«كونا»: انطلاقا من شعار «المستقبل خليجي» الذي سيكون الكلمة الفصل في القمة الخليجية الـ45 المقرر عقدها في الكويت بعد غد الأحد، اجتمع أمس وزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية برئاسة وزير الخارجية عبدالله اليحيا، إذ ناقشوا جدول الأعمال والقضايا المعنية بدعم وتعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك في مختلف المجالات والبناء على الجهود التي بذلت خلال الدورة الماضية وتحقيق الرؤى الطموحة المدفوعة بالإرادة الصادقة لمواصلة مسيرة الإنجازات التي تحققت في مختلف المجالات.
وبحث المجتمعون التطورات الإقليمية والدولية وموقف دول مجلس التعاون منها تمهيدا لرفعها إلى القادة في قمتهم المرتقبة وفي مقدمتها آخر تطورات القضية الفلسطينية والانتهاكات المستمرة على الأراضي الفلسطينية ومقدساتها والتطورات الأمنية في لبنان والأوضاع في المنطقة.
بدوره أكد وزير الخارجية عبدالله اليحيا أن انعقاد القمة الخليجية يجسد عمق الروابط الأخوية التي تجمع دول مجلس التعاون ويعكس الحرص المشترك على تعزيز وحدة الصف الخليجي ودفع مسيرة التعاون بما يخدم مصالح شعوبنا ويواكب تطلعاتها.
وقال اليحيا رئيس الدورة الحالية في كلمته الافتتاحية للاجتماع أن انعقاد هذا الاجتماع في الكويت يمثل محطة مهمة لمواصلة تعزيز أطر التكامل بين دول المجلس والعمل على مواكبة المستجدات الإقليمية والدولية التي تتطلب منا تنسيقا أعمق ومواقف أكثر وحدة.
وأضاف «أننا اليوم أمام فرصة متجددة لمواصلة البناء على ما تحقق من إنجازات ورسم ملامح مستقبل أكثر استقرارا وازدهارا لمنطقتنا مستندين إلى إرث مشترك ورؤية طموحة تعكس تطلعات شعوبنا نحو الوحدة والتنمية الشاملة».
وذكر أن اجتماع اليوم يأتي في مرحلة دقيقة تمر بها المنطقة والعالم بأسره حيث تتزايد التحديات وتتفاقم الأزمات التي تستدعي منا الوقوف صفا واحدا والعمل بروح المسؤولية المشتركة لمواجهتها كما أن الأخطار المحدقة بالأمن والاستقرار الإقليمي تتطلب منا تنسيقا مكثفا ومواقف موحدة لمواجهة التهديدات المتصاعدة وفي مقدمتها الأحداث المأساوية التي ما يزال أشقاؤنا في دولة فلسطين يعانون ويلاتها وخاصة في قطاع غزة.
وقال «نؤكد مجددا موقفنا المبدئي والثابت تجاه دعم القضية الفلسطينية العادلة وضمان حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق غير القابلة للتصرف وفي مقدمتها حقه في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية».
ودعا المجتمع الدولي إلى القيام بمسؤولياته الإنسانية والقانونية تجاه الشعب الفلسطيني الأعزل ووقف الاعتداءات الوحشية التي ترتكب بحقه مشددا على أهمية الإسراع في ضمان إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة دون قيود مع توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني.
وجدد الوزير اليحيا الدعم للجهود المباركة التي تقودها المملكة العربية السعودية في قيادة التحالف الدولي لدعم الاعتراف بدولة فلسطين.
وفي هذا السياق أعرب عن ترحيب دولة الكويت بإعلان اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان وتقديرها للجهود الدولية المبذولة للتوصل لهذا الاتفاق آملين أن يقود ذلك إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 .
وشدد على ضرورة احترام سيادة لبنان واستقراره ورفض أي محاولات للتعدي على أرضه وأمنه مجددا الدعم لوحدة واستقرار سوريا وضرورة إنهاء التدخلات الخارجية التي تؤجج الأوضاع في المنطقة.
وتابع قائلا إن «دولة الكويت تؤكد ضرورة تكثيف الجهود للتوصل إلى حل سياسي – وبملكية سورية خالصة – بما يتوافق مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة لا سيما القرار 2254 تحقيقا لتطلعات شعبها الشقيق الى الأمن والاستقرار وكذلك الحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها».
وحول التطورات المتصلة بالأوضاع في اليمن أكد مجددا الدعم لتحقيق الأمن والاستقرار في اليمن للتوصل إلى حل سياسي شامل وفقا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرار مجلس الأمن 2216 .
ورحب الوزير اليحيا بالجهود التي يقوم بها الأشقاء في المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان مع كل الأطراف اليمنية لإحياء العملية السياسية.
وقال «إننا اليوم أمام مسؤولية مشتركة تتطلب منا العمل بروح التعاون لمعالجة عدد من القضايا العالقة مع العراق بما يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي وترسيخ مبادئ حسن الجوار وبناء علاقات قائمة على الاحترام المتبادل والالتزام بالقانون الدولي».
وأضاف انه «لتحقيق هذا الهدف نؤكد ضرورة التزام العراق الكامل بسيادة دولة الكويت ووحدة أراضيها واحترام كل الاتفاقيات الدولية والثنائية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وبالأخص قرار مجلس الأمن رقم 833 لعام 1993 بشأن ترسيم الحدود الكويتية - العراقية حتى العلامة 162.
وأعرب عن التقدير للجهود التي تبذلها دول مجلس التعاون وخاصة السعودية لحث حكومة العراق على الدخول في حوار جاد وبناء لاستكمال ترسيم الحدود البحرية لما بعد العلامة 162 بما يعزز علاقات حسن الجوار ويرسخ الاستقرار الإقليمي.
وأكد أهمية استئناف اجتماعات الفرق الفنية القانونية الكويتية - العراقية المشتركة المعنية باستكمال ترسيم الحدود ودعوة العراق إلى الالتزام باتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله التي تم توقيعها بين حكومة دولة الكويت وحكومة جمهورية العراق بتاريخ 29 أبريل 2012 مجددا الدعوة بالاستجابة إلى طلب دولة الكويت باستئناف اجتماعات اللجنة المشتركة لتنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله.
وفي الجانب الإنساني أكد ايضا الدور المركزي للأمم المتحدة في متابعة ملف الأسرى والمفقودين الكويتيين ورعايا الدول الثالثة بالإضافة إلى ملف الممتلكات الكويتية بما في ذلك الأرشيف الوطني مطالبا باستمرار متابعة مجلس الأمن لهذه الملفات مع تأكيد أهمية العودة إلى آلية تعيين منسق رفيع المستوى على غرار ما كان معمولا به قبل صدور قرار مجلس الأمن رقم 2107 «2013» كخيار أنسب لضمان متابعة فعالة ومستدامة لهذه القضايا خاصة في ضوء قرب انتهاء مهام بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق «يونامي».
من جهته أعرب وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري سلطان المريخي عن ثقته التامة بأن مسيرة مجلس التعاون الخليجي ستواصل تحقيق المزيد من الإنجازات المنشودة لاسيما خلال رئاسة الكويت الدورة الـ 45 للمجلس الأعلى.
وقال الوزير المريخي إن «رئاسة دولة قطر للدورة الـ 44 لمجلس التعاون لدول الخليج العربية كانت فرصة سانحة لتعزيز العمل الخليجي المشترك وتقوية أواصر الأخوة بين شعوب دول المجلس استنادا إلى مبادئنا المشتركة ورؤيتنا الواحدة نحو مستقبل مشرق لدولنا وشعوبنا».
وثمن الوزير المريخي جهود المجلس الوزاري في تحقيق المصالح المشتركة من خلال عقد العديد من الاجتماعات الوزارية وكذلك اجتماعات مشتركة مع عدة أطراف عدة بالإضافة إلى عقد المنتدى رفيع المستوى حول الأمن والتعاون الإقليمي بين دول مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي والإعلان عن ورقة رؤية مجلس التعاون لدول الخليج العربية حيال الأمن الإقليمي.
من جهته أعرب الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم البديوي عن التفاؤل والثقة الكبيرة في أن تكون القمة الخليجية التي ستستضيفها الكويت يوم بعد غد الأحد محطة بارزة في مسيرة العمل الخليجي المشترك.
وتقدم البديوي بأصدق مشاعر التهاني والتبريكات إلى مقام سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد لترؤسه الدورة الحالية للمجلس الأعلى.
وأشار إلى الثقة بحكمة سموه ورؤيته الثاقبة ونواياه الصادقة في تحقيق الأهداف السامية التي يسعى إليها قادة دول مجلس التعاون من خلال تعزيز أواصر التعاون والتكامل تحقيقا لتطلعات شعوب دول المجلس نحو مستقبل مشرق يزخر بالتنمية والازدهار.
كما هنأ البديوي وزير الخارجية عبدالله اليحيا بمناسبة رئاسته المجلس الوزاري متمنيا له التوفيق والنجاح في رئاسته للدورة الحالية وأن تكون فترة رئاسته مليئة بالإنجازات التي تعزز وحدة مجلس التعاون وتحقق تطلعات الشعوب الخليجية.
وأكد أن الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية ستكون لوزير الخارجية الكويتي خلال فترة رئاسته يد العون والتعاون.
كما توجه البديوي بالشكر والتقدير لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني على قيادته الحكيمة لرئاسة الدورة السابقة للمجلس الوزاري وما تميزت به من إنجازات ملموسة في دعم مسيرة العمل الخليجي المشترك وتعزيز أواصر التعاون بين دول المجلس.
وأكد أن «الفترة السابقة كانت فترة مليئة بالجهود المخلصة والإنجازات المثمرة التي أسهمت في تحقيق أهدافنا المشتركة» مثمنا الجهود المقدرة التي بذلها ويبذلها وزير الدولة للشؤون الخارجية بدولة قطر سلطان المريخي ودوره في تعزيز التعاون والتفاهم المشترك بين دول المجلس وجهوده الدؤوبة والمقدرة التي انعكست في تعزيز مكانة مجلس التعاون على المستويين الإقليمي والدولي.
وقال البديوي إن انعقاد الدورة يأتي تأكيدا على الحرص والاهتمام بتنفيذ توجيهات قادة دول مجلس التعاون لدعم مسيرة العمل الخليجي المشترك ومواصلة الجهود لتعزيز التنسيق والتكامل والترابط وليظل مجلس التعاون كيانا متماسكا ومتضامنا يعبر عن عمق العلاقات الأخوية والروابط المتينة والمصالح المشتركة وحصنا منيعا لحفظ الأمن والاستقرار وواحة للنماء والازدهار في هذه المنطقة الحيوية للعالم أجمع.
ولفت الى أن ذلك يبرز كذلك أهمية الحفاظ على هذه المنظومة الراسخة والحرص على تعزيز شراكاتها الاستراتيجية مع الدول الشقيقة والصديقة لمواجهة التحديات الحالية والمستقبلية مؤكدا أهمية هذه القمة ودورها في المضي قدما نحو مستقبل مشرق وواعد يجسد شعار قمة الكويت ورئاستها المقبلة التي نقف على أعتابها وهو «المستقبل خليجي».
وأعرب البديوي عن شكره لوزير الخارجية الكويتي وكل منتسبي الوزارة على ما بذلوه من جهود كبيرة للاعداد والتحضير لهذا الاجتماع وعلى ما قدموه من تسهيلات ومساعدة ودعم لإنجاح هذا الاجتماع والخروج به الى اعلى درجات النجاح.
وكان وزراء خارجية دول مجلس التعاون قد عقدوا أمس الاجتماع التشاوري للدورة الـ 162 للمجلس الوزاري التحضيرية للدورة الـ 45 للمجلس الأعلى لأصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وترأس الاجتماع التشاوري وزير الخارجية الكويتي عبدالله اليحيا بحضور رؤساء وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية المشاركة في الاجتماع والأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم البديوي.