العدد 1860 Tuesday 13, May 2014
جريدة كويتية يومية سياسية شاملة مستقلة
انتهاء محنة سفير الأردن لدى ليبيا ... بعد مبادلته بالسجين الدريسي إنكلترا وفرنسا وإيطاليا تتوج الأبطال وإسبانيا تنتظر الاستقالات الخمس تحسم الخميس في الجلسة الخاصة نواب يقترحون إنشاء شركات مساهمة لاستقدام العمالة المنزلية العجمي: قدمت استقالتي وأشكر صاحب السمو على قبولها وتفهم أسبابها «الصحة»: فحص 86 عينة مشتبها بها يؤكد خلو الكويت من «كورونا» القرضاوي يفتي بتحريم انتخابات الرئاسة المصرية «بوكو حرام»: الفتيات المسيحيات المخطوفات اعتنقن الإسلام ! جنوب السودان: تأجيل الانتخابات الرئاسية بسبب الحرب الأهلية مجلس الوزراء: مواجهة جميع مظاهر العبث بأمن الوطن وتهديد استقراره الخالد للمباحث: أنتم العين الساهرة التى تحمي الوطن مشعل الأحمد: الخطة الإستراتيجية للحرس الوطني ترتقي بالعمل العسكري والتدريبي سعدالعبدالله .. تاريخ من العــطاء والعمل الوطني المشرف الحمود: الكويت لا تألو جهدا في دعم المبدعين «الميزانيات البرلمانية» ناقشت ميزانيتي معهد الأبحاث .. وبيت الزكاة الغانم كرم المدارس الفائزة بمسابقة دستور الكويت الـ12 «الصحة»: نتائج سلبية بعد فحص 86 عينة مشتبهاً في اصابتها بمرض «كورونا» محافظ الأحمدي التقى قياديي الكيماويات البترولية ونفط الخليج رئيس «البلدي» يسأل حول منح تراخيص تجارية للمستأجرين بالباطن للقسائم الخدمية والتجارية الشمري: مسابقة «تدوين» تنمي مفهوم الاستخدام الأمثل لوسائل التواصل الاجتماعي اتحادا أمريكا والمملكة المتحدة يباركان للطلبة زيادة المخصصات توقف تصوير فيلم «الجزيرة 2» لظروف مادية عبدالإمام عبدالله: «اللي ماله أول» جرعة كوميدية بامتياز زواج مفاجئ لشجون الهاجري وأحمد البريكي في دبي تداولات فاترة تهبط بأسهم البورصة لجنة الصناعة والعمل بالغرفة تلتقي بالمسؤولين في الهيئة العامة للبيئة البنك الوطني يعلن عن الفائز برحلة إلى لشبونة جيمس: قيمة المشاريع في دول المجلس ستصل إلى 178 مليار دولار أمريكي العام الحالي الأردن يسجل حالة الوفاة الخامسة بـ«كورونا» القرضاوي يفتي بحرمة الانتخابات الرئاسية ... ويؤكد: السيسي مصيبة على مصر اليمن : «امريكية» تقتل خمسة في مأرب ...والاشتباكات تتجدد في محيط «الرئاسي» الأزمة السورية: هدنة تلوح في سماء عدرا .. و«داعش» يفتح النار على «القاعدة» الزمالك يسعي للاحتفاظ بحظوظه .. واتحاد الشرطة للصدارة أمام بني سويف الملكي يسعي لفك رموز ذات الراس الأردني في مباراة لاتقبل القسمة علي اثنين

محليات

سعدالعبدالله .. تاريخ من العــطاء والعمل الوطني المشرف

نستذكر في مثل هذه الايام تاريخاً مشرفاً من البطولات والتضحية في حب الوطن والذود عنه ونحن نعيش خلالها الذكرى السنوية السادسة لوفاة قائد لواء تحرير الكويت امير الكويت الراحل المغفور له الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح وقد اتشحت الكويت بالسواد حدادا على الراحل الكبير ذي القامة العالية.
«الصباح» تفتح ملف مآثر المغفور له الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح وتتوقف مع القراء الكرام في محطات مهمة من حياته وتسلط الضوء على تاريخه المشرف الذي ارتبط بتاريخ الكويت العريق.
بعد وفاة المغفور له الشيخ جابر الأحمد اصدر مجلس الوزراء الكويتي بيانا نادى فيه بسمو ولي العهد الشيخ سعد العبدالله اميرا للبلاد وفقا لاحكام الدستور والمادة الرابعة من القانون رقم 4 لسنة 1964 في شأن احكام توارث الامارة. ولد سمو الامير الوالد الشيخ سعد العبدالله عام 1930 وهو الابن الاكبر للشيخ عبدالله السالم امير الكويت الاسبق وتلقى علومه في المدرسة المباركية، وسمو الشيخ سعد العبدالله هو الحاكم الـ 14 من سلسلة حكام آل الصباح التي أولاها الكويتيون بمحض إرادتهم أمانة الحكم عندما اختاروا صباح بن جابر الأول لهذه المهمة قبل أكثر من قرنين ونصف القرن. وسموه، رحمه الله، هو الأمير الرابع في عمر الدولة الدستورية التي بدأت بتوقيع المغفور له والده الشيخ عبدالله السالم على وثيقة الدستور في 11 نوفمبر 1962 معلنا بذلك دخول الكويت عهدا جديدا ومرحلة جديدة.
ويعد الشيخ سعد من صانعي السياسة الكويتية في مجالي الأمن والدفاع فهو أول وزير للداخلية وثاني وزير للدفاع في ظل الدستور، وهو من الرجال الذين شاركوا بفاعلية في وضع أسس بناء الكويت، فقد كان شاهدا على اللحظات الأولى لاستقلال الكويت وقيام دولتها الحديثة وكان مشاركا في لجنة صياغة الدستور، وكان عضوا فاعلا في إنجازه بالمناقشات والنقاط التي كان يثيرها مع أعضاء اللجنة.
وكان سمو أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد زكّى سمو الشيخ سعد وليا للعهد في عام 1978 وفي فبراير من ذلك العام تم تعيينه رئيسا لمجلس الوزراء، حيث كلف بتشكيل الوزارة العاشرة في تاريخ الكويت عام 1978 ونودي به اميرا في 15 يناير 2006 عقب وفاة سمو الامير الراحل الشيخ جابر الاحمد.

المناصب التي تولاها
عين سموه في مشارف الخمسينيات في دائرة الشرطة العامة عام 1949 ولكفاءته تم ايفاده الى المملكة المتحدة لدراسة علوم الشرطة فمكث اربع سنوات وعاد عام 1954 متخرجا برتبة ضابط.
وحين عاد سمو الشيخ سعد من بعثته الدراسية عام 1954 عين نائبا لدائرة الشرطة وبقي في هذا المنصب حتى 1959 وكانت البلاد على وشك استقلالها آنذاك حيث صدر مرسوم اميري بتعيينه نائبا لدائرة الشرطة والأمن العام بعد دمجهما.
وتولى رئاسة هذه الدائرة في عام 1961 ثم قدر له ان يكون اول وزير للداخلية عام 1962 فكانت له بصمات واضحة على صعيد الكثير من التشريعات والقوانين الخاصة بالاقامة والجنسية وشروط منحها ومنع التسلل.
وعمل سمو الشيخ سعد على استقرار النظام السياسي في مواجهة التيارات المتطرفة التي أخذت تجتاح الكويت وغيرها من اقطار الخليج العربي منذ عقد الستينيات.
وفي عام 1964 تولى وزارة الدفاع فشكل المجلس الأعلى للدفاع وقام بجولات خارجية بهدف عقد صفقات تسليح الجيش وتعزيز القدرات الدفاعية للكويت وعمل على تنويع مصادر السلاح. وفور توليه حكم البلاد خلفا للشيخ صباح السالم الصباح في 1977 بادر سمو المغفور له باذن الله الشيخ جابر الاحمد الى تزكية الشيخ سعد العبد الله ليكون وليا للعهد وتحديدا في 31 يناير 1978 وبعدها بأيام وتحديدا في 8 فبراير من نفس العام صدر أمر أميري بتعيينه رئيسا لمجلس الوزراء. وفي 16 فبراير 1978 كلف سموه يشكيل الحكومة وكانت هذه هي الوزارة العاشرة في تاريخ الكويت وقدر لسموه ان يتولى رئاسة الحكومة في ظروف محلية واقليمية ودولية بالغة التعقيد فبذل جهودا كبيرة لمواجهة هذه الظروف والتحديات وعمل على تعزيز قدرات البلاد الدفاعية والامنية ورفع كفاءتها البشرية والمادية.
وساهم سمو الشيخ سعد في اصدار الكثير من التشريعات المتعلقة بالاسكان والتجنيس وايجار المساكن والوظائف العامة والضمان الاجتماعي.
واجتهد في تحديث المرافق العامة وزيادة الخدمات في المجالات كافة وعنى بشؤون الثقافة ودعم المؤسسات التي تقوم بالبحث العلمي وعمل على دعم صندوق احتياطي الاجيال المقبلة وحرص على تحقيق العدالة وتطوير التشريعات وحرص كذلك على معالجة مشكلة الجنسية والتجنيس فصدر قانون للجنسية الكويتية وجوازات السفر والاقامة عام 1959 واولى مشكلة الاسكان جل اهتمامه واهتم ببرامج الرعاية الاسكانية وحاول ان يضع الحلول الصائبة لمشكلة العمالة الوافدة واهتم في الوقت نفسه بتنمية العمالة الوطنية ولم يدع الازمات الاقتصادية والحوادث الارهابية تشغله عن توجيه عناية فائقة لنهضة البلاد العمرانية.
وخلال توليه رئاسة الحكومة واجه سموه الكثير من الازمات الاقتصادية التي كانت اولاها انخفاض سعر النفط واتخذ الكثير من الخطط المدروسة لاحتواء ازمة انخفاض العائد النفطي وظل رغم الازمة على سياسة تقديم المساعدات المالية الخارجية للدول الصديقة والشقيقة.
وقام سموه اثر تقلده ولاية العهد ورئاسة مجلس الوزراء بزيارات رسمية الى مختلف دول العالم بدءا بمنطقة الخليج تعزيزا للروابط الاخوية التي تربط الكويت بشقيقاتها في الدول الخليجية.
ووضح اهتمام سمو الشيخ سعد بأهمية دعم الروابط الامنية بين الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي وكانت له مواقف حاسمة ضد اي عدوان تتعرض له احدى دول المجلس فقد دان الحوادث الارهابية التي وقعت في البحرين عام 1982 وكانت له مواقف مساندة للسعودية خلال الاضطرابات الامنية التي تعرضت لها في احداث الحرم المكي عام 1979 و اثمرت الجهود التي بذلها سموه في توثيق الروابط بين الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي بصفة عامة.
وعند حصول الغزو العراقي على الكويت عمل سمو الشيخ سعد خلال فترة الاحتلال على رعاية مصالح المواطنين والمقيمين في الكويت واعلن ضمان الحكومة لكل الودائع والمدخرات المصرفية والتزام الدولة تسديد جميع مرتبات الموظفين في القطاع الحكومي بأثر رجعي وكذلك بسداد مكافأة نهاية الخدمة لجميع الذين غادروا البلاد من غير الكويتيين وعمل على رعاية الكويتيين في الخارج وبذل جهودا كبيرة في دعم الصامدين ورجال المقاومة في الداخل وزار دولا كثيرة وارسل الكثير من المبعوثين لدول اخرى وكان يترأس مجلس الوزراء في اجتماع يومي ويؤكد ان العدوان سيتم دحره وان الشرعية حتما ستعود.
وكان لسموه دور كبير في اعادة بناء الكويت بعد التحرير حيث عمل سموه على اصلاح ماتهدم خلال فترة الاحتلال وازالة آثاره بعد تحرير البلاد في 26 فبراير 1991 وعودة القيادة الشرعية واعلان حالة الطوائ وتعيينه حاكما عرفيا عاما من قبل سمو الامير.وتحمل الكويتيون الكثير في هذه المهمة الوطنية واستطاعت الحكومة بدعم الشعب تجاوز آثار العدوان بتجديد البنية التحتية بالكامل ومعاودة دورها الفاعل على الصعيدين العربي والدولي.

دور بطولي في التحرير
كان سمو الامير الوالد الشيخ سعد العبدالله رحمه الله مقاتلا صلبا ومدافعا عنيدا عن الحق الكويتي عندما وقعت كارثة الغزو الصدامي للكويت والاحتلال.
وبذل سمو الشيخ سعد العبدالله خلال فترة الاحتلال الصدامي للكويت في عامي 1990 و1991 جهودا جبارة للدفاع عن الحق الكويتي في جولاته للدول الشقيقة والصديقة وشرح قضية شعب الكويت العادلة ما كان لها الاثر الواضح في وقوف تلك الدول الى جانب الكويت.
كما كانت لكلمات سموه للشعب الكويتي اثناء محنة الاحتلال مردودها الايجابي في شحذ الهمم ورص الصفوف لدحر العدوان ورد كيد المعتدي.
وتمثل تحرك سموه منذ اللحظات الاولى للعدوان الصدامي باصراره على مغادرة سمو الامير الراحل الشيخ جابر الاحمد الى السعودية لان وصول القوات العراقية الى امير البلاد ورمزها كان يعني انهيار الروح المعنوية لدى افراد الشعب ولان وجود رمز البلاد في الخارج يعني استمرار المقاومة وحرية الحركة لحشد الرأي العام الدولي والاسلامي والعربي حول قضية الكويت وسرعة تحريرها.
وبعد كارثة الغزو الصدامي بثلاثة ايام وجه سمو الامير الوالد الشيخ سعد خطابا الى الشعب الكويتي اكد فيه ان الكويت واجهت عبر تاريخها الطويل محنا قاسية ومحاولات غاشمة للغزو والعدوان وكلها باءت بالفشل بفضل عناية الله ورعايته وتماسك أهل الكويت وتلاحمهم واستعدادهم للموت دفاعا عن ارضها الطيبة.
وفي 5 اغسطس 1990 التقى سمو الامير الوالد خادم الحرمين الشريفين الراحل الملك فهد بن عبدالعزيز في جدة حيث تم تبادل وجهات النظر واسلوب التحرك ازاء الموقف الناتج من جراء العدوان على الكويت.
كما التقى سموه الرئيس حسني مبارك في الاسكندرية والقاهرة حيث تم الاعلان بعد ذلك عن عقد مؤتمر القمة العربية الطارئ بتاريخ 9 اغسطس 1990 وترأس سموه وفد الكويت بعد سمو الامير الراحل الشيخ جابر الاحمد والقى كلمة الكويت امام المؤتمر ومغادرته القاهرة فى اليوم نفسه.
وقام سموه بجولة شملت سورية وتركيا والمغرب والجزائر وتونس خلال الفترة من 13 الى23 اغسطس 1990 حيث سلم رسائل من سمو الامير الراحل تتعلق بآخر المستجدات في ضوء العدوان على الكويت كما زار ليبيا وعقد اجتماعات لشرح ابعاد قضية الكويت لشعوب تلك الدول وادلى بتصريحات شكر فيها الدول المؤيدة للكويت على مواقفها المؤيدة للحق والعدل.
وابرز سمو الامير الوالد الراحل موقف الكويت وبشكل مستمر على انها ليست داعية حرب ولا تريد تعريض المنطقة للخطر بل كل ما تطلبه هو تنفيذ قرارات القمة العربية وقرارات مجلس الامن 660 - 661 - 662 وقرارات مؤتمر وزراء خارجية الدول الاسلامية التي تتفق جميعا على ضرورة انسحاب العراق فورا ودون اي شروط.
وكان سموه يتابع بصفة شخصية ودائمة للاوضاع المعيشية الكريمة للمواطنين الكويتيين في الخارج سواء في الدول الخليجية او العربية وتأمين المعيشة للمواطنين في الداخل حيث حرص على الاتصال المستمر بالمواطنين في الداخل بهدف رفع الروح المعنوية والوقوف على المستجدات في الساحة الداخلية واحتياجات المواطنين وبيان مؤازرة الشعوب الشقيقة والصديقة الى جانب الحق الكويتي.
كما حرص سموه على اللقاء المستمر والمباشر مع مواطني الكويت في كل دولة يزورها وذلك بهدف الاطمئنان على حياتهم وشرح الموقف السياسي والعسكري لهم ورفع روحهم المعنوية واطلاعهم على ان العالم الحر الشريف يقف معهم ويؤيد قضيتهم.
واصر سموه رحمه الله على الوقوف الصلب الى جانب الحق الكويتي وعدم المساومة على اي شبر من الارض الكويتية فضلا عن مطالبة سموه بالتعويضات عن اضرار الاحتلال منذ الشهر الاول وهذا يؤكد ايمان سموه منذ اللحظات الاولى بتحرير الوطن ودحر العدوان.
وتبنى سمو الامير الوالد الراحل رفض الكويت لأي وساطات او مبادرات لحلول وسط للأزمة واصر على تنفيذ كافة قرارات مجلس الأمن والقمة العربية.
وحرص سموه على الاتصال المباشر وشبه اليومي مع قيادات المقاومة الكويتية بهدف الاطمئنان على حياة المواطنين في الداخل والاطلاع على اعمال المقاومة بشكل دوري ونقل توجيهات سمو الامير الراحل الشيخ جابر الاحمد وتوجيهاته لقيادات المقاومة وشرح الموقف السياسي والعسكري لهم.

المؤتمر الشعبي
وكانت هناك علامة بارزة في تاريخ الكويت هي انعقاد المؤتمر الشعبي في جدة خلال الفترة من 13 الى 15 اكتوبر من العام 1990 والتي نبعت فكرته من سمو الامير الوالد حيث طرحها في اثناء زيارته الى المملكة المتحدة ولقائه مع ابناء الكويت في لندن في الأسبوع الأول من شهر سبتمبر 1990 اي بعد حوالي شهر من وقوع الاحتلال الصدامي.
وبعد عودة سموه الى الطائف عرض الامر على سمو الامير الراحل الشيخ جابر الاحمد رحمه الله فباركها وايدها وبدأت الاجراءات لتشكيل اللجنة التحضيرية للمؤتمر.
وباشر سموه جميع الاجراءات بنفسه بدءا من الاجتماع مع اللجنة التحضيرية واعداد جدول الاعمال ومقابلة بعض الشخصيات الكويتية التي ستحضر المؤتمر وتوضيح فكرته والاتفاق على شعاره والى اصدار الدعوات باسم سموه الى جميع المشاركين. وبلغ عدد المشاركين 1200 شخصية كويتية تمثل مختلف القوى السياسية والاقتصادية والاجتماعية اضافة الى عدد من الشخصيات الاجنبية وحوالي 433 من رجال الصحافة والاعلام لتغطية احداثه وترأس سموه المؤتمر.
ورفع المؤتمر شعار «التحرير.. شعارنا.. سبيلنا.. هدفنا» والقى سمو الامير الراحل الشيخ جابر الاحمد كلمة الافتتاح والقى سمو الشيخ سعد العبدالله رئيس المؤتمر كلمة في اليوم الأول ثم القى سموه كلمة في ختامه.
وصدر عن المؤتمر بيان ختامي يشمل 19 بندا ثم تكونت لجنة من 29 عضوا بدعوة من سمو الامير الوالد الشيخ سعد العبدالله وبرئاسته لتشكيل هيئة استشارية عليا برئاسته لمتابعة تنفيذ التوصيات والقرارات.
ومع تحمل سموه الاعباء والمهام الجسام التي كانت موكولة اليه خلال فترة الاحتلال الصدامي الغاشم للكويت والتي أداها بكل صدق وتفان فان ذلك كله لم يؤثر على مهامه الاساسية كولي للعهد ورئيس لمجلس الوزراء والتي تمثلت خلال هذه الفترة في رئاسة اجتماعات مجلس الوزراء الذي كان في حالة انعقاد شبه مستمر في مدينة الطائف خلال فترة الاحتلال وذلك لادارة شؤون البلاد والمواطنين في الداخل والخارج وتميزت هذه الفترة بأهمية الموضوعات التي كان يناقشها المجلس وحيويتها والسرعة والدقة في القرارات التي تم انجازها.
ومن أهم الموضوعات التي شغلت المجلس في ذلك الوقت توفير متطلبات التسليح للقوات الكويتية المشاركة ضمن قوات التحالف والتي قامت بدور بارز في تحرير الكويت اثناء المعركة البرية وادارة شؤون المواطنين في الداخل وفي الخارج وتوفير وسائل الحياة الكريمة لهم.
ومناقشة التقارير الديبلوماسية التي كانت ترد من البعثات الديبلوماسية في الخارج وادارة المعركة الديبلوماسية التي لم تقل شراسة عن المعركة العسكرية وادارة المعركة الاقتصادية خلال فترة الاحتلال لتوفير متطلبات معركة التحرير ومرحلة اعادة البناء ومتطلبات معيشة المواطنين.
ومنذ اللحظات الاولى للتحرير ترأس سمو الامير الوالد اجتماعات مجلس الوزراء في الكويت وكانت تعقد في ديوانية الشايع فقد كان سموه على رأس الحكومة والجهاز الاداري للدولة عند دخوله الكويت بعد التحرير مباشرة وكان لوجوده على رأس الحكومة اكبر أثر في فرض الأمن واعادة السيطرة للدولة في كل ارجاء البلاد.
كما كان لسموه مواقف مشرفة تناقلتها كل وسائل الاعلام العربية والدولية عندما تصدى شخصيا وبكل قوة وحزم لأي عمليات انتقامية يقوم بها بعض الشباب المتحمس ضد اي قوى تعاونت مع قوات الاحتلال الصدامي في اثناء الاحتلال وطلب ان يأخذ العدل مجراه في هذه الامور وان تحال هذه الامور برمتها الى القضاء الكويتي العادل.

مهمة أصعب بعد التحرير
وكانت الفترة التي تلت التحرير مباشرة من اصعب الفترات التي مرت على الكويت في تاريخها الحديث وبرز خلالها سمو الشيخ سعد العبدالله بأدائه المتفاني وديبلوماسيته العالية وحزمه واصراره الصلب على التعامل مع كم المشكلات الهائل الذي واجه الدولة منذ اللحظة الاولى للتحرير.
وتمثل ذلك في اعادة مرافق الدولة الى العمل بكل كفاءة وسرعة وفرض الأمن والنظام واظهار هيبة الدولة وسلطتها والتعامل مع فلول الاحتلال ومن تعاون معهم بكل حزم وعدل اضافة الى وضع خطة اعادة الوافدين الشرفاء الى اعمالهم للمشاركة في معركة اعادة البناء وعلى رأس كل هذه المشكلات وغيرها التعامل وبسرعة مع اكبر جريمة بيئية في التاريخ المعاصر وهي اطفاء آبار النفط التي حرقها المعتدي الغاشم عند طرده من الكويت.
كل هذه المشكلات الجسام وغيرها كانت تشغل بال سمو الامير الوالد الشيخ سعد العبدالله وتؤرقه الامر الذي دفعه الى الاستعانة بالخبرات الوطنية التي صهرتها تجربة الغزو فتمكن من اجتياز كل المشكلات ما مكن الدولة من اعادة الحياة الى شكلها الطبيعي بسرعة ودقة.
وكان سموه عاد الى الكويت في الرابع من مارس عام 1991 بعد التحرير واندحار الغزاة حيث احتشد آلاف المواطنين لاستقباله ومع لحظة نزوله ارض الوطن صلى سموه ركعتين شكرا لله على نصره حيث بدأ معركة اعادة اعمار الكويت التي اجتازها في فترة قصيرة بكل نجاح.

عرفات بلباس كويتي
وعلى الرغم من موقف بعض القادة الفلسطينيين ابان الغزو العراقي الغاشم على الكويت فقد اكد سمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء في مؤتمر صحافي عقد في 7 مارس 1991 وقوف الكويت إلى جانب الشعب الفلسطيني في قضيته العادلة وذلك انطلاقاً من إحساسها بواجبها القومي.
ويشهد العالم العربي للشيخ سعد العبدالله انه قام بإخراج ياسر عرفات من الحصار الذي كان مفروضاً عليه في الأردن خلال معارك أيلول الأسود في عام 1970 بل وكان اللباس الكويتي أحد عناصر التمويه التي ساعدت عرفات على الهروب من تصفية جسدية محتملة في ذلك الوقت.

الاحتلال
وبعد الاحتلال الذي دنس أرض الكويت حوالي 208 أيام حرص سمو ولي العهد على القيام بحملة زيارات واسعة لتقديم الشكر على المواقف الرائعة التي تكللت بتحرير الكويت والتأكيد ان القضية ليست فقط انتهاء الاحتلال وانما لابد من التطبيق الكامل لقرارات مجلس الأمن وفي مقدمتها إطلاق سراح الأسرى والمرتهنين ودفع التعويضات عن الخسائر التي لحقت بالكويت ودول العالم الأخرى والاعتراف باستقلال الكويت وسيادتها على ترابها الوطني وبحدودها الدولية المعترف بها.
وكان الشيخ سعد يحرص دائماً على الالتقاء بالمواطنين الذين يجدون أبوابه مفتوحة لهم للاستماع إلى مشاكلهم ثم يتخذ القرار المناسب بشأنها لتأخذ طريقها نحو التنفيذ.
وكان يخصص سموه يوم الاثنين من كل أسبوع ليكون موعداً لهذا اللقاء الذي بدأه سموه في 22 أكتوبر 1979.

وحدة الكلمة والصف
وكانا الشيخ سعد يؤمن إيماناً قوياً بأن قوة أبناء الكويت تكمن في وحدة الكلمة ووحدة الصف كما كان يؤمن بأن قوة العرب الحقيقية في تضامنهم ولذلك يحرص على لم الشمل العربي وتسوية النزاعات العربية بالطرق السلمية والتركيز على الأهداف القومية للأمة العربية وقضاياها المصيرية.
وعبر المواطنون عن حبهم للشيخ سعد حين غادر في 11 مارس 1997 للعلاج في بريطانيا بسبب العارض الصحي حيث لم تنقطع الزيارات والبرقيات لسموه وكانت عودته في 12 أكتوبر 1997 مبايعة حقيقية له فشهدت الكويت استقبالاً جماهيرياً حاشداً شاركت فيه كل فصائل الشعب الكويتي ببرامج وتجهيزات أعدت بشكل طوعي حباً وتقديراً لسموه.
وقال سموه حينذاك «إن ما أظهرتموه تجاه شخصي الضعيف من حب وتعاطف ورعاية كان دليلاً ناصعاً على أصالة معدن أهل الكويت ومروءتهم وشهامتهم».
وعلى الرغم من تعلق سمو الشيخ سعد بحب الكويت وعدم رغبته بمغادرتها إلا أن مرض سموه العارض جعله يغادر الكويت مرة أخرى في 18 أغسطس 1999 إلى العاصمة البريطانية لإجراء فحوصات طبية.
وقد قطع سموه رحلة العلاج التي استمرت 65 يوماً وفضل العودة إلى الكويت لمتابعة عمله الوطني في الكويت حيث حضر سموه في 22 أكتوبر 1999 جلسة افتتاح دور الانعقاد الجديد لمجلس الأمة في فصله التشريعي.
وقال سموه حينذاك «حرصت على العودة مبكراً رغم نصائح الأطباء لأكون بينكم لعلي أوفيكم بعض حقكم وشيئاً من جميلكم تجسيداً لمبادئ وطنية ومعان سامية وتأكيداً للمودة والتراحم والتواصل، هذه الخصال الحميدة التي تميز بها أهل الكويت».
ورغم الظروف الصحية التي كان يمر بها فإن سمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء حضر لقاء السلطتين التنفيذية والتشريعية في منزل رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي، حيث أوصى الشيخ سعد الحضور بالتعاون والتآزر والتحاب.
وتقديراً لمكانة وجهود سمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء في تأصيل مكانة الكويت الدولية في جميع المحافل فقد تقلد العديد من الأوسمة والشهادات منها ما تقلده أثناء زيارته إلى بيروت في 19 أغسطس 1996، حيث قلده الرئيس السابق الياس الهراوي وشاح الأرز تقديراً لمواقف الكويت تجاه لبنان. وأثناء زيارة الأمير عبدالله ولي العهد السعودي ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني السعودي للكويت في 2 يوليو 2000 قلد سمو الشيخ سعد وشاح الملك عبدالعزيز بن سعود من الطبقة الأولى وذلك تقديراً لمواقف الكويت في المحافل الدولية والعربية.
توفي الشيخ سعد العبدالله، عن عمر يناهز 78 عاما، يوم الثلاثاء الموافق 13/5  2008 بعد ازمات صحية عنيفة لازمته منذ العام 1997.
 

اضافة تعليق

الاسم

البريد الالكتروني

التعليق