كتب د. بركات عوض الهديبان اختطت الكويت لنفسها سياسة دائمة لا تحيد عنها، وهي أنها لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، كما أنها تحترم إرادة الشعوب وحقها في تقرير مصيرها بنفسها، وهذا هو الموقف الذي ألزمت به نفسها في التعامل مع التطورات التي شهدتها مصر منذ ثورة 25 يناير في العام 2011. من هنا كانت مبادرة الكويت بتهنئة الشعب المصري بالخيار الذي استقر عليه أخيرا، وقيامه بتغيير النظام السياسي القائم، وتولية رئيس المحكمة الدستورية المستشار عدلي منصور منصب رئاسة الجمهورية، لحين انتخاب رئيس جديد، وذلك استنادا – كما أكد سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد في برقية التهنئة التي بعث بها إلى المستشار منصور – إلى «الثقة التامة بقدرة الشعب المصري الشقيق، وبما عرف عنه من أصالة وروح وطنية عالية، على تخطي كافة العقبات والصعاب»، وكذلك يقينا «بالدور الايجابي والتاريخي والبناء الذي قامت به القوات المسلحة المصرية، وحفظت من خلاله بعد الله تعالى أمن مصر واستقرارها». هذا الموقف الذي اتخذته الكويت تجاه الشقيقة مصر، هو ذاته الذي اتخذه الأشقاء في سائر دول مجلس التعاون، فقد كان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز هو أول زعيم دولة في العالم يهنئ مصر، وفعل الشيء نفسه أيضا رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، بما يؤكد أن العلاقة بين مصر ودول مجلس التعاون الخليجي ستشهد تطورا كبيرا خلال الفترة المقبلة، بعد أن ران عليها الجمود وشابها بعض الفتور في المرحلة الماضية. إننا إذ نحيي ونحترم خيار الشعب المصري الشقيق، وحقه في اختيار من يحكمه، فإننا نتمنى أن يدرك أي حاكم جديد له، سواء في هذه المرحلة الانتقالية، أو فيما بعد حين تستقر كل مؤسساته الدستورية، أن مصر دولة كبيرة ورائدة، وأنها لا يمكن أبدا أن تكون معزولة عن محيطيها العربي والإقليمي.. لا يمكن لأحد من خارجها أن يعزلها، ولا تستطيع هي أن تعزل نفسها، فقد قدر الله لها، بحكم الموقع والتاريخ والمكانة، أن تظل موصولة بما ومن حولها، وصدق شاعر النيل حافظ إبراهيم إذ يقول عن مصر ودورها: أنا إن قدر الإله مماتي لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدي ونحن في الكويت وفي كل دول الخليج ندعو لمصر بالحياة والنماء والازدهار، ونأمل أن تكون البداية لدى أشقائنا المصريين بتحقيق التوافق الوطني بين كل أبناء الشعب، وألا يقعوا مجددا في خطيئة التهميش أو الإقصاء لأي تيار سياسي، حتى ينصهر الجميع في بوتقة واحدة، هدفها الأول والأهم هو رفع راية مصر، وإعادتها إلى مكانتها التي لا يمكن لأحد غيرها أن يتبوأها، أو ينافسها عليها.