تدور الأيام وتمر السنوات وتبقى في سجل التاريخ ذكريات وقصص وبطولات سجلها التعاونيين ابان فترة الاحتلال العراقي على دولة الكويت تلك الذكريات التي حفرت لنفسها موقعا بارزا في التاريخ الحديث لدولة الكويت لتكون شاهدا على عمق ابعاد الحركة التعاونية وشجاعة التعاونيين وكيف امتزج الكل في واحد ليشكلوا جبهة كويتية صامدة في مواجهة الظلم والطغاة حيث تضافرت الجهد المخلصة وتكاتفت ايادي ابناء الكويت البررة وتوحدة افكارهم وصفوفهم نحو تحقيق هدف واحد وهو الكويت وشعبها اولا واخرا.
ومنذ اليوم الاول للاحتلال الغاشم 2/8/1990 حيث باشرت عملي في مقر اتحاد الجمعيات التعاونية في الساعات الاولى كمدير عام له حيث قمت بعدة اتصالات هاتفية لرئيس الاتحاد ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل «اداة التعاون» ولم يحالفني الحظ في محادثتهم.
وعلى الفور عقدت اجتماع مع الموظفين والعاملين بادارة الاتحاد وابلغتهم لمن يرغب منهم الاستمرار معنا فأهلا وسهلا ومن يرغب بالمغادرة يحضر يوم السب صباحا لاستلام جواز سفره ومبلغ مالي لمساعدته على المغادرة، وثم قمت بتأمين سلامة مخازت المواد الغذائية بشركة التبريد بالشويخ بأيدي أمنة كويتية باشراف الاخ عبدالله النجادة وكذلك مركز التعبئة والتغليف والمواد الاستهلاكية بالمخازن العمومية في الصليبية واسطول سيارات الاتحاد باشراف الاخ فلاح فحيمان الخرينج كخطوة اولى وفي يوم السبت 4/8/1990 باشرت عملي بالاتصال بالجمعيات التعاونية وابلغتهم بان الاتحاد مستمر بعمله ان شاء الله وبدأنا توزيع المواد الغذائية والاستهلاكية وتحملت مسؤولية العمل في هذا الموقع الحساس من منطلق المسؤولية والتكليف وفي يوم الخميس 9/8/1990 طلب من الاخ محمد عبد الرحمن التركيت ابلاغ المرحوم الشيخ صباح الناصر السعود الصباح عن زيارة المسؤولين العراقيين لمقر الاتحاد وما دار فيه من حديث ونقاش ، وكان الهدف من ذلك هل نستمر في ادارة اتحاد الجمعيات ام لا وفي حالة الموافقة اطلب تسمية شخص يشاركني في حضور اي اجتماعات مع المسؤولين العراقيين وكحلقة اتصال في ما بيني وبين المرحوم الشيخ صباح الناصر السعود الصباح وذلك لمعرفة ما يدور في اي لقاءات اولا بأول «الذي كان له دور كبير في هذه المهمة الوطنية» حيث تم تكليفي بالاستمرار من قبل القيادة السياسية بادارة اتحاد الجمعيات التعاونية الاستهلاكية وكذلك تم تسمية الزميل التعاوني فيصل احمد نعمة الله ان يكون حلقة الاتصال في ما بيننا.
وفي تاريخ 24/8/1990 دعوت الى عقد اجتماع عاجل بمقر ادارة جمعية الروضة وحولي التعاونية وهو الاجتماع التاريخي لرؤساء الجمعيات التعاونية بالاضافة الى مشاركة رؤساء ومديرين الشركات الوطنية الغذائية والاستهلاكية وممثل البنوك الكويتية واتحاد مستوردي ومصنعي المواد الغذائية وهو الاجتماع التاريخي الذي وفر مستلزمات الصمود.
حيث شرحت لهم الاوضاع وان المسؤولية كبيرة واحتاج الى مشاركة زملائي التعاونيين بالرأي والمشورة حيث تمت الموافقة على اختياري رئيسا بالاجماع. وبعد اسبوع من ذلك الاجتماع حضر الشيخ علي السالم العلي الصباح الى مقر الاتحاد يحمل تحيات القيادة السياسية ويبلغني بالدعم المالي من حكومتنا عن طريقه مباشرة وسوف يقوم سمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء المرحوم الشيخ سعد العبدالله الصباح بالاتصال معك شخصيا الذي كان له دور كبير في هذه المهمة حيث تمكنا بفضل الله وبتضافر الجهود من تحقيق اهداف عريضة تمثلت في المحافظة على قوت الكويتيين دعما لصمود ابناء الكويت الاوفياء وتقديم جميع الخدمات التعاونية من خلال الجمعيات التعاونية للمواطنين والمقيمين بالاضافة الى المستشفيات ودور العجزة ومراكز الاطفاء وخدمات الكهرباء والماء والقطاع النفطي طوال فترة الغزو الغاشم بتوفيق من الله عز وجل. ويسعدني بهذه المناسبة ان اشيد بكل من شاركني بالمسؤولية وبمواقفهم ومؤزارتهم المشرفة، وبثقة وإيمان نقول ان الاحتلال الغاشم كشف عن قدرات وطاقات كامنة للكويتيين، وفي مقدمتهم الامكانات والطاقات التي اذهلت العدو المحتل وحيرت قياداتهم الذين لم يصدقوا عن بلدا صغيرا مثل دولة الكويت لديها كل هذه الامكانات والخيرات، وبعد هذه السنوات وبعد ان من الله علينا بما نحن فيه من امن واستقرار، فإنه لا يسعنا الا ان نتذكر تلك الايام التي مرت علينا وان نستلهم العبر والدروس القيمة بتراحمنا وبتكاتفنا وتعاضدنا يد بيد للحفاظ على وحدة الوطن والأهل وان نرفع ايدينا الى السماء شاكرين الله عز وجل وراجين منه دوام النعمة والاستقرار والامن والامان.
عبد اللطيف الخرازة
مدير عام اتحاد الجمعيات التعاونية الاستهلاكية سابقا