أكد السفير الإيطالي لورينزو موريني أن هناك تعاون دفاعي كبير بين الكويت وإيطاليا، قائلا نحن نقدم للقوات الجوية الكويتية طائرات يوروفايتر لكننا نتعاون أيضاً مع القوات المسلحة الكويتية في مجالات أخرى، حيث لدينا أفراد عسكريون إيطاليون يعملون هنا مع الطواقم الكويتية.
وأضاف موريني خلال حديثه في لقاء مع برنامج "السفير" الذي تبثه قناة الصباح على مدار السنوات العشر الماضية، قمنا بتطوير علاقة وثيقة جداً، وتعاون مطرد بين الجيشين، مبينا أن الأمر لا يقتصر على بيع أو شراء المعدات بل يشمل التدريب بوجود طيارين وأفراد عسكريين من القوات المسلحة الكويتية يعملون على الدفاع عن البلاد.
وعن الصراعات المستمرة في الشرق الأوسط وتحديداً الحرب على غزة ولبنان قال موريني نحن نتعاون مع جميع المنظمات الدولية وأيضاً مع الكويت في تقديم المساعدة للمتضررين.
ودعا السفير الإيطالي جميع الأطراف المعنية لوقف العنف وفتح قنوات الحوار وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة، من خلال حل الدولتين كطريق وحيد للمضي قدماً.
وفيما يلي نص اللقاء:
• أود أن أبدأ بالحديث عن الاستثمارات الثنائية بين الكويت وإيطاليا. ما هي خطوات إيطاليا لتعزيز استثماراتها في الكويت، وفي الوقت نفسه جذب الاستثمارات الكويتية إلى القطاعات الاقتصادية الإيطالية مثل التكنولوجيا والسياحة؟
-يشهد الاقتصاد تغييرات كبيرة، ونحن نواجه تقنيات وتحديات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي والانتقال نحو اقتصاد مستدام. جميعنا ملتزمون بمحاولة إيجاد طرق للتعاون مع شركائنا. أعتقد أن لدى إيطاليا والكويت الكثير من القواسم المشتركة فيما يتعلق بتطوير الاستثمارات ومواجهة التحديات المشتركة. العديد من الشركات الإيطالية معنية بالاستثمار في الكويت نظراً لخصائصها المهمة مثل انخفاض أسعار الطاقة، وجو الاستقرار الاقتصادي والسياسي، إلى جانب الطقس المستقر، فرغم حرارة الجو، إلا أنه على الأقل ثابت ولا يتغير كثيراً، وهذا عامل تأخذه الشركات في الاعتبار. لدينا شركات تسعى لتصدير التكنولوجيا والخبرات إلى الكويت لأنها تؤمن بأن هناك فرصاً لتأسيس مشروعات وشركات جديدة، خاصة وأن لدينا العديد من الشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة التي تنظر إلى الكويت كوجهة استثمارية. وجود الشركات الصغيرة والمتوسطة يمثل فرصة وتحدياً في الوقت ذاته. إنها فرصة لأنها تتمتع بتقنيات وخبرات فريدة لكنها تحدٍ لأنها غير معتادة على الاستثمار في الخارج. ما نحاول القيام به هو جذب المستثمرين الكويتيين من خلال آليات مثل صناديق الاستثمار واجتماعات الأعمال بين الشركات لتسهيل اللقاءات بين الشركات الإيطالية والمستثمرين هنا في الكويت وخلق شراكات فيما بينهم. بدلاً من أسميه استثماراً في دولة أو أخرى، فإنني أود أن أسميه شراكة نسعى لتحقيقها.
• عند الحديث عن التعاون الثنائي في مجال الدفاع، وبالنظر إلى الصناعة الدفاعية المتقدمة في إيطاليا، كيف ترى تطور التعاون العسكري بين إيطاليا والكويت؟ وإلى أي مدى وصل بين البلدين؟
-إنه تعاون جيد جداً، فلدينا برنامج كبير هنا. نحن نقدم للقوات الجوية الكويتية طائرات يوروفايتر لكننا نتعاون أيضاً مع القوات المسلحة الكويتية في مجالات أخرى. لدينا أفراد عسكريون إيطاليون يعملون هنا مع الطواقم الكويتية. ولدينا ممثلون كويتيون في إيطاليا يعملون مع الطواقم الإيطالية. على مدار السنوات العشر الماضية، قمنا بتطوير علاقة وثيقة جداً، وتعاون مطرد بين الجيشين. بالإضافة إلى ذلك، لدينا أيضاً عدد كبير من العسكريين الإيطاليين هنا في إطار عملية "القرار الثابت" التابعة للأمم المتحدة، وهم حوالي 300 فرد أسسوا تعاوناً جيداً مع القوات المسلحة الكويتية. أود أن أقول إن الوضع يشبه التعاون التكاملي حيث يتعلم أحدنا من الآخر، ونتفهم اختلاف نهجنا تجاه الأمن، ونؤسس تعاوناً أعمق وأكثر فائدة مما كان عليه في السابق. الأمر لا يقتصر على بيع أو شراء المعدات بل يشمل التدريب والمرافق التي تم إنشاؤها من قبل شركة إيطالية هنا والتي يديرها الإيطاليون على صعيد يومي، بوجود طيارين وأفراد عسكريين من القوات المسلحة الكويتية يعملون على الدفاع عن البلاد. لذا، لدينا تقنيون أرضيون والعديد من الطيارين والأفراد الذين تم تدريبهم في إيطاليا. إنه تعاون شامل ومتكامل بكل معنى الكلمة.
• إيطاليا دولة مشهورة بتراثها الثقافي الغني. ما دور إيطاليا في تعزيز التبادل الثقافي مع الكويت لتوطيد العلاقات الدبلوماسية والتفاهم الثنائي؟
-لدينا تقاليد قائمة على التعاون مع الكويت في قطاعات محددة. لدينا مهمتان أثريتان هنا، وتعاون طويل الأمد في مجال الهندسة المعمارية. أعتقد أننا في وضع يمكننا من تقديم خبرات أخرى للكويت، ونحن على أتم الاستعداد للقيام بذلك، مثل ترميم وصيانة مواقع التراث الثقافي والصناعات الإبداعية. لدينا الكثير من الأشياء التي يمكننا مشاركتها مع الكويت. المشكلة تكمن في نقص معرفة الطلاب الكويتيين باللغة الإيطالية ونقص معرفة الطلاب الإيطاليين باللغة العربية. إنها فجوة كبيرة يجب أن نسدها في المستقبل، وآمل أن نتمكن معاً من العمل نحو فهم أفضل لاختلافاتنا والفرص المتاحة أمامنا.
• لننتقل إلى الصراعات المستمرة في الشرق الأوسط، وتحديداً الحرب على غزة ولبنان. ما هو رأي إيطاليا فيما يتعلق بالحرب على غزة؟
-نحن قلقون للغاية بشأن ما يحدث، كما أننا نشطون جداً في مجال الإغاثة الإنسانية. نحن نتعاون مع جميع المنظمات الدولية وأيضاً مع الكويت في تقديم المساعدة للمتضررين. وندعو جميع الأطراف المعنية لوقف العنف وفتح قنوات الحوار كما نطالب بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة. حل الدولتين هو الطريق الوحيد للمضي قدماً. الموقف الإيطالي واضح جداً، ونحن متوافقون مع العديد من الشركاء في الاعتقاد بأن الحوار والتفاهم المتبادل هما وحدهما السبيل لإنهاء هذا الوضع المروع. ونحن مستعدون للمساعدة بأي طريقة ممكنة.
• بالنسبة لوقف إطلاق النار في لبنان، هل تعتقدون أنه يسير بالطريقة التي ينبغي أن يكون عليها؟
-لدينا أفراد عسكريون في لبنان. والقوات المسلحة الإيطالية حاضرة في وحدة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، اليونيفيل، في لبنان. ونحن قلقون جداً لأن أفرادنا هناك لكننا لن نقوم بتحريكهم أو سحبهم لأننا نعتقد أن من المهم تنفيذ قرارات الأمم المتحدة أيضاً في لبنان.
• إذاً، لا يوجد أي احتمال لقيام إيطاليا بسحب قواتها من اليونيفيل؟
-بالتأكيد لا. نحن نعتزم الاستمرار في أداء عملنا والحفاظ على موقفنا الذي كان دائماً متماشياً مع قرارات الأمم المتحدة وموقف المجتمع الدولي. أما فيما يتعلق بوقف إطلاق النار، فمن الواضح أن كل شيء يمكن أن يكون أفضل لكني أعتقد أننا، شيئاً فشيئاً، نتحرك باتجاه حل إيجابي للأزمة.
• لننتقل إلى الصراع الروسي الأوكراني. بينما تبحث أوروبا عن بدائل للطاقة الروسية، أود أن أعرف خطط إيطاليا لتوسيع شراكاتها في مجال الطاقة مع دول مجلس التعاون الخليجي وبشكل خاص مع الكويت؟
-نحن نعمل في اتجاهات مختلفة. أولاً وقبل كل شيء، يجب أن نتذكر أن هدفنا الرئيس هو التغير المناخي. نحن نتجه نحو الطاقة المتجددة، ونقلل تدريجياً اعتمادنا على النفط، ونتحرك في مرحلة انتقالية صوب الغاز الطبيعي. لهذا السبب، وفي الشهور الأولى بعد الأزمة الأوكرانية، وقعنا اتفاقاً جديداً مع الجزائر، ومزودين آخرين للغاز الطبيعي مثل النرويج وهولندا، لإمدادنا بالكميات اللازمة من الغاز لتعويض الغاز الروسي لأن روسيا كانت المزود الأول لإيطاليا بالغاز الطبيعي. كما رأينا أن ليبيا بدأت تستعيد وضعها الطبيعي، وبالتالي بدأنا نستأنف استيراد النفط والغاز الطبيعي من ليبيا. لدينا أكثر من أنبوبيْن يربطان بلدنا بليبيا، ولم يتم استخدامهما بالكامل منذ الربيع العربي في 2011 كما أن هناك العديد من الاستثمارات لشركات إيطالية في الغاز الطبيعي في مصر وأذربيجان. عندما ننظر إلى دول مجلس التعاون الخليجي، نرى أن الإنتاج الرئيس هو النفط أكثر من الغاز الطبيعي لكننا مهتمون جداً بما يحدث هنا في السوق. تقليدياً، لا نملك الكثير من الواردات من دول مجلس التعاون الخليجي لأننا لا نمتلك أنابيب تربط مناطقنا. لدينا نقل عن طريق السفن لكن الأمر معقد جداً بسبب سيطرة الحوثيين. في هذه المرحلة، يمكنني القول إن هناك عملية جارية، ونحن نتطلع لبدء العمل مع شركائنا في مجلس التعاون الخليجي لاستكشاف الفرص الجديدة في مجال إنتاج الغاز الطبيعي ولمصادر الأخرى للطاقة المتجددة.
• إيطاليا لاعب رئيس في الاتحاد الأوروبي. أود أن أعرف رأيك بدور إيطاليا في تشكيل السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، خاصة تجاه منطقة الخليج. كيف تلعب إيطاليا هذا الدور؟
-نحن، كما قلت، إحدى القوى الرئيسة. لطالما شكلت الدول الكبرى اللاعبين الرئيسين في أوروبا مثل إيطاليا، ألمانيا، فرنسا، إسبانيا وبولندا.
نعم، إنها أيضاً مسألة توافق. لدينا 27 عضواً مختلفاً، و27 رؤية مختلفة للسياسة الخارجية. لذا، يجب علينا توحيد قوانا وأفكارنا ومحاولة إيجاد أرضية مشتركة. لطالما كانت إيطاليا من بين أقوى الداعمين للرؤى المتوسطية في الاتحاد الأوروبي. نحتاج إلى بناء روابط مع شركائنا في منطقة البحر الأبيض المتوسط، فهي بالنسبة إلينا قضية حيوية، وقد كانت حجر الزاوية في سياستنا الخارجية منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية. نحن نؤمن بأن بناء جسور مع دول البحر الأبيض المتوسط الجنوبية والشرقية الغربية أمر أساسي لأننا جزء من الثقافة ذاتها، ونتقاسم تراثاً ثقافياً مشتركاً والكثير من المصالح المتبادلة خاصة الاستقرار والنمو الاقتصادي ومحاربة الفقر، وهو الهدف الرئيس لجميع دولنا. إيطاليا تدفع بقوة من أجل دور أكبر لمجلس التعاون الخليجي ولجميع دول البحر الأبيض المتوسط في السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي لكن كما ذكرت في البداية، فإن علينا التعامل مع رؤى مختلفة وإيجاد أرضية مشتركة.
• لا أكشف سراً حين أقول إن إيطاليا تخوض في موضوع شائك هو الهجرة. أعلم أنه وضع حساس جداً، لذا، أود أن تطلعني على خطط إيطاليا لتحقيق التوازن بين المسؤوليات الإنسانية وقضايا أمن الحدود. لا شك أن من الصعب القيام بذلك، فكيف تتعامل إيطاليا مع هذه الأزمة؟
-أولاً وقبل كل شيء، فإن ما يحدث هو أزمة إنسانية، وليس أزمة هجرة من وجهة نظري. العديد من المهاجرين الذين يصلون إلى سواحل إيطاليا وأوروبا يعانون بالفعل ضغوطاً كبيرة بسبب الحروب والجوع والتغير المناخي. لذا، فالمشكلة تكمن في تجنيب هؤلاء الناس الحاجة للهروب. إنهم في حالة يأس، وعلينا مساعدتهم في بلدانهم، وهذا هو الهدف الأساسي للاستثمار الإيطالي في ما يسمى "خطة ماتيي"، وهي سلسلة كبيرة من المشروعات التي نطلقها، بحثاً عن دعم الشركاء الدوليين، ومن بينهم الكويت والمؤسسات الدولية. تلقينا للتو معلومات تفيد بأنه سيتم إنشاء صندوق جديد في بنك التنمية الأفريقي تحت مسمى "خطة ماتيي". تهدف "خطة ماتيي" إلى محاولة حشد وتنسيق وتعزيز جهود المجتمع الدولي لمساعدة البلدان الأكثر تأثراً بعدم الاستقرار وأزمة المناخ والجوع والفقر. وعندما نقوم بذلك، يمكننا مكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر بشكل أفضل، وهي أساس الهجرة غير الشرعية. المشكلة لا تكمن فقط في رغبة الناس بالوصول إلى أوروبا بل إنها تكمن في أولئك الذين يستغلون يأسهم لكسب المال من خلالهم.
إنه أمر صعب للغاية لكن علينا التعاون مع السلطات المحلية في مجال مراقبة الحدود. عقدنا مؤخراً اجتماعاً هنا في منتدى مكافحة الإرهاب العالمي في الكويت، ركز على أمن الحدود. المناطق الحدودية هي الأكثر تعرضاً للإرهاب والجريمة الدولية المنظمة.
سعادة السفير، شكراً مرة أخرى لوجودك معنا. لنتحدث عن أمور قد تبدو شخصية. أنت هنا منذ أكثر من عام، ربما 14 شهراً. وهذه أول مهمة دبلوماسية لك كسفير. كيف تجد الحياة كسفير وفي بلد عربي مميز مثل الكويت؟
-حياة السفير حياة حافلة بالأشغال، وقد اكتشفت أنه ليس لدي وقت تقريباً لحياتي الخاصة، وليس لدي وقت للروتين فكل يوم هناك حدث مختلف. أنا ملتزم دائماً بالمشاركة في كل الأمور التي يجب علي القيام بها هنا في الكويت، سواء الأعياد الوطنية والفعاليات التي تنظمها الحكومة الكويتية، وحتى الاحتفالات التي تقيمها السفارات الأخرى، وكذلك الديوانيات التي تشكل جزءاً كبيراً من الحياة هنا.
• هل تزور الديوانيات؟
-أحياناً، عندما يكون لدي وقت. المشكلة هي أنه من شبه المستحيل أن أكون في كل مكان في نفس الوقت. هناك سفير واحد فقط لكل دولة، وهناك رغبة كبيرة دائمة بمشاركتنا في كل مكان. علاوة على ذلك، فالكويت دولة مميزة جداً، كما ذكرت، لأنها ودودة ومنفتحة جداً. لذا، من السهل بالنسبة إلي أن أتلقى دعوات إلى تجمعات وفعاليات بل وحتى تجمعات عائلية من قبل أشخاص كويتيين.
• لكن عدم وجود حياة شخصية هو أمر غريب. كيف توازن بين هذا وذاك؟ هل تمارس الرياضة، على سبيل المثال؟ هل لديك أصدقاء إيطاليون؟
-نعم، لدي أصدقاء. أحاول الحفاظ على تواصلي مع أصدقائي في إيطاليا، ولدي أصدقاء هنا في الكويت لأنني أنشأت صداقات على الفور مع الكويتيين. أنا مندهش جداً لأنني عملت في العديد من الدول، ولم يكن من السهل إقامة صداقات جيدة مع السكان المحليين منذ البداية. أما بالنسبة لممارسة الرياضة، فأنا أحاول ذلك خلال عطلة نهاية الأسبوع لكن عندما لا أكون متعباً جداً.
من الصعب العثور على فسحة من الوقت لنفسك في وقت محدد كل يوم. أحياناً تقول: حسناً، لدي اليوم ساعة واحدة، سأذهب إلى الصالة الرياضية لكن لا يمكنك تحديد الوقت مسبقاً، فالأمر صعب.
سعادة السفير، كان من دواعي سروري التحدث معك. شكراً مرة أخرى على استضافتنا، وشكراً على وقتك.
شكراً لاستضافتي في برنامجك، وأنا سعيد بوجودي هنا في الكويت وبالتحدث إلى الجمهور الكويتي.