كتب د. بركات عوض الهديبان أرسلت التمارين الأخيرة التي أجرتها قوات درع الجزيرة في الكويت أكثر من رسالة بالغة الأهمية.. أول وأهم هذه الرسائل هي تلك التي استهدفت شعوب دول مجلس التعاون الخليجي، وأكدت لها أنها تستطيع أن تثق الآن بقدرات قواتها المشتركة، وقدرتها على حماية أمنها واستقراها، وردع أي عدوان يستهدفها، وهذا ما تضمنته كلمة قائد هذه القوات اللواء الركن مطلق بن سالم الازيمع، حينما قال: «واهم من يظن أن دول الخليج لقمة سائغة من السهل ابتلاعها، لان الحقيقة واضحة كالشمس بأن قوات درع الجزيرة من أقوى وأكثر جيوش العالم مهنية، ومن خلفها قيادات حكيمة تقودها للعمل والخير، وخلفنا شعوب لا خوف عليها». أما الرسالة الثانية فإنها لا تقل عن الأولى قيمة وأهمية، حيث شددت على أن دول مجلس التعاون الخليجي، رغم أنها مهتمة بجاهزية قواتها المسلحة ورفع كفاءتها القتالية واللوجستية، فإنها أيضا حريصة على أن تؤكد للجميع أنها لا تبدأ أحدا بعدوان، بل ولا تسعى للإضرار بأحد، وتنشد السلام والاستقرار والرخاء لكل دول المنطقة، وذلك اتساقا مع نهج الحكمة في سياستها الخارجية الذي اختطه قادتها منذ سنين طويلة، ولم يشهد هذا النهج أي اختلال أو خروج عن نسقه ومبادئه. يتوازى مع هذا النهج الحكيم نهج داخلي أثبت بفضل الله أنه الأكثر حنكة وصوابا في المنطقة كلها، وهذا ما أكدته الأيام وثورات الربيع العربي التي أطاحت بأنظمة ظلت تدعي «الثورية»، ثم تبين أنها غارقة للأذقان في استبدادها وديكتاتوريتها، بل و«دمويتها»، وزادت شعوبها فقرا وضنكا وتخلفا، حتى ضاقت هذه الشعوب بأنظمتها ذرعا وانتفضت مطالبة بالتغيير. في دولنا الخليجية قامت علاقة الحاكم بالمحكوم على أساس من القبول والتوافق والعدل والمساواة، وإلغاء الحواجز والقيود التي يضعها الحاكمون أمام مواطنيهم، فاستقامت هذه العلاقة، وعشنا ربيعا كويتيا وخليجيا مبكرا، تنعم شعوبنا بالرخاء والازدهار والديمقراطية، التي وإن تباينت أشكالها وصورها بين دول المجلس، فإنها في النهاية تتفق على قيم العدل والمودة والإخاء والتكافؤ الاجتماعي، وتحققت لدولنا نهضة كبيرة في كل ميادين الحياة التعليمية والصحية والإسكانية وغيرها، مع عدم إرهاق المواطنين بأي ضرائب ورسوم. لقد حققنا «الديمقراطية الاجتماعية» بأروع صورها، وهي لا تقل بحال عن الديمقراطية في جانبها السياسي.. وستمضي هذه المسيرة المباركة لتشيع الخير والسلام والمحبة والاستقرار في منطقة الخليج، وعالمنا العربي، وفي كل ركن من أركان هذا الكوكب.