كتب د. بركات عوض الهديبان في شهر الاحتفالات والانتصارات، شهر اكتمال الفرحة والبهجة باستقلال الكويت وكذلك بإتمام نعمة الله عليها بالتحرر من الاحتلال البغيض، وعودة ترابها الطاهر إلى شعبها الصابر المتوحد الرافض لكل أشكال الانقسام والفتنة وشق الصف الوطني تحت أي مسميات، يحق لشعبنا أن يفرح وأن يتنادى أبناؤه للاحتفاء بذكرى اليوم الوطني وعيد التحرير. وكما أننا ندعو دائما إلى أن يكون تعبيرنا عن الفرحة في إطار وطني راق، بعيدا عن أي تخريب للمنشآت العامة، أو إيذاء للمارة، أو تعكير لصفو أحد، أو تعطيل للمرور، فإننا نناشد كل المشاركين بالعمل العام أيضا أن يجعلوا من هذه الأعياد مناسبة لتكريس القيم والمعاني الراقية وترسيخها في نفوس أجيالنا الصاعدة، ونبذ كل ما من شأنه تشويه الصورة الجميلة لكويت المحبة والأمن والاستقرار.. ولا حاجة بنا لأن نذكر بأن أكثر ما يخدش هذه الصورة ويشوهها هو سعي البعض لجر البلاد إلى المزيد من التصعيد والتأزيم، عبر رفض كل محاولة جادة ومخلصة لإزالة أسباب الخلاف والاحتقان، ومحاولة تعطيلها وتعويقها، والإصرار على حرق كل جسور التواصل بين مختلف أطراف العمل السياسي في البلاد. وأخطر من ذلك ما ينزلق إليه بعض القوى السياسية والحزبية، من محاولة الإساءة للقضاء الكويتي، الذي يعرف الجميع أنه صرح العدالة الشامخ والملاذ الأخير للدولة الديمقراطية، وأن أي إساءة لهذا الصرح هي إساءة مؤكدة للدستور ودولة القانون والمؤسسات، وكما أكد عدد من السياسيين المستقلين المخلصين، في بيان أخير لهم فإن «استقلال السلطة القضائية جعله الدستور عاصما من التدخل في أعمالها، أو التأثير على مجرياتها، أو المساس بأحكامها، وعلى ذلك لا يمكن القبول بمحاولات الافتئات على عمل السلطة القضائية أو محاولات تعطيل دورها احتراما للدستور».. ونحن أيضا مع هؤلاء السياسيين الشرفاء في إشارتهم إلى أن «الاعتراض على الأحكام القضائية يتم عبر القضاء وفقا للقنوات القانونية والأطر الدستورية، وذلك احتراما لمبدأ الفصل بين السلطات والمنصوص عليه في المادة 50 من الدستور»، فهذا هو ما يضمن استقرارنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وهو أيضا ما يجعل لاحتفالنا بالعيد الوطني وعيد التحرير معنى وقيمة، وليس مجرد مظاهر للفرحة الشكلية أوالعابرة.