د. بركات عوض الهديبان لا يكاد يختلف أحد مع ما ذهب إليه رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم أمس ، بدعوته الحكومة لأن تراجع قرارها الخاص بخفض مستحقات علاج المرضى في الخارج ، بما لايؤثر على مستحقيه الفعليين . نعم جاءت دعوة الرئيس الغانم في وقتها تماما ، وشكلت تعبيرا صادقا وصريحا ، ليس فقط عن مواقف أعضاء المجلس ، بل عن موقف معظم – إن لم يكن جميع – المواطنين .. ذلك أن الحكومة قد سكتت طويلاً عن مسلسل الهدر الصارخ في موضوع العلاج بالخارج ، لكنها عندما أرادت أن تضع حداً له ، رأيناها تعالج الخطأ بخطأ أكبر وأفدح ! ما كان يطالب به الجميع ، ويلحون فيه ، هو أن تبادر الحكومة دون إبطاء أو تسويف ، إلى وقف ظاهرة «العلاج السياحي» ، التي باتت معلومة بالضرورة للكافة ، ولا سبيل لإنكارها بأي وجه ، فليس من المعقول أن يتم إرسال آلاف «المصطافين» سنويا ، للتنزه في دول أوروبا وأمريكا ، تحت لافتة العلاج بالخارج ، وإهدار ما يزيد على 600 مليون دينار من أموال الدولة سنويا – طبقا لبعض التقديرات – وهو ما كان يستوجب بالفعل وضع حد نهائي له ، حماية لحقوق الأجيال القادمة . لكن هذا شيء ، وأن تجور على حقوق المستحقين للعلاج في الخارج شيء آخر ، فهؤلاء ليسوا راغبين في التنزه ، أو يبحثون عن «كماليات»، إنما هم أصحاب مرض لم يجدوا علاجا شافيا له في الكويت – وهم ما تقرره بالطبع لجان متخصصة – وبات محتما عليهم أن يبحثوا عن هذا العلاج في الخارج ، وهو حق مكفول لهم بحكم الدستور .. وليست الكويت هي التي تقصر في رعاية أبنائها ، وتوفير كل سبل العناية بهم. إن الكويت التي هي – بشهادة الأمم المتحدة «مركز للعمل الإنساني» ، ويقودها «قائد العمل الإنساني» ، لن ترضى لأبنائها المبتعثين في رحلة علاج للخارج ، أن يضطروا للاستدانة ، أو مد أيديهم لأحد ، فقد اغناهم الله من فضله ، وأتاح لهم الكثير من النعم ، وأولها وأهمها نعمة القيادة الرحيمة الإنسانية .