د.بركات عوض الهديبان على الرغم من كل الجراح والآلام التي خلفها في نفوسنا الاعتداء الأثيم على مسجد الإمام الصادق ، في منطقة الصوابر ، فإن مما يعزي النفس ويخفف من وقع الأسى ، تلك الروح العظيمة التي ظهرت عقب وقوع الجريمة ، والتي كان أروع تجلياتها بلا شك هو ما فاجأ به صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجميع، بذهابه إلى موقع الحادث ، بعد وقت قصير جدا من وقوعه ، وتفقده المسجد وآثار الدمار الهائل الذي أحدثه التفجير .. وكانت رؤية الدموع وهي تترقرق في عينيه، حزنا على أبنائه ضحايا الغدر والإثم ، عزيزة وغالية على نفوسنا جميعا ، تماما مثلما كانت «جرسا» ينبه الكافة إلى أن الكويت لن تسقط في براثن الفتنة ، وأنها ستبقى أبية قوية موحدة «عصية على الإرهاب وأهدافه المجرمة» ، كما وصفها سموه . ولأن سمو الأمير قدم القدوة والأسوة الحسنة ، فقد سرت هذه الروح في نفوس الكويتيين جميعا ، ورأينا الكل يتحدثون لغة واحدة ، هي لغة الوحدة والتكاتف ونبذ الفرقة والفتنة .. ولم نسمع صوتا واحا نشازا يتحدث بلغة طائفية أو يدعو بدعوى الجاهلية . أدرك الجميع إذن أنهم أمام عدو واحد ، يستهدف وحدتهم، ويريد النيل من أمنهم واستقرارهم ، وتحويلهم عن غايتهم التمثلة في الحفاظ على بلادهم عزيزة كريمة، وتعزيز اقتصادها وتنميتها ، والوصول بها إلى مصاف الدول المتقدمة ، في محاولة لاستدراج الكويت إلى مواطن الخلاف والتشرذم ، وإشعال نار فتنة لا تنطفئ فيها ، ليلحقها ما لحق غيرها من دمار وخراب . لكن وعي الكويتيين أكبر من كل تلك الدعاوى ، ولن يمكنوا للإرهابيين أو من يدبرون ويخططون لهم من بلوغ أهدافهم ، وسيظلون متمسكين بدينهم الحق السمح الذي أعلى من حرمة النفس البشرية ، إلى حد جعلها أعظم من حرمة الكعبة المشرفة ، وجعل جزاء من قتل نفسا واحدة، «كأنما قتل الناس جميعا» ، كما أعطى الأمان لكل من دخل المسجد ، كما ورد في حديث النبي- صلى الله عليه وسلم – يوم فتح مكة «ومن دخل المسجد فهو آمن» ، كما علمنا أن «الفتنة شر من القتل» ، ولن ينساق أحدهم خلف دعوات هدامة ، ونداءات ضالة جاحدة . رحم الله شهداءنا الأبرار ، وأسكنهم فسيح جناته ، وحفظ الله الكويت من كل مكروه ، وحمى أهلها من كل شر يراد بهم .