د. بركات عوض الهديبان عندما يتوجه الناخبون الكويتيون إلى صناديق الاقتراع ، بعد غد السبت، فإنهم يذهبون موقنين بأنهم يؤدون الأمانة التي في أعناقهم تجاه وطنهم ، ويختارون من يثقون بأنه الذي يستحق الوصف القرآني الموجز والمعجز معا «القوي الأمين» ، والجدير بحمل أمانة الدفاع عن مصالح هذا الوطن ، في الداخل والخارج ، ومن لا تشغله مصالحه الشخصية عن المهمة الأوجب والأسبق ، وهي ترسيخ استقرار الكويت ، حاضرا ومستقبلا . وفي اعتقادنا أن هذه المؤشرات قد كشفت عنها بوضوح ، الندوة التي أقامها مساء أمس الأول رئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم ، والتي لم يكن الغانم بحاجة إلى أن يتحدث فيها ، فقد باحت بأسرارها قبل أن يبدأ في الحديث، من خلال تلك الحشود غير المسبوقة ، التي اجتمعت لتلتقي به وتستمع إليه ، وكان اجتماعها بهذه الصورة المدهشة «استفتاء» عمليا على ما يكنّه الكويتيون لهذا الرجل ، من محبة غامرة ، واحترام وتقدير لمواقفه ، سواء في قاعة عبد الله السالم أو خارجها، وتأكيدا مبكرا على أنها ستمنحه تأييدها دون تحفظ ، وأن كل الحملات التي حاولت تشويهه والإساءة إليه لم تنل منه ، والأهم أنها لم تنل من وعي المواطنين ، أو تؤثر فيهم سلبا بأي وجه ، بل على العكس ، فقد زادتهم اقتناعا بأن هذا الرجل على الطريق الصحيح ، وأن الحملة التي استهدفته، ووصلت إلى حد «الفجور في الخصومة» الذي نُهينا عنه شرعا ، وتخطت كل المعايير والأعراف الأخلاقية ، ما كان لها أن تنشأ أساسا لو كان الغانم شخصا ضعيفا أو سلبيا، لكن خصومه كانوا مدركين أنه في مواجهة قطب سياسي كبير ، وأن رصيده من محبة الناس ومؤازرتهم له هو رصيد زاخر ، ولذلك استخدموا كل أسلحتهم لتفريغ هذا الرصيد ، وفي النهاية لم يفلحوا في شيء ، وجاءهم الرد الصاعق في ندوة الثلاثاء ، التي كشفت لهم حجم التأييد الكاسح الذي يحظى به الغانم . وقد ترسخ هذا اليقين بـ «عبثية» ما فعله خصوم الغانم ، عندما ألقى كلمته التي جاءت مثل «عصا موسى» ، فابتلعت كل «أفاعي الدجل» و«حبال الإفك» ، التي ظلت تنسج على مدار شهر كامل ، فأبطل «سحرها» ، ونزع عنها «رهبتها» ، وكشف «إفكها» ، وأبان بالحقائق والمستندات أن المجلس الذي ترأسه نجح بجدارة في تكريس استقرار البلاد ، وأنجز من التشريعات ما لم ينجزه مجلس قبله ، وأنه لم يحجب أي استجواب ، وإنما أعمل القواعد التي ينص عليها الدستور الكويتي ، فضلا عن النجاح الكبير للمجلس، بالتعاون مع الحكومة ، في حل الكثير من القضايا والأزمات ، وغير ذلك من الإنجازات الكبيرة . ولا يختلف أحد على أنه بالرغم من كل محاولات التضليل والشحن ضده ، فإنه آلى على نفسه أن يظل محتفظا بقيمه وأخلاقياته ، وأن يعامل الناس ، كما يحب أن يعاملوه ، ورفض أن ينزل إلى المستوى الذي يتعامل به البعض ، حتى لو ناله منهم الأذى ، فقد طمأن شباب المرشحين الذين انساقوا وراء ذلك التضليل، وطالب بالتماس العذر لهم لنقص خبرتهم ، بل وتمنى لهم النجاح والتوفيق .. كما أنه حافظ على موضوعيته ونأيه بنفسه عن الشخصانية ، فوجه التحية إلى «النواب السابقين الذي كان قلبهم علي الوطن ، وكل من كان لديه وجهة نظر فليرشح نفسه وليقلها عبر قاعة عبد الله السالم» . باختصار فإن ندوة الثلاثاء قدمت الصورة الحقيقية والمضيئة ، لرجل أحب الناس فأحبه الناس ، ولما وجد أن رحابة مواطنية أكبر بكثير من رحابة المكان ، قال لهم كلمته البليغة والمؤثرة حقا «العين لكم أوسع من المكان» . إن الكويتيين يعرفون من الذي يمالئهم ويخدعهم ، ومن الذي يصدقهم ويصارحهم، وسيقولون رأيهم بعد غد في هذا وذاك .