلية وجميع أجهزتها الأمنية ، لأننا أمام أمر جلل لا مجال للمزاح فيه أو العبث به .. مدوا أيديكم إذن لدعم الوزير الجراح ومساندته ، موقنين جميعا بأنه يقود هذه المنظومة الأمنية باقتدار وكفاءة كبيرين ، ولا نملك إلا أن ندعو الله له بالتوفيق ، ونقول له «رايتك بيضاء»، وأنت ورجالك أهل لثقة القيادة والشعب اليوم وغدا ، وفي كل وقت وحين .