د.بركات عوض الهديبان كل يوم تثبت الكويت أن قولها بأنها «دولة قانون»، ليس مجرد شعار ترفعه، وإنما هو سلوك عملي تطبقه، وممارسات تجري على أرض الواقع، وإعمال لمبادئ حقوق الإنسان، أيا كان هذا الإنسان، كويتيا أو مقيما على أرض بلادنا . وانطلاقا مما أكده صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، في نطقه السامي بافتتاح دور الانعقاد البرلماني الحالي، بقوله «إن الامن والاستقرار وسيادة القانون والمبادئ التي جسدها الدستور هي الاسس والقواعد التي نرتكز عليها لانطلاق عجلة الحياة العامة واستمرارها بكافة خدماتها ومرافقها، في سائر مناحي الحياة»، فإن المسؤول الأول عن الأمن في البلاد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد، يترجم هذه «الأسس والقواعد» في صورة إجراءات عملية، تثبت أننا بالفعل دولة قانون، وأن التزامنا بالمبادئ الدستورية، لم يكن ولن يكون يوما موضع شك . وحين يفعل الخالد ذلك فإنما يفعله عن وعي بأن احترام القانون وحماية أمن الوطن هما قرينان لا يفترقان، وكلاهما يقترن أيضا بالحفاظ على وحدة الوطن، ورفض محاولات الفرقة والفتنة، ومن هنا كان رفضه القاطع لمحاولة أحد النواب التشكيك في رجال الأمن، خلال الجلسة البرلمانية الأخيرة، وتأكيد الخالد بأننا : «نرفض الإساءة للمؤسسة الأمنية، تحت أي ذريعة كانت، ومهما كانت الأسباب، مثلما نرفض الإساءة إلى أي طائفة كانت»، وقوله أيضا : «إن أمن الوطن كل لا يتجزأ، وفوق كل اعتبار، ونحن لا نتأثر بهذا التشكيك أبداً، فنحن نخشى الله قبل أن نخشى أي شيء» . الموقف نفسه سجله الشيخ محمد الخالد باقتدار لافت، تجاه قضية مقتل أحد الوافدين في منطقة حولي، خلال الأيام الماضية، فرغم أنه شدد على أن «أشقاءنا المقيمين لهم كل التقدير والاحترام في ظل القانون والنظم واللوائح الخاصة بدولة الكويت»، فقد كان حريصا كذلك على الإشارة إلى أنه «لن يسمح لأي كان ومهما كان حجم الجالية الموجودة في الكويت، بمخالفة القوانين واللوائح والنظم في البلاد»، وأن «من يخرج عن هذه الأمور فسوف ينال جزاءه» . ربما لا يدرك البعض معنى أن تكون مسؤولا عن حماية أمن البلاد، وفي الوقت نفسه معنيا بالحفاظ على احترام القانون وحقوق الإنسان .. وهي معادلة صعبة ومعقدة نجد تجليات لصعوبتها وتعقيدها حتى في الدول الأعرق منا في مجال الديمقراطية، ونحن إذ نتلقى «المنتج النهائي» لها أمنا وأمانا وراحة بال، فإن كثيرين لا يدركون مدى الجهد المبذول لإظهار هذا المنتج وتحقيق تلك المعادلة، لكن الكويت لا تزال – بفضل الله – تسجل في هذا الشأن نجاحات كبيرة ومشهودة . وعندما نعلم أنه يعيش في الكويت أكثر من 140 جنسية، يعملون ويرتزقون ويتمتعون بأطيب العيش وأهنئه، لا يطاردهم هاجس أمني أو استخباراتي، كما يحدث في دول كثيرة قمعية واستبدادية، ولا يسألهم أحد عن انتمائهم السياسي أو الديني أو المذهبي، ولا يُطلب منهم سوى احترام القوانين والنظم المعمول بها في البلاد، فإن لنا أن نتبين بعض ملامح الصورة التي يسهر على إخراجها بهذه الجودة والروعة «رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه»، وأخلصوا لوطنهم وشعبهم وقيادتهم السياسية، فكانت المحصلة ما نراه ونعيشه من أمن واستقرار، ندعو الله مع صاحب السمو الأمير، أن يديمهما سبحانه وتعالى علينا، وأن يجعل الكويت دوما بلدا آمنا، وأن يرزقه من الثمرات، ويعيننا في كل وقت وحين على «ذكره وشكره» .