
المنامة – «كونا»: شدد رئيس وزراء البحرين الامير خليفة بن سلمان آل خليفة هنا أمس على ضرورة انتقال دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من مرحلة التعاون الى الاتحاد «كملاذ آمن له ابعاد سياسية واستراتيجية يرقى الى الطموح الذي تتطلع اليه شعوب دول المجلس».
واكد الامير خليفة في حديث لـ«كونا» ان القمة الـ34 للمجلس الاعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية التي تستضيفها دولة الكويت خلال الفترة من 10 الى 11 ديسمبر «تشكل علامة هامة في مسيرة المجلس والتي يجب ان تؤسس لمرحلة جديدة من مراحل العمل الخليجي المشترك». وقال ان المرحلة المقبلة يجب ان تعمل على تحقيق المزيد من المكتسبات للمواطن الخليجي في مختلف المجالات ومواجهة التحديات العديدة التي تشهدها المنطقة والعالم.
واضاف ان انعقاد هذه القمة برئاسة حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح وبمشاركة اصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس «يأتي في ظل متغيرات تحتم التعامل بطرق غير تقليدية مع الواقع الجديد الذي تتشكل ملامحه في المنطقة والعديد من اقاليم العالم».
واعرب عن ثقته في ان قادة دول المجلس سيخرجون بقرارات ونتائج مثمرة تعزز وتدعم ما تحقق في المسيرة الخيرة والمباركة لدول المجلس مشيدا بجهود سمو أمير البلاد في احتضان العمل الخليجي المشترك ودعمه وتوجيهه نحو ما يعزز من روابط الوحدة والتكامل.
واكد الامير خليفة ان «شعوب دول المجلس تتطلع الى قرارات يتخذها قادة دول المجلس يتلمسون من خلالها تطلعاتهم في غد اكثر اشراقا ومستقبل يحمل الخير لكل الدول الاعضاء في مجلس التعاون».
واشار الى المتغيرات في العالم التي تجعل من دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود عاهل المملكة العربية السعودية بانتقال دول المجلس من مرحلة التعاون الى مرحلة الاتحاد الخليجي والتي اطلقها في قمة الرياض في ديسمبر 2011 «مطلبا ملحا في الوقت الحاضر اكثر من اي وقت مضى».
كما شدد على ضرورة تصدر تلك الدعوة وآليات تحقيقها اولويات البحث في القمة التي ستنطلق اعمالها غدا لتكون القرارات تدفع بهذه المبادرة الى حيز التنفيذ في اسرع وقت ممكن مشيرا الى تطلع شعوب المنطقة الى تحقيق مرحلة الاتحاد.
وبين ان شعوب دول المجلس تأمل في اليوم الذي تصبح فيه الوحدة الخليجية واقعا معاشا لاسيما وانها تعد احد المطالب المعلنة منذ تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية عام 1981 وحتى اليوم مؤكدا ان «الوقت قد حان لقيام الاتحاد الخليجي دون تأخير او ابطاء».
واوضح ان التعاون الحالي بين دول المجلس لا يرقى لمستوى الطموح المنشود من الناحيتن السياسية والاقتصادية» مضيفا ان «اقرار الاتحاد الخليجي هو من سيؤطر كل هذه المسائل بما يلبي تطلعات شعوب دول المجلس».
وبين ان «الكل يتجه الآن الى الوحدة ولدينا العديد من النماذج الناجحة اقليميا ودوليا ومن بينها دولة الامارات العربية المتحدة الشقيقة فضلا عن تجارب الاتحاد الاوروبي والاتحاد الافريقي وغيرها من النماذج في العديد من اقاليم العالم».
وقال الامير خليفة ان «التوقيت الآن هو المناسب لقيام الاتحاد الخليجي وهو رهان رابح يجب ان نتحرك نحوه بالمزيد من التلاحم نحو استدامة للأمن والاستقرار في المنطقة» لافتا الى «ما تتعرض له البحرين هو خطر على دول الخليج وان الاتحاد هو القوة في ظل الاوضاع والتطورات الاقليمية والعالمية».
واوضح ان الامن والاستقرار في المنطقة «ركيزة اساسية في ظل زمن التحولات الرامية الى اعادة رسم وصياغة الدول والانظمة واحداث خلل فيها ما يوجب علينا ان تكون سياستنا اكثر وضوحا في احداث التغيير الذي نريده لا مما يريده الغير».
وتابع قائلا «المرحلة الحالية وصلت للذروة في التفكك والتشرذم العربي والملفات مازالت عالقة ونحن نسيج واحد متداخل ومترابط وعلينا ان نتبع السياسة التي نريد فالمسألة والهوية العربية مسألة تاريخية محضة».
واشار الى ان «المفاهيم قد تغيرت في ظل التحولات في المواقف وعلينا ان نواجهها بالتجديد في الفكر وفي المفهوم حتى نجتاز هذه المرحلة كما ان علينا الابتعاد عن اي تحفظات فالمرحلة لها متطلباتها ومقتضياتها العاجلة التي تحتاج الى انجاز يمنع اي تردد في المواقف». ودعا الامير خليفة الى «التوجه بخطاب اعلامي حديث يحض على الاتحاد ويشرح اهميته ويتجاوز كل ما هو قديم في الطرح والاسلوب والذي يتطلب كسر اي جمود للخطاب ليتواءم مع متطلبات المرحلة الحالية» مؤكدا ان على دول مجلس التعاون الترتيب فيما بينها بمنظور جماعي تنفذ به الى المستقبل وتأمين الحياة للاجيال. وبين ان التكامل الاقتصادي وصولا الى الوحدة الاقتصادية امر لا ينبغي التعامل معه ببطء خاصة ان الواقع وما يشهده العالم من تكتلات وكيانات اقتصادية عملاقة يتطلب الاسراع في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه من خطوات لتحقيق التكامل الاقتصادي بين الدول الاعضاء.
واكد الامير خليفة اهمية التطبيق الفعلي للاتحاد الخليجي مثل العملة الخليجية الموحدة والمصرف المركزي الخليجي مقللا في الوقت نفسه من تأثير بعض الاختلافات في الرؤى حول تلك الآليات الاقتصادية التي تسهم في تحقيق انطلاقة اقتصادية حقيقية لدول مجلس التعاون.
واعرب عن ثقته في تجاوز دول المجلس المعوقات التي تحد من تحقيق التكامل الاقتصادي والسوق الخليجية المشتركة لافتا الى ان من يتابع مسيرة المجلس يدرك مدى قدرته على تجاوز العقبات والتغلب على المصاعب وتقريب الاختلافات في الرؤى من اجل المصلحة العليا لتلك الدول. وشدد على ضرورة وجود وعي جماعي جاد للوضع يواكبه تطور وتجديد في كل القضايا التي تهم المجتمعات الخليجية «والنأي بها عن الوهن والتشتت وان يكون لنا قوة نوعية اقتصادية وسياسية مؤطرة تؤمن الاستقرار وتقف بوجه اي صدمات يفتعلها عالمنا المعاصر الرامي الى تفتيت وتجزئه الكيانات القائمة».
وردا على سؤال حول الاوضاع التي تشهدها المنطقة واهمية تحقيق الامن والاستقرار في منطقة الخليج العربي اكد الامير خليفة ان دول المنطقة هى المعنية في المقام الاول بتحقيق الامن والاستقرار في المنطقة من اجل الانطلاق في تنفيذ الخطط التنموية. واوضح ان التعايش السلمي والاحترام المتبادل بين الدول والتمسك بعدم التدخل في الشؤون الداخلية هي مبادئ ثابتة في العلاقات الدولية بين مختلف دول العالم وان الالتزام بها في منطقة الخليج العربي سيساهم في تحقيق الامن والاستقرار.
وبين ان «هذا سيؤدي الى ازدهار دول المنطقة بعيدا عن الصراعات والحروب التي عانينا منها جميعا وتسببت في حالات التوتر التي القت بظلالها على المناخ العام واعاقت دول المنطقة عن المضي في تنفيذ العديد من المشروعات التنموية التي تحقق الصالح العام لشعوبنا».
ودعا دول المنطقة الى ان «يكون شعارها لا للصراعات ونعم للتنمية فقد حان الوقت لكي تهدأ تلك المنطقة الحيوية من العالم وان يرفع الاخرون اياديهم عنها وان تكون المصلحة المشتركة هي العنوان الرئيسي للمرحلة المقبلة».
وعن العلاقات البحرينية ي الكويتية قال الامير خليفة انها تتمتع بخصوصية مشيدا بالدور الحيوي والهام الذي تقوم به دولة الكويت منذ انطلاق مسيرة مجلس التعاون وحتى الآن وبمواقفها واسهاماتها في دعم التنمية الاقتصادية في مملكة البحرين.