
شهدت مصر واحدة من أكبر عمليات الاحتيال الإلكتروني في تاريخها، بعد أن انكشفت حقيقة منصة FBC، التي استدرجت آلاف المصريين بوعد تحقيق أرباح خيالية من خلال التسويق الإلكتروني، قبل أن تختفي فجأة، تاركة وراءها خسائر تقدر بنحو 6 مليارات جنيه.
استندت FBC إلى نظام الاحتيال الهرمي، حيث كان على المستخدمين دفع اشتراكات تتراوح بين 5 آلاف و20 ألف جنيه للحصول على مهام ترويجية لمنصات إلكترونية. في المقابل، كانوا يحصلون على أرباح تصل إلى 450 في المئة بشرط جذب مشتركين جدد، وهو ما يفسر الانتشار السريع للمنصة، حيث وصل عدد المشتركين إلى 15 ألف شخص خلال أسابيع قليلة.
وبدأ التطبيق في محافظة الدقهلية قبل أقل من عام، حيث بدأ الترويج له في مـــــايــــو 2024 باعتبــــاره فرصة ذهـبية لتحقيق الثراء السريع. وسرعان ما انتشرت إعلاناته عبر مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيس بوك، وتيك توك، وإنستغرام، مستهدفة الفئات البسيطة، خصوصاً بعد صرف عوائد شهادات الـ30 فــــي المئة البنكية، مما دفــــع الكثيرين للبحث عن طرق جديدة لاستثمار أموالهم.
قبل أيام قليلة من إغلاق المنصة، نظم مسؤولو الشركة في مصر حفل عشاء فاخر داخل قاعة بمدينة إمبابة، حضره عدد من المشتركين الذين تمكنوا من جذب آلاف الضحايا.
وكان الهدف من الحدث تعزيز الثقة في المنصة، وإيهام المشتركين بأن الاستثمار آمن تماماً، إلا أن المفاجأة جاءت بعد فترة قصيرة، عندما أغلق التطبيق واختفى المسؤولون تماماً.
المنصة التي روّجت لنفسها على أنها تابعة لشركة عالمية مقرها لندن، تحمل اسم FBC (FUTUREBRAND) LIMITED، وزعمت أنها تعمل في مجال إدارة العلامات التجارية منذ عام 2000، بل وأكدت أنها تتعاون مع الحكومة المصرية للقضاء على البطالة، عند البحث عن أصلها بعد الاختفاء، لم يتم العثور على أي شركة بهذا الاسم في بريطانيا، بل تبين وجود شركة تحمل نفس الاسم في الصين، ولا علاقة لها بمصر أو بالمجال الذي روّجت له المنصة.
وعندما حاول المشتركون سحب أرباحهم، تفاجأ الجميع بإغلاق التطبيق، في حين زعم القائمون عليه أن المنصة تعرضت لهجوم إلكتروني من قبل «هاكرز»، مؤكدين أن المشكلة سيتم حلها خلال ساعات. لكن هذا لم يكن سوى خدعة جديدة، حيث أغلقت جميع أرقام هواتف المسؤولين، ولم يتمكن أحد من التواصل معهم، مما كشف عن مخطط النصب المحكم.
ومع تزايد أعداد الضحايا، تقدم العديد منهم ببلاغات رسمية، مما دفع الأجهزة الأمنية إلى فتح تحقيق واسع في القضية. وقد تم القبض على أحد المشتبه بهم في محافظة البحيرة، وسط محاولات لكشف هوية المسؤولين الحقيقيين عن المنصة.
هذه الواقعة أعادت للأذهان فضيحة «QNET» الشهيرة، التي استخدمت التسويق الشبكي للإيقاع بالضحايا في مصر على مدار سنوات سابقة. لكن هذه المرة، تم توظيف التكنولوجيا بشكل أكثر احترافية، مما جعل عملية الاحتيال تبدو أكثر مصداقية، حيث لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دوراً رئيسياً في انتشار الخدعة، بعدما تم إغراق المنصات بإعلانات توحي بالشفافية والشرعية، بينما كانت الحقيقة بعيدة كل البعد عن ذلك.