
«وكالات»: قد لا يعرف الكثيرون أن أعماق المحيطات ليست هادئة على الإطلاق، وإنما هي أماكن صاخبة يعلو فيها الضجيج، وإن كان علماء البحار لا يعرفون على وجه التحديد مصادر كل هذه الضوضاء.
ومن هناك جاءت فكرة «غلوبز» أي المكتبة العالمية للأصوات الحيوية في الأعماق. وقد ظهرت هذه الفكرة للمرة الأولى في إطار مشروع «التجربة الدولية للمحيطات الهادئة»، وهي مبادرة تستهدف تنسيق جهود استخدام شبكة عالمية للميكروفونات غير العسكرية للإنصات إلى ما يحدث تحت سطح الماء.
ورغم أن مبادرة غلوبز لم تستكمل بعد في طورها النهائي، إلا أن فريقا من الباحثين يعكف على إرساء القواعد التي سوف يستند إليها هذا المشروع العلمي العملاق.
ويرى العلماء أنك إذا تركت جهاز ميكروفون يعمل تحت صفحة المياه، فإنك سوف تعرف الكثير عن طبيعة الحياة في الأعماق من خلال فك شفرات التناغمات الصوتية التي تستمع إليها.
ويقول جيسي أوسوبل الباحث في مجال البيئة بجامعة روكفيلر الأميركية ومدير برنامج «التجربة الدولية للمحيطات الهادئة»: «يمكنك أن تستمع إلى أصوات قطرات الأمطار وتكسر الأمواج الهادرة والبراكين التي تنفجر تحت الماء، فضلا عن صخب السفن ومراكب الصيادين وهي تسحب شباك الصيد، فضلا عن أصوات الكائنات البحرية بالطبع».
صوت إحدى الفقمات في ألاسكا، وهو مأخوذ من قاعدة بيانات صوت الثدييات البحرية (بوبيلر ساينس)
وأضاف في تصريحاته التي أوردها الموقع الإلكتروني «بوبيولار ساينس» المتخصص في الأبحاث العلمية أن «الصوت له قوة كبيرة تحت الماء، حيث إنه ينتقل بشكل جيد بعكس الضوء، ومن ثم، فإن الصوت يمثل عنصرا رئيسيا في نمط حياة كثير من الأشكال البحرية».
وفي ربيع 2020، وبسبب تفشي جائحة كورونا، انحسرت أنشطة الشحن البحري حول العالم وتراجعت أعمال الحفر والتنقيب عن النفط والغاز الطبيعي في البحار والمحيطات، وكانت هذه الفترة بمثابة فرصة مثالية للعلماء لاكتساب مزيد من المعلومات بشأن توزيع وتنوع الحياة البحرية، عن طريق مجرد الاستماع إلى أصوات الشعاب المرجانية وهمسات أعشاب البحر.
وعندما أدرك الباحثون أهمية هذه الأصوات ودورها في خدمة البحث العلمي، وجدوا أنهم بحاجة إلى مكتبة صوتية لأصوات البحار والمحيطات تكون بمثابة مرجعية بالنسبة لهم. ويوضح أوسوبل: «بصرف النظر عما إذا كانت المرجعية هي بصمة أو صورة فوتوغرافية أو صوت، فإنك دائما بحاجة إلى عنصر تستخدمه للمقارنات».