أكد سفير الجمهورية اليمنية لدى الكويت الدكتور علي بن سفاع أن العلاقات الكويتية-اليمنية ضاربة في أعماق التاريخ بشكل كبير، مبينا أن الكويت كانت من الدول السباقة في المحيط العربي في الاعتراف بتلك الدولة الفتية، وتقديم المساعدات والإعانات، وتلمس الهموم سواء في شمال اليمن قبل وحدته، أو في جنوبه.
وأضاف السفير علي بن سفاع خلال لقائه في برنامج"السفير" الذي بثته قناة "الصباح" أن الكويت كانت من أوائل الدول التي قدمت مساعدات تنموية لليمن عام 1963 ، وافتتحت مكتباً لها باسم مكتب الجزيرة والخليج في عدن، وله فرع في صنعاء، وبدأت بمشروعاتها التنموية والاقتصادية والصحية والتربوية.
وأشار إلى أن الكويت كذلك بنت المشروعات والمستشفيات والمدارس والجامعات والطرق، ولم تنظر لا من قريب ولا من بعيد إلى طبيعة النظام أو توجهه السياسي. فالكويت بطبيعتها في علاقتها مع الدول، ومنها اليمن، لا تحكمها المصالح الاقتصادية ولا التوجهات السياسية ولا المآرب الآيديولوجية، أي أنها تعمل لصالح الشعب.
وبين سفاع أن الكويتي يحظى بترحيب في أي منطقة من اليمن، والموقف تجاهه إيجابي، فحيثما وليت وجهك في اليمن، وجدت منشأه ومدرسة ومستشفى، وكلها تأتي مقدمة هديةً من شعب الكويت للشعب اليمني.
وقال إن أزمة اليمن مستمرة منذ 10 سنوات خلفت مآسي أنهكت البلد، وأوصلت الناس إلى حافة الفقر، مشيرا إلى أن الاقتصاد الكلي تعرض إلى صدمات أثرت على الاقتصاد الجزئي وعلى مداخيل الناس وتأمين لقمة عيشهم.
وإلى تفاصيل اللقاء
* سعادة سفير الجمهورية اليمنية لدى الكويت الأستاذ الدكتور علي بن سفاع، أهلا بك، وشكراً لك على استضافتنا.
- شكراً لكم وأهلا وسهلاً بكم.
نبدأ بتصوركم للعلاقة الكويتية اليمنية في خضم الظروف التي نحيا فيها. إقليم يغلي وإشكالات كثيرة، وحروب من دولة الاحتلال الصهيوني. كيف ترون مستقبل العلاقة مع الكويت؟
- أنا سعيد بهذه الاستضافة، ويشرفني أن ألتقي بكم في بيت اليمن، في سفارته في دولة الكويت لنتحدث حول المواضيع التي نريد أن نعرضها على المتابع الكويتي والعربي.
العلاقات الكويتية اليمنية ضاربة في أعماق التاريخ بشكل كبير. كانت الكويت من الدول السباقة في المحيط العربي للاعتراف بتلك الدولة الفتية، وتقديم المساعدات والإعانات وتلمس الهموم سواء في شمال اليمن قبل وحدته، أم في جنوبه، وكان اليمن دولتين حتى عام 1990، دولة في الجنوب اسمها جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، ودولة في الشمال اسمها الجمهورية العربية اليمنية. ومع ثورة عام 62، بدأت احتياجات هذه الدولة الفتية، وتلقت مساعدات تنموية، ومن أوائل الدول التي ساهمت بشكل ملموس في عام 1963، كانت الكويت التي افتتحت مكتباً لها باسم مكتب الجزيرة والخليج في عدن، وله فرع في صنعاء، وبدأت بمشروعاتها التنموية والاقتصادية والصحية والتربوية. في جنوب اليمن بعد استقلاله، توجه اليمن الجنوبي إلى الاشتراكية، الأمر الذي خلق توجساً لدى بعض الأنظمة العربية من أن هناك دولة اشتراكية في الجسم الإسلامي، وبالتالي بدأت تتعامل معها بحذر، حتى إن بعض الدول العربية نسقت مع شمال اليمن ضد هذا النظام في جنوب اليمن لكن الكويت لم تفعل ذلك بل بادرت إلى فتح مكتب الجزيرة والخليج في عدن، وبنت المشروعات والمستشفيات والمدارس والجامعات والطرق، ولم تنظر لا من قريب ولا من بعيد إلى طبيعة النظام أو توجهه السياسي، فالكويت بطبيعتها في علاقتها مع الدول -ومنها اليمن- لا تحكمها المصالح الاقتصادية ولا التوجهات السياسية ولا المآرب الآيديولوجية، أي أنها تعمل لصالح الشعب.
هذا الموقف من القيادة السياسية الكويتية كان مهماً لاحتضان هذا النظام والحفاظ عليه بحيث لا يتعمق في تطرفه ويصبح خنجراً في خاصرة الأمة العربية، فبدأت تعمل معه، وقامت جامعة الكويت بتأهيل كثير من الطلاب في مختلف التخصصات، وكانت تصرف أجور المعلمين في اليمن كذلك. بعض المنشآت التعليمية والكليات الجامعية في اليمن تكاد تكون أكبر من نظيراتها في الكويت. هذا البلد سخي بطبيعته ولا تحكمه أي مآرب أو اعتبارات، وحبها في قلب كل يمني.
واليوم اليمن مقسم، فالعاصمة صنعاء وبعض المحافظات الشمالية تحت سيطرة الانقلابيين الحوثيين منذ 2014 بينما الجنوب وبعض المحافظات الشمالية تحت سيطرة الحكومة الشرعية التي تؤيدها الحكومة الكويتية في إطار التحالف العربي. الكويتي يحظى بترحيب في أي منطقة من اليمن، والموقف تجاهه إيجابي، فحيثما وليت وجهك في اليمن، وجدت منشأه ومدرسة ومستشفى، وكلها تأتي مقدمة هديةً من شعب الكويت للشعب اليمني. هذا هو السلوك القويم الذي يأتي دون منة ولا مصالح، فيسكن في كيان كل يمني. علاوة على ذلك، فقد حبى الله الكويت بميزة غير موجودة في كثير من الدول، وهي العمل الخيري والإنساني المتأصل منذ عام 1934 بعيداً عن الاستعراض الإعلامي والمزايدات، فالكويت فقط تعمل لصالح الإنسان اليمني في البنى التحتية والتعليم والصحة، وفي الحرب. والصندوق الكويتي مستمر في دعمنا بالقروض والتسهيلات الائتمانية والمساعدات. الصندوق العربي للتنمية حاضر في كل بقاع اليمن. في نهاية أغسطس، كنا مع جمعية إيلاف التي كانت تجري عمليات إزالة أورام سرطانية لـ50 حالة تحت خط الفقر لكن الجمعية جاءت بأفضل الأخصائيين وأجرت العمليات الجراحية المكلفة مجانا، دون تسويق لهذا الخبر، وهذا لا يفعله إلا شعب طيب لديه رغبة دائمة في تقديم العون والمساعدة لأهله وإخوانه.
أريد أن أعود إلى الأوضاع التي تحدثت عنها في اليمن. بعد سنين طويلة من الصراع والأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، أريد أن تطلعني على أفق الحل السياسي، وإلى أي مدى تعولون على حكمة الكويت كوسيط إقليمي في حل هذه الأزمات؟
- لأزمة مستمرة منذ 10 سنوات. 10 سنوات من الدمار والخراب والفقر والجوع، خلفت مآسي أنهكت البلد، وأوصلت الناس إلى حافة الفقر. تعرض الاقتصاد الكلي إلى صدمات أثرت على الاقتصاد الجزئي وعلى مداخيل الناس وتأمين لقمة عيشهم، وهذا أثر على أسعار الصرف، وقيمة العملة، والقيمة الشرائية لها، وخلفت تضخماً مخيفاً، فالدمار الذي تعرضت له البنى التحتية في المنشآت والطرقات هائل جداً، فآثار الحرب لا ترحم، وما يبنى في عشرات السنين يمكن أن يهدم في أيام لكن علاقاتنا مميزة مع كل دول العالم التي نعول عليها في جهود إعادة الإعمار، ومنها المملكة العربية السعودية، لكن المشكلة هي أن اليمن لديه عادات وتقاليد وثقافة وموروث شعبي، فهو دولة عريقة وحضارة تاريخية. لدينا شباب عاصر الحرب المستمرة منذ 10 سنوات، فعاش وترعرع في بيئة يسودها الدمار والخراب، وأسند الأمر فيها إلى غير أهله، فكيف ستتكون شخصيته وثقافته؟ هذا ما نخشى منه لكن -بإذن الله-، وبفضل الجهود والتنسيق بين الحكومة الشرعية ودول التحالف العربي، والكويت بالتحديد، فسنقوم بردم الفجوة وإصلاح ما تم تخريبه، فقد شهدنا بعض الظواهر السلبية نتيجة للحرب لكننا سنتمكن من إصلاحها -بإذن الله- والخسائر الاقتصادية تجاوزت 129 مليار دولار، وهناك أكثر من 5 ملايين طفل سيحرمون من التلعيم في مناطق الحرب، وأكثر من 18 مليون يمني يعانون سوء التغذية منهم أكثر من 5 ملايين طفل، أما النازحون، فحدث ولا حرج، فهم في كل بقاع الأرض. حين يطول أمد الحرب والنزوح، فلا بد أن يصل كل شيء حد الانهيار، حتى أصحاب رؤوس الأموال، والتجار. هذه مصيبة، وهناك مسؤولية على دول الإقليم والعالم، فالعامل الخارجي مؤثر. نحن بحاجة إلى مجهود وتنسيق كبير ودعم في مواجهة هذه المأساة الكبيرة التي نعيشها. أنا أكلمك بصراحة وبعيداً عن أي دبلوماسية، الفاعلون الحقيقيون والإقليميون غير متفقين فيما يتعلق باليمن، وهذا أطال أجل الحرب وجعل الأمر أكثر صعوبة. الحل الأمثل للوصول إلى مستقبل أفضل هو أن يعتمد اليمنيون على أنفسهم، ويحيدوا العالم الخارجي قدر المستطاع، ويجلسوا على طاولة واحدة. هناك جهود رائعة وجبارة تبذلها المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان لردم الفجوة وتقريب وجهات النظر، بإشراف بالأمم المتحدة والمبعوث الأممي في اليمن، وقد وضعت خارطة طريق لخروج اليمن من هذه المأساة لكننا بحاجة إلى أن يكون لدى الأطراف المتنازع إرادة بحل سياسي وسلمي لكن المشكلة الأساسية هي أن أحد الأطراف لا يملك ناصية الحل، وأحد الأطراف الأساسية والفاعلة في التناقضات الموجودة في اليمن لا ينطلق من الواقع اليمني. مهما تصارعنا أنا وأنت في مؤسسة ما، وكان كل منا محسوباً على حزب، ومهما بلغ بنا الاختلاف، فإن بمقدورنا أن نلتقي ونصرف أنظارنا عن توجهاتنا السياسية والإيديولوجية ونعود إلى الواقع لكن عندما نريد أن نبحث عن حلول، فينبغي أن نتجنب التدخل الخارجي قدر المستطاع.
القوى الخارجية التي تعتقدون أنها تحرك أطراف الصراع في اليمن، ما السبيل إلى وضع حد لها؟ هل هي قرارات الأمم المتحدة أم أنكم تعولون على أدوار الوساطة العربية والإقليمية؟
-عندما يملك الطرفان المتصارعان المصداقية والجدية في البحث عن حلول سلمية، فحتما سنصل إلى حلول، فالأمم المتحدة أصدرت جملة قرارات، أبرزها القرار 2216 الذي لم يتم تنفيذه. نحن نعول على الإقليم وعلى محيطنا العربي، لأنهم أكثر من يحس بمعاناتنا لكن عندما يأتي مؤثر خارجي لا تهمه إلا مصلحته وسياساته وبرامجه، فإنه لن يحس بمعاناة هذا الشعب وهذا البلد، وبالتالي لن يستطيع تقديم أي حلول، وهنا تكمن المشكلة الأساسية.
الحديث عن الإرهاب مطروح في معظم الأقطار العربية حول مكافحته وتجفيف منابعه، واليمن من أكثر الدول التي عانت ويلات الإرهاب. هل لدى الحكومة اليمنية خارطة طريق في مجال محاربة الإرهاب؟
- الإرهاب هو صنيعة معروف صاحبها والمستفيد منها، كما صنعوا الربيع "العبري" واستفادت منه دول محددة، ودمّر الدول العربية التي مر فيها، وكلها أصبحت في أوضاع أسوأ، وهم يبكون على أيامهم الخوالي، وهذه نفس القصة. ماذا كان شعارهم؟ كان شعارهم الشعب يريد إسقاط النظام. ما هو عكس إسقاط النظام؟ إنه الفوضى والخراب والدمار. تنظيم القاعدة مشابه لذلك. هل رأينا تنظيم القاعدة يعمل في تل أبيب. إنها أدوات يستخدموها ويُستفاد منها في الخارج. تنظيم داعش تبخر في غضون سنتين رغم قوته الهائلة. وهذا يعني أنه صنيعة. لقد وصلوا إلى كل بيت عربي، ثم يأتي من صنعوا الإرهاب ليتدخلوا في الأنظمة العربية والإسلامية لمكافحة الإرهاب ويملون علينا كيف نتصرف، وعلينا أن نخضع لتوجهاتهم ليصلوا إلى أماكن لم يحلموا بالوصول إليها. عندما بدأت تتكشف الأوراق وتظهر حقيقتهم، بدأت تصفيتهم، بن لادن والظواهري وغيرهم ممن تورطوا في هذا الإرهاب، وحققو مآرب كانوا يطمحون إليها منذ سنين، وعندما تكشفت حقيقتهم، مسحوهم من المشهد. نحن المسلمين ليست لدينا تناقضات كبيرة بين المذاهب لكنهم يعملون على تأجيج الفتنة لإشعال النزاعات ليكملوا مهمتهم.
وهل الشعوب العربية بهذا القدر من السذاجة بحيث تتحكم فيها قوى خارجية، وتحركها لتقوم بثورات ربيع عربي؟
-ينبغي أن تكون هناك دروس الماضي، فالتاريخ يعيد نفسه. انظر كيف تحالفت الدويلات العربية تاريخياً مع الفرس والروم قبل أن تسقط، واليوم التاريخ يعيد نفسه، والفاعل الأساسي في كل هذه المتغيرات الدولية لديه دراساته الاستراتيجية وتوجهاته التي تعمل لصالح العدو الصهيوني. اليوم هناك توجهات وإجماع ضد هذه الأمة العربية والإسلامية، وإذا لم تنتبه لذلك، فاقرأ علينا السلام.
الحرب الصهيونية طالت نيرانها اليمن في كثير من الأحيان. كيف يمكن للحكومة اليمنية أن يكون لها دور في هذا الصراع؟
- القضية الفلسطينية هي قضية الأمة العربية والإسلامية، ونحن في اليمن، ولا فخر، كنا من الدول التي تبنتها، واعتبرتها قضيتها المركزية. في الثمانينات وخلال الحرب في لبنان، تم استقبال الفلسطينيين في جنوب اليمن رغم ظروفه التعيسة، وقدمنا لهم كل التسهيلات. وكان ياسر عرفات يقول إن اليمن شطرين، وفلسطين هي الشطر الثالث. ارتباطنا بالقضية الفلسطينية هو موضوعنا الأساسي، وهي قضية قضية الأمة، والأمر مرتبط بالحكومة الشرعية وتوجهاتها، ولا بد من التنسيق مع كل الأنظمة العربية والإسلامية والبحث عنمّا من شأنه دعم القضية الفلسطينية وحلها.
ما المطلوب من الدول العربية من جهة التنسيق والعمل الجماعي؟ ألا يمكن القيام بشيء عسكرياً؟ هناك تجارب سابقة.
-هناك تجارب سابقة وهذا يعتمد على طبيعة الانظمة، وأنا لا أستطيع أن أتحدث عن الأنظمة العربية لكن هذا هو مربط الفرس في العملية نفسها. لقد تحاورنا وقدمنا جملة من التسهيلات، وهناك قرارات دولية ذات صلة بهذه القضية لكنها لم تفلح. لدينا بدائل متعددة، فينبغي على الأمة العربية أن تتماسك وتتحد في مواجهة هذه المأساة، فالأطماع في توسع مستمر، والتشرذم العربي والهرولة تجاه التطبيع عمقت الهوة، وأعطت أطماع الصهاينة بعداً أكبر بضرب الأمة العربية بعضها ببعض.
هل يتسع الشق العربي برأيكم؟
بلا شك.
نشاهد صفقات تسلح في المنطقة لكن ضد من؟
- كل واحد لديه برنامجه، وللأسف لا توجد ثقة مطلقة بين الأطراف المعنية، وهذه هي المشكلة الأساسية.
نريد أن نقرب صورة الأستاذ الدكتور علي بن سفاع السفير اليمني في الكويت، لأبناء الجالية اليمنية. كيف يمر اليوم على دبلوماسي في الكويت؟ كيف يبدأ يومك من الصباح وحتى المساء؟
- نحن في دولة تتميز بالأمان والاستقرار، والنشاط الروتيني للسفير يختلف، فهو ليس مرتبطاً بدوام محدد بل لدينا فعاليات وزيارات ومجاملات، ولدينا اجتماعات خارج السفارة. نتابع المراجعين اليمنيين لحل مشكلاتهم وقضاياهم التعليمية والصحية. إنه عمل لا تستطيع توقع اليوم التالي فيه بل إنك تعيش اللحظة. مكاتبنا مفتوحة وبيوتنا مفتوحة لإخواننا اليمنيين، ونتعامل ببساطة في كثير من الأمور. أنا محظوظ بعملي في هذا البلد، فهو بلد طيب، ويتجاوب مع كثير من الأمور الذي نطرحها.
عملت سفيراً لدى مملكة البحرين، وأعرف أنك مختص في الإدارة.
أنا بروفيسور في إدارة الأعمال في جامعة عدن، وعملت بعد نيلي شهادة الدكتوراه عام 1994 في جامعة عدن حتى 2002 وعينت وزيراً للتعليم لخمس سنوات، وبعدها تغيرت الحكومة برمتها وتم تعيين حكومة جديدة، واختاروا خمسة أو ستة وزراء ليكونوا سفراء. في كثير من الدول العربية، عندما يترك الوزير مهمته، فإنه ينضم إلى المجلس الاستشاري أو السلك الدبلوماسي، ولحسن حظي أصبحت سفيراً لدى البحرين. إنها بلد جميل وبسيط وشعبه رائع ومثقف وهادئ. هناك قواسم مشتركة بين الشعبين البحريني واليمني من حيث العادات والتقاليد. وكنت فيه وكأنني في بلدي، فلم أشعر بأي فوارق كما يحصل في أوروبا. هناك ممارسات يومية حيث تخرج بسيارتك بمفردك، وتذهب إلى الديوانيات، وتزور زملاءك.
الكويت تتميز عن سواها بالديوانيات التي توصف بأنها برلمانات مصغرة، هل تتردد عليها؟
-إنها متنفس، وحلقات نقاش، والشيء الجميل في هذا البلد أنه ليست فيه قيود، فالصغير والكبير يتحدثون في المسائل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والحوارات مفتوحة وودية وعلى مستوى عال من الثقافة. أزور الديوانيات طوال الأسبوع، بعضها في الفترة الصباحية، وبعضها في الفترة المسائية. الألفة كبيرة لدى هذا الشعب، وعندما تغيب عنه، فإنه يسأل ويطمئن عنك. إنه بلد لا تشعر فيه بملل ولا كآبة.
أتيت على ذكر تعليمك الأكاديمي، وأريد أن أضيف معلومة أخرى لمن قد لا يعرف الكثير عنك، وهي أنك مثل والدك رحمه الله تقرض الشعر. ما الذي يلهم الأستاذ الدكتور علي بن سفاع؟
-إنه الواقع والوعي، فهو انعكاس للواقع المادي. أحيانا تكون في بيئة معينة تستطيع معها أن تقول الشعر أو النثر. لا أقول إنني شاعر لكنني أحب الشعر وأحفظ لكثير من الشعراء، وأتلمس الشعر وأتذوقه. البيئة التي تكون فيها تعطيك إحساساً بالمعاناة التي نقاسيها في اليمن، وهذه الظروف تلهمك إلى قول الشعر.
ما اللحظة التي أثرت أكثر من سواها في حياة السفير والدبلوماسي علي بن سفاع؟ ما الذي يمكن أن يكون قد شكل جزءاً كبيراً من مسيرتك؟
- لقد مررت بمراحل متعددة، من أستاذ جامعي إلى وزير ثم دبلوماسي، كما عملت أميناً عاماً لرئاسة الجمهورية، أي أن مسيرتي لم تكن على وتيرة واحدة. تدرجت في وزارة الخارجية إلى أن وصلت إلى درجة سفير. قد أقول لك إن ثمة محطات في حياتي لكن لا تحضرني الذاكرة بشكل محدد، لكني شهدت الكثير من المحن والصعوبات التي لا حصر لها.
ماذا عن الشخصية التي أثرت في مسيرتك دبلوماسياً؟ هل ثمة شخصية استشعرت أنك تتخذها قدوة لك؟
-هناك شخصيات دبلوماسية بالتأكيد لكني سأختار والدي رحمه الله، فقد كان رجلاً عصامياً. لقد ربانا على مبادئ وقيم الصدق والأمانة والإخلاص والوفاء، وهذه القيم أثرت في سلوكياتنا أنا وإخواني، وأنا أعتبره مثلي الأعلى.
شكراً جزيلاً لك على وقتك سعادة السفير.
-شكراً لكم، وأرجو لقناة الصباح المزيد من التقدم والازدهار.