د. بركات عوض الهديبان على الرغم من كل العواصف التي اجتاحت المنطقة العربية، خلال السنوات الأخيرة ، وقلبت أمنها خوفا ، واستقرارها تصدعا وقلقا ، ووحدتها تمزقا وفرقة ، فقد ظلت الكويت بفضل من الله آمنة مستقرة ، وحافظت على وحدتها الوطنية ، ونسيجها المتماسك ، مع تمسكها في الوقت نفسه بنهجها الديمقراطي ، الذي رفضت أن تفرط فيه ، أو تتخلى عنه ، حتى في أدق الظروف ، وأصعب اللحظات التاريخية التي مرت بها ، بما في ذلك فترة الغزو الغادر الذي تمر هذه الأيام ذكراه الرابعة والعشرون ، وهي الفترة التي شكلت بدورها صفحة مضيئة في تاريخ هذا البلد ، ونضال شعبه العظيم . نعمة الأمن والأمان هذه التي حبانا الله إياها تستوجب الحمد والشكر ، ليس فقط باللسان ، وإنما أيضا بالعمل الجاد والمخلص ، والخطوة الأولى في هذا الطريق هي أن نتمسك بوحدتنا الوطنية ، وأن نحيطها بسور يقيها شرور الفتنة ، ويمنع عنها كيد الكائدين وتربص المتربصين . لقد ألمح سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد إلى هذا المعنى في حديثه مع عدد من علماء ودعاة الكويت ، عندما أوضح أن المواطن الكويتي وكذلك المقيم على أرض الكويت يستطيع أن ينام وبابه مفتوح ، لأنه مطمئن القلب إلى أن أحدا لن يقتحم عليه داره .. وبالتأكيد فإن كلمة صاحب السمو هذه تشير إلى أمرين مهمين ، إلى الأمن بمعناه الاجتماعي ، بمعنى أن أحدا لن يحاول اقتحام بيتك بحثا عن لقمة العيش ، فالكل – بحمد الله – يطعم من الخيرات التي أفاءها سبحانه وتعالى علينا ، تماما كما تشير إلى الأمن بمعناه السياسي ، فليس لدينا «زوار الفجر» الذين يقتحمون بيوت الناس في الدول الاستبدادية، ويعتقلونهم لمحاكمتهم بتهم سياسية ، فنحن بلد ديمقراطي يعرف للحرية قيمتها ، ويحمي حقوق الإنسان، ويحصنها بقضاء نزيه عادل ، وتلك من أعظم النعم التي ينبغي علينا أن نصونها ونرعاها حق رعايتها . إن الكويت التي استعصت على المحتلين الغزاة ، ستظل مستعصية على بغاة الفتنة ، وسيظل شعبها واعيا لأهمية وحدته ، مدركا لقيمة تماسكه وحفاظه على لحمته الوطنية ، وساعيا على الدوام إلى ترسيخ أمن هذا الوطن واستقراره .