د. بركات عوض الهديبان الشيخ محمد الخالد أعاد الأمور إلى نصابها منذ توليه حقيبة الوزارة بالوكالة لا شك أن التحديات التي تمر بها منطقتنا العربية، تتطلب ليس فقط حشد الجهود السياسية والعسكرية والأمنية لمواجهتها ، وإنما تتطلب أيضا ، وربما بالدرجة الأهم ، حشد الجهود الفكرية والثقافية والدعوية .. وهذا ما تفعله الكويت منذ فترة بتوجيهات من صاحب السمو أمير البلاد ، وفي اعتقادنا أن الجميع يشهد للكويت بالريادة في مجال نشر الوسطية الدينية ، المعبرة بحق عن جوهر الإسلام الصحيح وتسامحه وعالمية رسالته التي جاء بها نبيه – صلى الله عليه وسلم – هداية ورحمة للناس كافة. في هذا الإطار يأتي اهتمام الدولة بالدور الكبير الذي تقوم به وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ، والتي قيض لها في هذه الفترة وزير قادر على قيادة دفتها قيادة سليمة ، والوصول بها إلى تحقيق أهدافها ، وأداء رسالتها على أكمل وجه ممكن ، ومن المؤكد أن المواطنين والعاملين في وزارة الأوقاف أيضا ، لمسوا في الفترة الأخيرة تغييرا إيجابيا كبيرا على أداء معظم قطاعات الوزارة ، ولم يكن من الصعب إدراك السر وراء هذا التغيير ، فقد بدا واضحا أن تلك الإيجابيات قد برزت وتعززت خلال الفترة القليلة الماضية التي شغل فيها نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد حقيبة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالوكالة .. وبشهادة الكثير من العاملين في الوزارة أنفسهم ، فإن الخالد قاد حركة تصحيح كان لا بد من القيام بها منذ فترة طويلة ، لكنها ظلت رهن مجيء وزير لديه أولا القدرة على التصحيح والتغيير ، لا يخشى من القيل والقال أو سوء التأويل ، ببساطة لأنه ينتمي فقط إلى الكويت ، ولا يعرف الانتماءات الفئوية أو الحزبية ، تهمه في الدرجة الأولى والأساسية مصلحة الوطن والمواطنين ، وفي السياق الذي نحن بشأنه : خدمة الإسلام والمسلمين ، وإيصال رسالة الدعوة الإسلامية بأسلم الطرق ، وأقربها إلى روح هذا الدين العظيم وسماحته وتحضره واستنارته . من هنا فإن ما سمعناه ولمسناه بأنفسنا لدى قطاعات واسعة من المواطنين هذه الأيام ، أن هناك مشكلات كثيرة كانت بارزة بوضوح خلال الفترات السابقة ، لكنها تلاشت الآن ، فلم نعد نرى تلك الاحتكاكات والمشاحنات بين الإمام والمصلين بسبب إقحام الخطاب السياسي في المجال الدعوي والديني ، وترسخ بوضوح مبدأ الالتزام بالقيم والأعراف التي تحكم عمل الأئمة والخطباء ، وفي صدارتها الابتعاد عن الدخول في دهاليز القضايا السياسية ، وما تجره من خلافات ومجادلات لا تكاد تنتهي ، ومع الأسف تصد رواد المساجد عن الرسالة الجوهرية للمسجد . الرائع في الأمر أيضا أن كل هذه المكتسبات قد تحققت بسلاسة ويسر ، وعبر صلة من المودة والتعاون بين من يقود الوزارة وسائر العاملين فيها ، وهو ما يؤكد أن الحزم لا يعني بالضرورة «القسوة» أو «الغلظة» ، فلم نسمع عن أي إجراءات استثنائية أو عقوبات بحق العاملين في «الأوقاف» ، وإنما هو – كما قلنا – الحزم والإصرار على تطبيق القانون ، وشعور جميع الموظفين بأنهم يعاملون بسوية واحدة ، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية أو انحياز بعضهم لتيار معين أو غيره ، فالكفاءة والانضباط والإخلاص هي وحدها المعايير التي على أساسها يتم تقييم الجميع . لذلك لم يكن غريبا أن ينجح الخالد نجاحا باهرا في «الأوقاف» ، تماما كما نجح في «الداخلية ، لأن المعايير واحدة ، ولأن الوجهة واحدة أيضا ، وهي : الكويت . ولسنا ننسى في هذا المقام أيضا الدور المتميز الذي قام به وكيل وزارة الأوقاف د. عادل الفلاح لنشر الوسطية، خصوصا في دول الاتحاد السوفيتي السابق، والتي كانت يوما مرتعا لحركات التطرف والعنف.