كتب د. بركات عوض الهديبان كانت الكويت كلها في الليلة الثانية من ليالي العشر الأواخر من رمضان ،على موعد مع تلك المفاجأة السارة التي أعلنها صاحب السمو أمير البلاد ، في كلمته إلى شعبه بهذه المناسبة الطيبة ، وأكد فيها أنه أصدر عفوا عن جميع المحكوم عليهم في قضايا الإساءة إلى الذات الأميرية . هذه المكرمة السامية التي جاءت في الليالي المباركة ، استهداء – كما قال سمو الأمير – بقول الله تعالى في كتابه الكريم «وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم» ، وانطلاقا من قيم الإسلام الذي جعل التسامح والعفو والمغفرة من أسمى وأنبل راياته ، جددت التأكيد على أن الكويت ليست فقط دولة مؤسسات وقانون تلتزم بالنهج الديمقراطي وحقوق الإنسان ، وإنما هي تعلي أيضا قيما أسمى وأرفع من كل ذلك ، وهي قيم الإسلام التي تحث على التسامح والعفو ، حتى لو كان الحق في جانب الإنسان ، وكان القانون يدين ويجرم ما صدر عن المسيء إليه ، فالإسلام هدانا إلى ما هو خير من حرفية القانون ، إلى الصفح والمسامحة ، ومن أولى بذلك من أمير الخير والمكرمات سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد ؟ ومن الضروري أيضا أن يلحظ الجميع أن سمو الأمير يعطي كل يوم نموذجاً للقائد الذي يمثل أسوة حسنة لشعبه ، فمن قبل أكد مراراً التزامه بأحكام المحكمة الدستورية وكل أحكام القضاء ، وشدد على أن القانون فوق الجميع ، وهاهو مجددا يتغاضى عن حقه إكراما لأبنائه ومحبة لهم, لقد فتحت مكرمة صاحب السمو الأمير ، بالعفو عن أبنائه المسيئين، الطريق أمام بدء صفحة جديدة في حياة مجتمعنا، صفحة شعارها التسامح والتراحم ، والتفرغ من ثم لما أسماه سموه «مرحلة جديدة خلال هذا الفصل التشريعي الجديد، ستشهد فيها البلاد انطلاقة واعدة ، نحو آفاق من التقدم والتنمية والعمل الجاد لتنويع مصادر الدخل ، ومتابعة تنفيذ الخطة التنموية ، وإقامة المشاريع الحيوية الكبرى، وذلك من خلال التعاون المثمر والبناء والمأمول بين السلطتين التشريعية والتنفيذية» ، وربط سموه ذلك أيضا بإيلاء الشباب اهتماما كبيرا ، وتنفيذ التوصيات المهمة التي صدرت عن المؤتمر الوطني الاول للشباب الذي عقد في شهر مارس الماضي . ولا بد هنا كذلك من كلمة واجبة لشبابنا الذين نوقن أنهم ليسوا فقط موضع اهتمام سمو الأمير ، بل إنهم موضع إعجابه الشديد أيضا ، وقد تجلى ذلك بوضوح خلال لقائه بهم في مؤتمرهم المشار إليه .. ومن ثم فإننا نأمل أن يكون هؤلاء الشباب على مستوى الثقة السامية بهم ، وألا يسمحوا لأحد بأن يستدرجهم إلى مواطن الخطأ والزلل ، وأن ينأوا بأنفسهم عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي فيما يسيء إليهم وإلى وطنهم. وإذا كان القائد الحكيم والوالد الرحيم قد مد إلى أبنائه يد العفو والصفح ، فليمد إليه أبناؤه أيديهم معاهدين سموه على أن يكونوا جنودا أوفياء للكويت ، رافضين الانصياع لدعوات تقسيم المجتمع وتفتيت الصف الوطني ، ومتمسكين بكل القيم النبيلة التي كرستها الكلمة السامية ، وأعلاها أميرالخير والعطاء والإنسانية .