تحت رعاية وحضور سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد أقيم صباح أمس حفل افتتاح مؤتمر الكويت الدولي لمكافحة الفساد “النزاهة من أجل التنمية” وذلك على مسرح قصر بيان.
هذا وقد وصل سموه إلى مكان الحفل حيث استقبل بكل حفاوة وترحيب من قبل وزير العدل ووزير الدولة لشؤون مجلس الأمة المستشار الدكتور فهد محمد العفاسي ورئيس الهيئة العامة لمكافحة الفساد المستشار عبدالرحمن النمش.
وشهد الحفل سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد ورئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم وسمو الشيخ جابر المبارك رئيس مجلس الوزراء ورئيس المجلس الأعلى للقضاء ورئيس محكمة التمييز ورئيس المحكمة الدستورية المستشار يوسف المطاوعة والأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبداللطيف الزياني وكبار المسؤولين بالدولة.
وبدأ الحفل بالنشيد الوطني ثم تلاوة آيات من الذكر الحكيم ثم ألقى وزير العدل ووزير الدولة لشؤون مجلس الأمة كلمة قال فيها”إنه لمن دواعي السرور وعظيم الشرف أن اتقدم بعبارات الشكر وعاطر الثناء بالأصالة عن نفسي ونيابة عن كافة أعضاء مجلس الأمناء الكرام والعاملين بالهيئة على تفضلكم بالحضور والرعاية السامية لمؤتمر الكويت الدولي “النزاهة من أجل التنمية” والذي يأتي حرصا من سموكم على العناية والاهتمام بمنظومة إرساء مبدأ الشفافية والنزاهة والعمل على مكافحة الفساد ودرء مخاطره وآثاره..وأتوجه بالشكر المفعم بالاعتزاز إلى الإخوة الاشقاء وإلى الضيوف والأصدقاء الذين تكبدوا عناء السفر من بلدانهم ليكرمونا بحضورهم.
وأضاف “ حضرة صاحب السمو .. إن الكويت منذ إنشاء “نزاهة” برغبة صادقة من سموكم وهي تسير بخطى تنموية ثابتة تشهد مرحلة نوعية بعزم راسخ وارادة حازمة لاجتثاث الفساد وترسيخ قيم الشفافية والنزاهة بدءا من التعريف بالهيئة ودورها واختصاصاتها والتحفيز على التعاون معها من خلال المبادرة إلى تقديم إقرارات الذمة المالية وتقديم البلاغات والشكاوى عن وقائع الفساد التي تتصل بعملهم سعيا نحو إدراك الهدف المنشود والمتمثل في تحقيق التنمية المستدامة من خلال خلق بيئة اقتصادية واجتماعية خالية من مظاهر الفساد كافة وقادرة على محاربة أسبابه والحيلولة دون انتشاره.
وتابع إن المستقر في عقيدة العالم هو ان الفساد يعد المقوض للدول والمؤسسات والمبدد للثروات والإمكانات والمستنزف الأول للموارد والطاقات غير أن الأخطر من كل هذا هو أن يكون الفساد معوقا لكل محاولات التقدم والرقي ومقوضا لكل دعائم التنمية ومضعفا لكل خطط النهوض الطويلة والقصيرة ولاشك ان هذه المظاهر الخطيرة ستؤدي حتما إلى مفاسد وعقبات تعاني منها الدولة و المجتمع كهروب الاستثمارات واضعاف الايرادات وتدني الكفاءات وسوء الخدمات وفوق ذلك كله ان الفساد يهدم منظومة القيم الاخلاقية ويقضي على المبادىء البناءة التي تقوم عليها اية خطط تنموية كالعدالة والامانة وتكافؤ الفرص ويؤدي إلى انتشار السلبية والنوايا السيئة والإحساس بالظلم مما يؤدي ذلك إلى حالات من الاحتقان واليأس من الإصلاح.
وأضاف صاحب السمو..إن وضوح إرادة سموكم وجديتها في مواجهة الفساد والحد من اثاره دفعنا في وزارة العدل من خلال هيئة مكافحة الفساد إلى صياغة رؤية حضارية وخطة استراتيجية تتناسب وتطلعات سموكم في التعامل مع ملف الفساد تحقيقا لعوامل النهوض وتعزيزا للخطة التنموية للدولة في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتي أصبحت من خلالها معلما مميزا محليا واقليميا وعالميا.
لذلك رأت الهيئة أن يكون موضوع المؤتمر الدولي “النزاهة من أجل التنمية” لنعرف بجهود دولة الكويت في ظل توجيهاتكم ورعايتكم في مجال النزاهة ومكافحة الفساد والاستفادة من التجارب المقارنة والشبيهة بغية تدعيم تلك الجهود وتوفير منصة عالمية لتعزيز الحوار الدولي بشأن مخاطر الفساد وسبل التصدي لها بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة للعام 2035.
وخلص إلى القول اسمحوا لي بأن اختم كلمتي بما بدأت به مكررا وافر شكري وامتناني وعظيم اعتزازي بأن اتحتم لنا فرصة تشريفكم ورعايتكم هذا المؤتمر كما أؤكد الشكر والتقدير لأصحاب السمو والمعالي ضيوفنا الكرام.
وألقى رئيس المركز الإقليمي للدول العربية التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي خالد عبدالشافي كلمة قال فيها: يشرفني أن أشارك في افتتاح مؤتمر الكويت الدولي الذي ينعقد تحت عنوان “النزاهة من أجل التنمية” وأن أهنئ دولة الكويت على مبادرتها في عقد هذا الملتقى الهام وذلك في وقت أضحى فيه التصدي للفساد أولوية على المستوى العالمي ليس فقط بالنسبة للدول الفقيرة أو النامية بل للدول كافة حتى الغنية والمتقدمة منها.. ذلك لأن الفساد بتكلفته العالية بات يصنف كأحد أهم معوقات التنمية المستدامة بمختلف أبعادها إذ تصل كلفته وفق تقديرات المنتدى الاقتصادي العالمي الى ما يزيد عن 6.2 تريليون دولار أميركي سنويا أي حوالي 5 في المئة من مجموع الدخل الوطني الإجمالي لدول العالم وتصل كلفته في المنطقة العربية الى 90 مليار دولار أميركي سنويا وفق تقديرات المنتدى العربي للبيئة والتنمية.
وقال إن كلفة الفساد أيها الحضور الكريم لا تقتصر على الخسائر المالية وحسب تشمل أيضا خسائر اجتماعية تتمثل في إنحدار مستوى الخدمات العامة الأساسية الصحة والتعليم وتدهور البنية التحتية واهتزاز ثقة المواطنين بدولهم مما يؤثر سلبا في الاستقرار والأمن وقد يتحول الى أزمات وصراعات خطيرة.
وأضاف إن الالتزام بتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد سيبقى قاصرا وغير كاف ما لم يترجم برفع مستوى الاستثمار المالي والبشري في استراتيجيات وطنية هادفة وتضمينها ما يجب من آليات لإعطاء نتائج ملموسة يشعر بها المواطنون والمستثمرون على ارض الواقع وتحقق مردودا اقتصاديا واجتماعيا واضحا على الدولة والمجتمع.
وتابع ينعكس التزامنا هذا أيضا في الخطة العالمية للتنمية المستدامة للعام 2030 بأهدافها السبعة عشر وتحديدا الهدف 16 الذي يدعو الى الحد من الفساد والرشوة وإرساء الحق في الوصول الى المعلومات واسترداد الاموال المتحصلة عن الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة في المؤسسات على كافة المستويات.
واردف في هذين الإطارين “اهداف التنمية المستدامة واتفاقية مكافحة الفساد” تكرس منظمة الأمم المتحدة خدمات وكالاتها لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد وعلى رأس هذه الوكالات مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة الذي يعمل بشراكة متميزة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي منذ سنوات عديدة من أجل دعم الدول في وضع وتنفيذ استراتيجيات وطنية منسقة وفعالة وتشاركية بهذا المجال بما في ذلك في المنطقة العربية من خلال مشروعنا الإقليمي في البرنامج الإنمائي وكذلك تعاوننا مع الشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد.
وختم حديثه ختاما أن أغتنم هذه الفرصة لتهنئة دولة الكويت على وضع اول استراتيجية وطنية لها في هذا الشأن وذلك في إطار شراكة مميزة جمعت الهيئة العامة لمكافحة الفساد “نزاهة” والأمانة العامة للمجلس الاعلى للتخطيط والتنمية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة.
ثم ألقى رئيس الهيئة العامة لمكافحة الفساد كلمة قال فيها:”اسمحوا لي في البداية بالإصالة عن نفسي ونيابة عن اخواني أعضاء مجلس امناء الهيئة العامة لمكافحة الفساد وكافة منتسبيها أن أتقدم لسموكم حفظكم الله ورعاكم بخالص الشكر والامتنان على تفضلكم وتكرمكم برعاية وحضور هذا المؤتمر الدولي واستضافة جلسته الافتتاحية بقصر بيان العامر بوجودكم دوما أطال الله عمركم ومتعكم بموفور الصحة والعافية.
وقال إن حرص سموكم على تشريف هذا المؤتمر الدولي الأول بالرعاية السامية والحضور المبارك يؤكد على أنكم الداعم الأول لكافة الجهود الدولية والوطنية التي تهدف إلى مكافحة الفساد وترسيخ قيم النزاهة والشفافية.
وتابع كما يشرفني أن أرحب بالأخوة والأخوات الضيوف الكرام ضيوفا اعزاء في بلدهم الثاني الكويت متمنيا لهم طيب الإقامة وتحقيق الاستفادة المتبادلة من خلال الحضور والمشاركة في جلسات هذا المؤتمر.
وأضاف منذ عقود طويلة والبشرية تعاني من غصات وهموم كدرت صفو معيشتها وزادت من أوجاعها فبين ويلات الحروب والفقر والأزمات الاقتصادية والسياسية تئن الأمم ألما..وما يزيد من أوجاع الأمم ويضاعف همومها آفه مقيته لا تقل في تأثيرها عما سبق وإن لم تتعداهم في سوء الأثر وخطورته.
وأردف إننا في “نزاهة” وضعنا نصب أعيننا ترجمة تطلعاتكم ورؤاكم السامية التي لطالما اكدتم عليها في كل محفل ومناسبة ودعوتكم لنا جميعا للمحافظة على المال العام والعمل على مكافحة الفساد والوقاية منه والتعاون من أجل تحقيق كل ذلك كما كان رائدنا ونحن نسعى إلى تحقيق توجيهاتكم السامية هو التحقق والتثبت قبل توجيه الاتهام منطلقين في ذلك من حرص سموكم على كرامة المواطنين وعدم التشهيرِ بهم.
واستدرك وإن ما نحققه من نجاح في التصدي للفاسدين يأتي بتوجيهات مباشرة من سموِ رئيس مجلس الوزراء حفظه الله وتأكيده المستمر على ان الحكومة لن تسمح بأن يكون هناك فساد في أروقتها وان المسؤولين والقياديين في الجهات الحكومية سيتحملون المسؤولية كاملة في حال وجود فساد وهذه الخطوة الإيجابية في الإدارة الحكومية دفعتنا إلى العمل بثقة عالية وخطوات ثابتة من أجل صيانة المال العام وكشف الفساد وملاحقة الفاسدين.
واتبع ها نحن بفضل من الله وتوفيقه ثم بفضل توجيهاتكم السامية نضع قدما ثابتة واثقة في سفينة الإصلاح والتنمية التي رباها سموكم وشراعها النزاهة من خلال مباركتكم الكريمة لاطلاق الاستراتيجية الوطنية للنزاهة ومكافحة الفساد لنبحر تحت رايتكم نحو آفاق أرحب من التنمية والاستقرار والتقدم في ظل حكمكم الرشيد.
بعدها تم عرض فيلم حول أهداف المؤتمر.
هذا وقد تفضل صاحب السمو بافتتاح فعاليات المؤتمر وإطلاق الاستراتيجية الوطنية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد والتوقيع عليها.
كما تم تقديم هدية تذكارية لسموه بهذه المناسبة وقد غادر سموه مكان الحفل بمثل ما استقبل به من حفاوة وترحيب.