![](/media/cache/42/e3/42e34ccb6c9d005094c4782dad08557e.jpg)
يعتبر الخطاب الديني ركيزة أساسية لتعزيز الوحدة الوطنية وتحفيز المواطنين على القيام بمزيد من العمل وبذل كل الجهود الممكنة لدعم مسيرة البناء والتنمية والمحافظة على وطننا الكويت.
وفضلا عن ذلك يلعب الخطاب الديني خصوصا مع تزامن انتخابات مجلس الامة «27 يوليو الجاري» وحلول شهر رمضان المبارك دورا أساسيا في زيادة وعي الناخبين لناحية الاختيار الانسب للمرشحين والقائم على أسس الكفاءة والمعايير الذاتية والمهنية والانجازات.
وقال عميد كلية الشريعة السابق في جامعة الكويت الدكتور محمد الطبطبائي لـ «كونا» أمس ان الشريعة الاسلامية الغراء تحكم حياة المسلم في مختلف المجالات ووفق قواعد عامة لذا فأمانة الاختيار في الانتخابات يجب ان تقوم على أساس الامانة والكفاءة والصلاح والقدرة على تحمل المسؤولية وألا يكون الاختيار قائما على اعتبارات فئوية أخرى.
وأضاف الدكتور الطبطبائي ان الله جل وعلا أورد في كتابه الكريم آيات تؤكد أهمية الامانة وهناك الكثير من القصص في القرآن الكريم التي تتضمن المعايير الواجب توافرها بمن يتولون المسؤولية وهذه القيم الاسلامية معلومة لدى الغالبية لكن تحتاج الى تذكير وتأكيد بين حين وحين لاسيما في هذه المناسبة.
وأوضح أن للمساجد دورا كبيرا من خلال المنابر فهي مكان للتوجيه والتذكير بأوامر الخالق سبحانه وتعالى ومسؤوليتها تفقيه وتعليم الناس بأحكام الدين والشرع وقواعده لاسيما بشأن المنافسة وضوابطها والتحذير من الوقوع في الغيبة ووجوب أن يكون الانسان منصفا في تعامله مع الاخرين وأن يتحلى بأدب التخاطب والتحاور مع الآخرين.
وعن حق المرشح في استخدام الخطاب الديني للترويج لنفسه أفاد بأن التزكية للنفس هي محل نظر في الشريعة الاسلامية فالانسان أمر بألا يزكي نفسه عموما ولكن أمر أن يذكر أخوانه في اختيار الكفاءة والناس تجتهد في ذلك الا ان كانت هناك مواضع محددة يمكن أن يبين ما لديه من جوانب وخبرة حتى نحكم عليه على بينة ودراية.
ولفت الدكتور الطبطبائي الى ضوابط تحكم الخطاب الديني من شأنها الحيلولة دون وقوع الانحرافات من قبل بعض المرشحين وتزيد من الاعتبارات الفئوية التي يرفضها المجتمع الكويتي أهمها التسامح الاسلامي الذي دعت اليه الشريعة الغراء لذا يجب على الانسان أن يبني علاقته مع الناس على أساس العفو وحسن الظن وغيرها من الضوابط الشرعية.
من جانبه قال أستاذ العلوم السياسية في كلية العلوم الاجتماعية الدكتور فصيل ابوصليب ان الخطاب الديني يعتمد على وعي الافراد ونضجهم ومدى قدرتهم على التمييز بين الخطاب السياسي الواعي الذي يهدف الى تحقيق المصلحة العامة وبين الخطابات التي تستهدف اثارة النعرات الفئوية لديهم من أجل تحقيق مصالح انتخابية ضيقة وآنية.
وأضاف الدكتور أبو صليب في تصريح مماثل ان الخطاب الانتخابي هو انعكاس لميول المجتمع وتوجهاته اذ ان المرشحين هم سياسيون في الاساس ويهدفون الى النجاح بالانتخابات «كما هناك البعض يراعي المصلحة العامة في سبيل تحقيق ذلك الهدف هناك البعض الاخر الذي ينظر فقط لمصالحه الذاتية ولا يمانع استخدام الخطاب الديني لتحقيق هذا الغرض».
وأوضح ان الخطاب الديني بطبيعته عاطفي ويؤثر في الناس خصوصا في المجتمعات الاسلامية ويستطيع أي فرد استخدامه بشكل مؤثر واذا تم استخدامه لجمع الصف الداخلي كان ذلك جانبا ايجابيا أما اذا تم استخدامه لاحداث الفرقة والانقسام فان نتائجه تكون سلبية جدا على المجتمع والافراد.
وذكر ان تعزيز مفاهيم الانتماء الوطني والوحدة الوطنية مسؤولية مشتركة بين الدولة بمؤسساتها ومؤسسات المجتمع المدني فضلا عن دور وسائل الاعلام في تعزيز المفاهيم الوطنية الى جانب دور المناهج التربوية والاسرة والمؤسسات التعليمية العليا ولا ننسى الدور الكبير للمساجد أيضا».
وعن استغلال البعض للخطاب الديني في الامور السياسية أعرب أبوصليب عن اعتقاده بأنه أمر مشروع على الاقل سياسيا «لكن تكمن الخطورة في استخدامه بطريقة خاطئة تؤدي الى استقطاب فئوي وتعصب بما لذلك من تأثير خطير على الامن الوطني الداخلي لأي مجتمع».
وأضاف ان المرشحين عموما يلجؤون الى الوسائل التي يرون بأنها يمكن أن تحقق لهم النجاح محذرا من مغبة اتباع سياساتها من شأنها احداث نوع من الاستقطابات وانما ترك العملية الانتخابية تأخذ مداها بكل حرية وشفافية وديمقراطية ووعي.
من جهته قال أستاذ علم الاجتماع في كلية العلوم الاجتماعية الدكتور فواز العنزي ان الخطابات الدينية الموجهة الى أفراد المجتمع غالبا ما تحمل تعاليم دينية بحتة وللصالح العام لذا يفترض في الانتخابات أو المشاركة السياسية ان تكون هذه الخطابات موجهة بطريقة ايجابية ومحفزة على المشاركة.
وأضاف الدكتور العنزي ان الخطاب الديني يتم أحيانا استغلاله عاطفيا لتوجيه الرأي العام نحو توجه سياسي معين وذلك لا يخدم الصالح العام وانما يخدم مصالح ضيقة لذا يجب أن يكون الخطاب شاملا لكل القضايا الاجتماعية التي تهم المواطن بشكل عام.
وذكر ان المساجد مؤسسة اجتماعية مهمة وتقوم بدور كبير في حياتنا ومن المهم جدا توجيه الخطباء والائمة والدعاة للتحدث عن قضايا من شأنها تعزيز الوحدة الوطنية وتشجيع قبول واحترام آراء الاخرين.
وبين العنزي ان العاطفة ربما لاتتفق بالضرورة مع العقل وغالبا ما يخاطب المرشحون مشاعر الناخبين وعواطفهم ويطرحون قضايا عاطفية لا سياسية ولا اصلاحية بالتالي ينقاد الناخب بعواطفه وليس بعقله وقناعته لافتا الى وجوب اخضاع الناخب اختياره لعقله وقناعته قبل كل شيء.
وعن الاعتبارات التي ينبغي أن نوليها أهمية الى جانب الخطاب الديني للوصول الى أدراك اكبر لدى الناخبين أشار الى وجوب تلمس معاناة المواطنين ومشكلاتهم وتسليط الضوء عليها ووضع الحلول لها ومنها على سبيل المثال قضايا الشباب والرعاية الصحية والتعليمية والسكنية وما شابه ذلك.