د. بركات عوض الهديبان لا جدال في أن الإنجازات التي حققها أبطال الكويت ، في دورة الألعاب الاولمبية الصيفية المقامة حاليا بمدينة ريو دي جانيرو ، سواء منهم من انتزع لقبا عالميا كبطل الرماية فهيد الديحاني والرامي عبدالله طرقي الرشيدي الذي كان حتى مثول «الصباح» للطبع يتصدر الستة الأوائل في التصفيات النهائية ، أو من بلغ المراحل النهائية واقترب من التتويج ولم يوفق ، كالسباحة في السلطان ، تستوجب منا جميعا وقفة متأنية ومتأملة ، لاستخلاص ما في هذه التجربة من دروس وعبر . ويتفق الجميع بطبيعة الحال ، على أن الغائب الأكبر في الاحتفال بتتويج أبطالنا في الأولمبياد ، هو العلم الوطني وكذلك النشيد الوطني ، فعندما كان يرتفع الأولمبي مع إعلان فوز الديحاني بميداليته الذهبية ، كانت قلوب الكويتيين جميعا تتمزق ألما ، على الرغم من فرحتها بفوز ابنها ، وتجددت مع هذا المشاهد مواجع السؤال القديم : من الذي أوصلنا إلى هذا الموقف المؤلم ؟ لسنا في وارد «الوقوف على الأطلال» أو «البكاء على اللبن المسكوب» ، لكننا نعيد طرح السؤال لكي نعثر على إجابة صريحة ومحددة له ، تنهي هذا الوضع الغريب والمأساوي في الوقت نفسه لأحوالنا الرياضية .. لقد واجهت روسيا مأزقا مشابها لما واجهناه ، بل كانت أزمتها أكبر ، لأنها تتعلق باتهام نسبة غير قليلة من رياضييها بتعاطي المنشطات ، بل واتهام الدولة الروسية نفسها بأنها «تقنن» هذه المخالفة الرياضية الجسيمة ، وترعى «تورط» رياضييها في «التعاطي» وتشجعهم على ذلك ، لكن روسيا احتشدت بكل أجهزتها ومؤسساتها واستطاعت تجاوز هذه الأزمة ، وتحاشي حرمان رياضييها من المشاركة في الأولمبياد . نحن أيضا لسنا بصدد الانحياز مع طرف ضد آخر ، أو الدفاع عن أي من اطراف الحركة الرياضية ، فالمسؤولية مشتركة ، وهي مسؤولية جسيمة وخطيرة ، لأنها تتصل بهيبة الدولة ومكانتها العالمية ومصلحتها العليا ، وكلها أمور تعرضت للاستهانة والاستخفاف من قبل البعض ، نتيجة لصراعات شخصية ، لا ناقة للكويت فيها ولا جمل ، وقد آن الأوان لذلك كله أن يتوقف ، وأن ندرك معنى أننا جميعا زائلون ، والكويت هي الباقية ، وأن مصلحة الوطن أهم وأعظم وأسمى من كل المصالح الشخصية أو الفئوية . نعم بات علينا أيضا أن نعي إلى أين أوصلنا العناد ، وإلى أي منزلق يمكن أن ينحدر بنا ، فقد نسينا أو تناسينا التحذير القرأني العظيم في قوله تعالى «ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم» ، أي تتبدد قوتكم ويصيبكم الضعف والوهن .. وهذا ما حدث بالفعل ورأيناه ماثلا أمام أعيننا بحرماننا من أبسط حقوقنا من أن نستمتع بعلم بلادنا يرفرف في المحافل الدولية ، ونشيدها الوطني يتردد في كل الآفاق . أبطالنا الرياضيون – من فاز منهم بالألقاب ومن حرم منها، لكنه نال شرف المحاولة والسعي والاجتهاد – أدوا ما عليهم ، وبقي أن يؤدي كل منا ما عليه ، وأن يخلص لوطنه كما أخلصوا ، حتى يعود للكويت علمها ونشيدها اللذان يحاول البعض تشويههما ، ولن يفلحوا ، وستظل الكويت باقية وجميلة ، وسيظل أهلها يحفلون بالانتصارات في كل ميدان ، رغم أنف الحاسدين والحاقدين .