كتب د. بركات عوض الهديبان مع كل إشراقة صباح جديد، تضرب الكويت موعدا مع المحبة والترابط اللذين يجمعان بين أبنائها، ويوحدان صفوف شعبها، ويؤلفان قلوبهم جميعا على الخير والمودة والإخاء. مع كل إشراقة صباح يدرك الكويتيون أنهم يعيشون «ربيعا دائما»، ليس فقط منذ نصف قرن، وهو التاريخ الذي وضع فيه الدستور، وتشكل معه أول مجلس أمة، بل إن ربيعنا يمتد أبعد من ذلك بكثير، يمتد إلى مئات السنين منذ تأسيس الدولة، والتقاء كلمة أبنائها جميعا على مبايعة آل الصباح حكاما لهم، ومن يومها ظل هذا الميثاق المتين يحكم العلاقة بين الشعب وأسرته الحاكمة.. صحيح أنه تعزز بوجود المؤسسات الدستورية، وبانتهاج الديمقراطية أسلوبا للحكم، لكن ذلك ما كان ليتحقق لولا أنه وجد أرضية خصبة وتربة صالحة لنشأته وازدهاره. وقد كانت لفتة رائعة حقا من صاحب السمو الأمير، أن حفل الاستقبال الذي أقامه سموه مساء أمس الأول، في قصر بيان، تكريما لسمو ولي العهد بمناسبة عودته معافى إلى البلاد، عقب العملية الجراحية التي أجراها في الخارج، ودعا لحضورها كل أبناء أسرة الصباح، قد جاء مسبوقا ومتبوعا بالدعوات المباركة التي لباها صاحب السمو، ولا يزال يلبيها، بحضوره مآدب الغداء والعشاء التي يقيمها على شرفه أمراء القبائل، وهو ما يعطي دلالة بالغة الأهمية، على أن الكويت «أسرة واحدة»، وأنها وإن تعددت أسراتها وقبائلها وعائلاتها، فهي في النهاية نسيج واحد، يستعصي على التمزيق أو التفتيت، ويأبى إلا أن يظل قويا متماسكا، لا يسمح لأحد باختراقه أو العبث به. وإذا كان سمو الأمير قد أكد في كل هذه المناسبات الطيبة أن «وحدتنا الوطنية هي التي صانت بلدنا، وجمعت صفوفنا، وشدت عزائمنا في أحلك الظروف، ونحن كلنا كويتيون أبناء بلد واحد، يجمعنا حب الكويت والوفاء لها، فقوتنا وعزتنا في تلاحمنا ووحدتنا وتكاتفنا»، فإن من الواضح تماما أن الكويتيين جميعا قد استوعبوا هذا الدرس، وأيقنوا أن وحدتهم، كما تشير دوما الكلمات السامية – هي «السور الواقي» و«السد المنيع»، أمام كل «رياح الفتنة» و«عواصف الفرقة» التي يحاول البعض أن يبعثها من مرقدها، ولن يفلح هذا البعض، مادام شعبنا مصطفا على الدوام خلف قيادته الحكيمة، ورافضا كل المحاولات المشبوهة الهادفة إلى المساس بأمنه واستقراره ووحدته.